على خلاف ما اعتاد عليه التونسيون اختار الرئيس اليسارى السابق، المنصف المرزوقي، طيلة السنوات الثلاث التي ترأس فيها البلاد أن يسير على نهج مختلف للنهج البورقيبي القائم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، فساند حكومات جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وليبيا وقرر طرد السفير السوري لتكون تونس أول بلد عربي يقدم على ذلك بل وفتح الباب أمام مؤتمر «أصدقاء سوريا».
وكانت هذه عينة من عدة مواقف أثارت غضب سياسيين وشريحة كبيرة من المواطنين وكانت عواقبها وخيمة أبرزها توتر العلاقات مع عدد من البلدان الصديقة وحتّى الشقيقة.
وضمن حملته الانتخابية، تعهد الرئيس الحالى، الباجى قائد السبسي، بإصلاح الوضع والعودة بتونس إلى ثوابتها القديمة وتجديد بريقها الخارجي بترميم ماأفسده سلفه المرزوقى، لتستعيد بلاده مكانتها وإشعاعها العربى والدولى.
ورغم أن الفترة التي مضت على استقراره بقصر قرطاج لا تزال غير كافية لتقييم أدائه الدبلوماسي، إلا أن البعض يقر بأن هناك تغييرا واضحا في هذا الملف يظهر من خلال عدّة مواقف منها إعادة العلاقات مع مصر ومزيد من التنسيق مع الجزائر واستئناف العلاقات مع سوريا وإن كان ذلك بشكل محدود إضافة إلى مد قنوات التواصل مع دول الخليج والتوجه نحو أوروبا وأمريكا لجلب الاستثمارات.
وقال الدبلوماسي السابق، ووزير خارجية تونس في عهد السبسي، أحمد ونيس لـ«المصري اليوم» إن «الرئيس يسير على الطريق الصحيح، ولكن بتأن وحذر شديدين في ظل مخاطر تعقيدات الوضع على المستوى الإقليمي والدولي، مشيدا بالإنجازات الاقتصادية التي أحرزها السبسي ليلمس الشعب نتائجها في المستقبل».
وفى المقابل، أكد الدبلوماسي التونسي السابق، عبدالله العبيدي، إنه لم يتم تسجيل أي تحسن في السياسة الخارجية لتونس لأن «المحيط مهتز»، وأضاف أنه لاوجود لإصلاح حقيقي للدبلوماسية التونسية وعلل ذلك بأن تونس مثلها مثل كل الدول العربية لا تمتلك قرارها بيدها.
كما أشار أن «الدبلوماسية التونسية لم تمر بعد باختبارات حقيقية يمكن تقييمها، بل يمكن وصفها بالمتذبذبة»، واستدل في هذا السياق بتضارب مواقف السبسي مع مواقف وزير خارجيته في ملف إعادة العلاقات مع سوريا .