x

«داعش» يقسم يقسم العشائر السنية في سوريا والعراق بالترغيب والترهيب

الأحد 05-07-2015 19:49 | كتب: عنتر فرحات, أ.ف.ب |
مقاتلو العشائر العراقية المنضمون للقتال ضد داعش يقومون بتمشيط إحدى المناطق بمحافظة الأنبار مقاتلو العشائر العراقية المنضمون للقتال ضد داعش يقومون بتمشيط إحدى المناطق بمحافظة الأنبار تصوير : رويترز

تنقسم العشائر السنية في سوريا والعراق حول الموقف من تنظيم «داعش» المتطرف الذي يستخدم سياسة الترغيب والترهيب لاستمالتها أو لإخضاعها، بحسب ما يقول خبراء.

وضربت الحرب في البلدين اللذين يتواجد التنظيم الجهادي في مساحات واسعة من أراضيهما التضامن العشائري التقليدي الذي كان مضرب مثل عبر التاريخ، وانقسمت العشائر بين موال أو رافض لتنظيم «داعش»، الذي دعا كل المسلمين إلى الانضمام إلى «الخلافة» التي أعلنها قبل أكثر من عام.

ويشكل ولاء العشائر أمرا أساسيا بالنسبة إلى تنظيم «داعش»، لتوطيد سلطته في المناطق التي يحتلها. وقد اعتاد بعد السيطرة على مناطق فيها تواجد نافذ للعشائر على بث أشرطة مصورة على الإنترنت تتضمن مبايعة هذه العشيرة أو تلك للتنظيم.

في الرمادي العراقية التي سيطر عليها التنظيم في مايو الماضي، يقول شيخ إحدى العشائر في أحد هذه الأشرطة «نقول لأهلنا في الأنبار إن مصيرنا واحد وموقفنا واحد وسيفنا مع إخواننا جنود (الدولة الاسلامية) موجه صوب عدو واحد».

ويضيف «نحن ركاب سفينة واحدة، إما أن ننجو جميعا وإما أن نهلك (...). لذا لن نسمح لأحد بخرق سفينتنا أيا كان إسمه ونسبه وانتماؤه، فالدولة دولتنا والأرض أرضنا».

وكانت هذه المشاهد حصلت في الفلوجة العراقية وفي الرقة ودير الزور في سوريا.

ويقول حيان دخان وسنان حواط في دراسة مشتركة وضعاها بعنوان «الدولة الاسلامية والعشائر العربية في شرق سوريا»، إن بين العوامل التي تفسر مبايعة العشائر لتنظيم «داعش» هي «الحماية والفوائد الاقتصادية»، بالإضافة إلى «عامل الخوف الذي يتم استغلاله ببراعة من التنظيم». كما أن «المآخذ» التي للعشائر على النظام السوري «تجعلها تقبل أو تغض الطرف عن التنظيم في مواجهة عدو مشترك».

ويسيطر تنظيم «داعش» على مساحات واسعة من شمال سوريا وشرقها ومن شمال العراق وغربه، وبينها أراض فيها حقول نفطية. ويقطن العديد من أبناء العشائر هذه المناطق. وعلى الرغم من أن العلاقة بين بعض العشائر والنظام السوري لم تكن سيئة قبل الحرب، إلا أن الفرز الطائفي الذي احدثه النزاع المستمر منذ أكثر من 4 سنوات، جعل العديد من السوريين السنة وبينهم شريحة من أبناء العشائر، يتعايشون مع تنظيم «داعش» الذي يجمعهم به المذهب السني.

وكان نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، يمنح أبناء العشائر مناصب في الدولة ومساعدات. في المقابل، بحسب ما جاء في دراسة دخان وحواط، كانت العشائر تدعم الحكومة في مواجهاتها مع الإخوان المسلمين من جهة، والأكراد الساعين إلى تكوين إدارة ذاتية من جهة ثانية. إلا أن هذه العلاقة تراجعت مع وصول بشار الأسد إلى السلطة والانفتاح الاقتصادي الذي قلص الوظائف في القطاع العام، كما الخدمات التي تقدمها الدولة للعشائر.

وتقول الدراسة إن التنظيم «حاول أن يملأ الثغرات الناتجة عن انسحاب الدولة».

في المقابل، استخدم «داعش» القوة والعنف لترهيب المترددين أو المعارضين. فبعد سيطرته على مجمل محافظة دير الزور في شرق سوريا في صيف 2014، لم يتردد في قتل أكثر من 900 من أبناء عشيرة الشعيطات السنية بأبشع الوسائل، بينها الذبح وقطع الرؤوس.

وتقول دراسة دوخان وحواط «إنه يدعو من يحاول تجنيدهم إما إلى اختيار الحصان الرابح أو الموت».

وفي العراق، يمكن تفسير التقارب الحالي الحاصل بين العشائر السنية وتنظيم «داعش»، بالاحباط الذي يعيشه السنة منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين. علما بان العشائر السنية نفسها كانت العنصر الأساسي في تشكيل «الصحوات» التي واجهت مجموعة «دولة العراق الاسلامية» الموالي لتنظيم «القاعدة»، في بداية ظهورها بعد الاجتياح الأمريكي للعراق.

ويقول هشام داود المتخصص في الأنتروبولوجيا والخبير في شؤون العشائر العراقية إن «القرارات الكارثية لمسؤول الإدارة المدنية الأمريكي السابق في العراق بول بريمر (2003-2004)، والتي زادتها سوءا الحكومات التي تهيمن عليها الأحزاب الدينية الشيعية، أوصلت إلى طرد العسكريين السابقين المتحدرين من العشائر والذين كانوا يتمتعون بالحظوة لدى صدام، وإلى إدراجهم في صفوف الأعداء وإلى حرمانهم من مركزهم الاجتماعي وراتبهم».

ويضيف «انتقل هؤلاء من البعثية إلى الجهاد المتطرف، وباتوا يشكلون القاعدة العسكرية والسياسية لتنظيم (داعش)»، لا سيما منهم عشيرة البو عجيل المتهمة بتنفيذ مجزرة ضد المجنديين العراقيين في قاعدة «سبايكر» قرب تكريت. كذلك ينطبق الأمر على عشيرة عبيد في الموصل.

في المقابل، بعد رفض عشيرة الجغايفة تسليم 150 شخصا كان تنظيم «داعش» يعتبرهم «أعداء»، وأعلن التنظيم الجهادي الحرب على العشيرة، وباتت حديثة، معقل الجغايفة، المنطقة الوحيدة التي لا تزال تواجه التنظيم في «ولاية الأنبار»، وهددها المتحدث باسم التنظيم أبومحمد العدناني بالقضاء عليها.

إلا أن ولاء العشائر أو عداءها للتنظيم الجهادي غير معمم على أبناء العشيرة الواحدة.

ويقول الشيخ نواف الملحم، الزعيم العشائري والنائب في مجلس الشعب السوري، «لم تبايع أي عشيرة بكل أفرادها (داعش) أو حتى (جبهة النصرة)، أو الفصائل المقاتلة الأخرى. هناك أفراد يدعمون التنظيم لكنهم لا يمثلون كل العشيرة، على الأكثر قد يمثلون 20 من عشيرتهم».

ويقول الشيخ صلاح حسن الندا من عشيرة البوناصر التي كان ينتمي إليها صدام حسين، «لو انضمت كل العشائر السنية إلى (داعش)، لكانت غيرت ميزان القوى في العراق».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية