اختلفت الأقاويل حول هذا الرجل، ولكن المتعارف عليه أنه رجل أتاه الله من آياته الكثير وكان من أهل العبادة، لكنه ترك كل ذلك وركض وراء الدنيا وشهواته وملذاته، وراح يظاهر ويناصر أهل الكفر على المؤمنين بكل الأساليب والطرق، ولهث خلف الشهوات وسقط في وحلها، فنزل فيه قوله تعالى في سورة الأعراف «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ، سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُون».
فبحسب ما توضح دراسة تحليلية لموقع «المسلم» فإن أغلب المفسرين قالوا إن الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هو بلعام بن باعوراء، وكان من أهل العلم، وأنه كان أيضا من أهل العبادة حتى اشتهر بكونه مجاب الدعوة ولكنه لم يكن نبيا، لأن ما صار إليه وما ختم له به يعصم الله عنه الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
فيما يذكر موقع «إسلام ويب» إن المراد بهذه الآيات هو أمية بن أبي الصلت الثقفي، وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسل رسولا في ذلك فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم حسده وكفر به، وقيل هو أبو عامر بن صيفي وكان يلبس المسوح في الجاهلية، فكفر بالنبي، وقيل : نزلت في قريش آتاهم الله آياته التي أنزلها على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكفروا بها ، وقيل إنها نزلت تتحدث عن شخص يقال له ناعم، وكان من بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام.
ويقول القتيبي في تشبيه القرآن لهذا الرجل بالكلب: «كل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش، إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال، وحال الراحة وحال المرض، وحال الصحة، وحال الري، وحال العطش، فضربه الله مثلا لمن كذب بآياته، فقال: إن وعظته ضل وإن تركته ضل، فهو كالكلب إن تركته لهث وإن طردته.