x

اخبار رسالة وزارة الثقافة وأدوار هيئاتها (1- 2) اخبار الخميس 09-07-2015 21:30


مصطفى النشار

إن إعادة البناء أو إعادة الهيكلة لأى مؤسسة أو هيئة ينبغى أن يبدأ من من تحديد رؤيتها ورسالتها، وللأسف ليس لوزارة ثقافتنا رؤية واضحة ولا رسالة محددة، ومن ثم اعتمد العمل الثقافى فيها على الارتجالية واستند دائما على ما يقرره الوزير المختص فى ضوء متطلبات المرحلة السياسية التى يعمل فيها وفى ضوء توجهات الدولة ممثلة فى رئيسها ومساعديه فى هيراركية السلطة التنفيذية. والآن ما الرؤية والرسالة لهذه الوزارة ذات الأهمية البالغة لأى أمة تريد أن تنهض؟!

أعتقد أن الرؤية المقترحة يمكن أن تدور حول: خلق بيئة مواتية للعمل الثقافى الخلاق وتيسير سبل الإبداع ورعاية الموهوبين فى أرجاء الوطن. أما الرسالة فهى العمل على تيسير سبل الثقافة للجميع لتحقيق ديمقراطية الثقافة والارتقاء بالذوق العام فى مختلف مجالات العلوم والفنون والآداب.

وفى ضوء هذه الرؤية يمكن لكل واحدة من هيئات الوزارة أن تحدد رؤيتها المستقلة من قلب هذه الرؤية العامة، وكذلك أن تقوم برسالتها على أكمل وجه بعد تحديدها فى ضوء الرسالة العامة للوزارة، بحيث لا تتضارب الاختصاصات ولا تتداخل إلا بقدر ما ييسر العمل وينفذ السياسات والاستراتيجيات وفقا لمطالب كل مرحلة تمر بها الدولة ويقودها العمل الثقافى وتواكبها الأعمال الإبداعية فى تناغم لا ينبغى أن يغيب أبدا عن العمل الثقافى وفى حرص دائم على رعاية الموهوبين وتنمية وتوفير الإمكانيات اللازمة للإبداع.

وفى هذا الإطار العام يأتى دور «المجلس الأعلى للثقافة» باعتباره «عقل» الوزارة المفكر والقائم على تحقيق الرؤية وتنفيذ الرسالة عبر هيئات الوزارة الأخرى التى هى بمثابة «الجسم والأذرع» لهذا العقل المدبر. ومن هنا جاء التوصيف الدقيق لدوره فى القرار الصادر بتأسيسه عام 1980 حيث يقول القرار عن المجلس «إنه يمثل طليعة وصفوة وقادة المثقفين والفنانين والأدباء والمفكرين والمبدعين فى مصر، ويهدف إلى تيسير سبل الثقافة للشعب وتعميق ديمقراطية الثقافة والوصول بها إلى أوسع قطاعات الجماهير مع تنمية المواهب فى شتى مجالات الثقافة والفنون والآداب واطلاع الجماهير على ثمرات المعرفة الإنسانية وتأكيد قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية».

ولكى يقوم بهذا الدور ينص القرار على أنه تساعده فى ذلك 22 لجنة ثقافية متخصصة تم زيادتها الآن فأصبحت 26 لجنة. والمطلوب الآن فى إطار إعادة الهيكلة النزول بهذه اللجان للحد الأدنى الذى يمنع التكرار والتداخل بين الاختصاصات سواء بين لجان المجلس ذاته أو بينها وبين لجان تابعة لهيئات أخرى داخل نفس الوزارة.

وينبغى أن يقوم بهذه المهمة اللجنة العليا بالمجلس والتى أقترح أن تقتصر عضويتها على 25 عضوا فقط من الحاصلين على جوائز النيل فى مختلف الفروع وتتجدد العضوية فيه كل ثلاث سنوات بتجديد نصفى يحافظ على التوازن بين الخبرة فى عمل المجلس وبين الاستفادة من خبرات جديدة ومتجددة بالإضافة إلى الوزير، والأمين العام للمجلس الذى ينبغى أن يختار بعناية من بين من لديهم الخبرة فى العمل الثقافى العام والخبرة الإدارية المتميزة، ويمكن أن ينتدب من أى جهة كانت فى الدولة.

وعلى نفس النحو تتشكل اللجان المختلفة داخل المجلس بحيث لا يزيد عدد أعضاء أى لجنة على 15 عضوا، وأن يكون اختيارهم من بين أشهر العاملين فى حقل تخصص اللجنة ومن المشهود لهم بالمشاركة فى الشأن العام وممن لهم إسهام بارز فى الإنتاج العلمى فى حقل التخصص.

وأن يكون مشهودا لهم بحسن السيرة والخلق باعتبارهم القدوة والمثل الأعلى لأهل التخصص. وأن يمثلوا بقدر الإمكان مختلف المحافظات والمناطق الجغرافية فى أرجاء الوطن، على أن يكون من بين أعضاء كل لجنة اثنان من شباب هذا التخصص أو ذاك يمثلون الأجيال الأصغر من المتخصصين، وأن يراعى تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى كل لجنة بحيث لا يقل تمثيل المرأة عن ثلاثة أعضاء فى كل لجنة، وأن يمثل فى اللجنة بقدر الإمكان كل أو معظم الفروع التى يشملها ميدان عمل اللجنة، وأن يتجدد نصف أعضاء اللجنة دوريا كل ثلاث سنوات حتى تظل تجمع بين خبرة الأعضاء الحاليين وحماسة ونشاط الأعضاء الجدد.

أما فيما يخص كيفية عمل هذه اللجان؛ فيجب تنويع أنشطة اللجان بحيث لا تقتصر على الاجتماعات والندوات والمؤتمرات وإصدار النشرات أو المطبوعات بشكل مركزى كما هو حادث الآن، بل ينبغى أن يتم عقد هذه الندوات والمؤتمرات بشكل دورى بين عواصم المحافظات المختلفة ومراكزها الكبرى؛ وذلك بالتعاون مع هيئة قصور الثقافة ومحافظى هذه المحافظات؛ مما يساهم فى نشر الثقافة والتنوير فى ربوع الوطن ويحقق هدفا من أهداف المجلس وهو ديمقراطية الثقافة.

كما ينبغى ضرورة تفعيل وتسهيل سبل التعاون والمشاركة بين لجان المجلس فى الأنشطة المختلفة حتى لا تصبح اللجان جزرا منعزلة كما هو حادث الآن، ويمكن أن يتم ذلك عبر اجتماع شهرى بين مقررى وأمناء كل اللجان برئاسة الأمين العام للمجلس؛ فمن شأن ذلك التنسيق والتفاعل بين أنشطة اللجان المختلفة وعدم تكرارها وازدواجيتها، كما لا ينبغى ألا يقتصر نشاط هذه اللجان على أعضائها، بل ينبغى النص على أن مشاركة أعضاء اللجنة فى أى نشاط تقوم به تقتصرعلى التنسيق ورئاسة بعض الجلسات حتى تتاح فرص المشاركة أمام أكبر عدد ممكن من أهل التخصص للمشاركة واكتساب الخبرات.

أما قطاع العلاقات الثقافية الخارجية وهو الذراع الخارجية للمجلس وللوزارة؛ فهو المعنى بإدارة علاقات مصر الثقافية الخارجية ورسالته واضحة فى قرار إنشائه؛ حيث ينبغى أن يدير هذه العلاقات الخارجية بأسلوب يتسم بالتكامل العضوى مع توجهات مصر الخارجية، ومن مهامه توثيق وتدعيم صلاتنا بالثقافة العالمية والسعى إلى تكثيف وجود مصر الثقافى فى العالم بإنشاء برامج التبادل الثقافى مع الدول المختلفة وإظهار وجه مصر الحضارى لدول العالم وإبراز هوية مصر الثقافية وبيان مدى قدرتها على التفاعل الإيجابى مع الثقافات العالمية.

وفى هذا الإطار ينبغى أن يتبع هذا القطاع الأكاديمية المصرية للفنون بروما؛ باعتبارها مؤسسة حكومية تستهدف نشر وتعريف العالم الغربى انطلاقا من روما بالفنون والثقافة والآداب المصرية والعربية من خلال أنشطة مختلفة تتم على مدار العام وفق خطط مدروسة وواعية، كما ينبغى أن يتبعه أيضا وبالتعاون مع وزارة الخارجية الملحقيات الثقافية وتعيين الملحق والمستشار الثقافى المصرى ببلاد العالم المختلفة، وذلك بالتنسيق أيضا مع وزارة التعليم العالى؛ نظرا لأن هذه الملحقيات مسؤولة أيضا عن البعثات التعليمية فى هذه البلدان.

وإذا كان ذلك يتعلق برسالة وزارة الثقافة وسبل تحقيقها من خلال مجلسها الأعلى وذراعها الخارجية متمثلة فى قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، فماذا عن قطاعاتها الأخرى والتى تعمل على تنفيذ رؤية ورسالة هذه الوزارة المهمة جدا داخل البلاد بما يضمن التحول الحقيقى لثقافة المصريين حتى يصبح الجميع على قدر كبير من الفهم والوعى الذى يمكنهم من المشاركة الفاعلة فى بناء تلك النهضة الحضارية التى ننشدها لبلدنا؟! هذا هو موضوع مقالنا القادم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية