طالب اتحاد الفلاحين الحكومة بحماية شركة الدلتا للأسمدة من الانهيار، متهمًا وزارة الزراعة بتنفيذ مخطط لتصفية مصنع «طلخا» لمصلحة القطاع الخاص بدلا من دعمه في تأدية دوره في خدمة القطاع الزراعي.
وقال الدكتور صلاح هلال، وزارة الزراعة، إن الاجتماع الذي عُقِد في الثاني من إبريل الماضي، في وزارة الاستثمار، بحضور وزراء الزراعة والإسكان والاستثمار، ووكيل عن وزير البترول، ورئيس الإدارة المركزية لشؤون المديريات في وزارة الزراعة، ناقش مشاكل توريد الأسمدة المدعمة للجمعيات الزراعية، ومشاكل شركات إنتاج الأسمدة، خاصة شركة «الدلتا» التي تعاني من عدم تحقيق فائض إنتاجي للبيع في السوق المحلية الحرة.
وأوضح «هلال» أنه طلب من «الدلتا» تأجيل النظر في طلب الشركة بالموافقة على بيع ٥٠٪ من الإنتاج للسوق المحلية، بسعر ٢٧٠٠ جنيهً للطن، وذلك لمدة 3 أشهر، حتى يضمن سد عجز الأسمدة الآزوتية في الجمعيات الزراعية.
يأتي ذلك فيما أكدت الشركة، على لسان رئيس الشركة المهندس محسن نصر، أن شركته تتعرض لمجموعة من الخسائر تتطلب تدخل وزير الزراعة لمساعدة الشركة على إيقاف نزيف خسائرها، التي بلغت السنة المالية الماضية نحو 298 مليون جنيه، وبدء تسديد مديونياتها لوزارة البترول «مستحقات شراء الغاز»
وقال المهندس محسن نصر، رئيس الشركة، في مذكرة لاتحاد الفلاحين، إن ما يحدث لشركة «الدلتا» من قبل الحكومة متمثلا في وزارة الزراعة، يدفع الشركة نحو الخسارة الجبرية، التي بلغت حتى الآن في العام المالي الجاري، نحو 100 مليون جنيه، وقد تقترب من خسائر العام الماضي، حيث تخسر الشركة نحو 500 جنيه عن كل طن يتم توريده لوزارة الزراعة.
وأوضح «نصر» في مذكرته للاتحاد، أن «الدلتا» قامت بتوريد أكثر من 1.2 مليون طن سماد خلال الفترة من 1/1/2012 حتى 31/12/2014 لوزارة الزراعة، خسرت فيها الشركة أكثر من 600 مليون جنيه خلال هذه الفترة، في الوقت الذي دعمت وزارة الزراعة خلال هذه الفترة فقط بأكثر من 1.2 مليار جنيه فرق سعر بيع هذه الكمية في السوق المحلية الحرة، عن سعر التوريد للوزارة (1700 جنيه للطن).
وبيّن «نصر» أن شركة «الدلتا» هي الشركة الحكومية الوحيدة بنسبة 100%، ما يعني أن الأرباح تصب في عصب الاقتصاد المصري، وأن الخسائر المتوالية تعوق هذه الشركة عن التطوير الذي يعينها على تقليص الفاقد في الإنتاج نتيجة تقادم المصانع، وزيادة سنوات تشغيلها عن ضعف عمرها الافتراضي، ما يعني تعرض الشركة للتصفية، وهو ما تصدى له وزير الاستثمار بقوة خلال اجتماع الثاني من إبريل.
وطالب «نصر» الحكومة بإعفاء شركة «الدلتا» من مديونيات الغاز «التي لا دخل للشركة فيها، والتي يجب أن تتحملها وزارة الزراعة»، مطالبًا وزارة البترول، في مذكرة قدمها لوزير الاستثمار، بعدم توقف الغاز عن شركة «الدلتا» إطلاقا، وألا يتم تخفيض أحمال الغاز عن مستوى 90%، حتى تتمكن الشركة من إنتاج الأسمدة بكمية تسمح بتوريد حصتها لوزارة الزراعة، وتحقيق فائض «ولو قليل»، لبيعه في السوق المحلية الحرة.
وتقدم «نصر» باقتراح إلى وزير الزراعة، بالسماح لشركة «الدلتا» ببيع 50% من إنتاج الشركة (25 ألف طن ـ في حالة الإنتاج بنسبة 80%)، في السوق المحلية بالسعر الحر، لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها من مرتبات للعاملين التي تزيد على 25 مليون جنيه شهريًا، وكذلك البدء في سداد مديونيات الغاز، مطالبًا بأن يستمر هذا الوضع حتى تتمكن الشركة من سداد مديونيات الغاز كاملة، والتي تحفظ «نصر» على كشفها، لكن مصادر مطلعة بعيدة عن «الدلتا» قدرتها بأكثر من 800 مليون جنيه.
ومن جانبه، قال محمد فرج، رئيس الاتحاد العام للفلاحين المصريين، إن الاتحاد سيتبنى مهمة إنقاذ «تفليس» شركة «الدلتا» عمدًا، كونها شركة حكومية، حيث قال رئيسها في مذكرة للاتحاد، إنها عانت طويلا من التوقف بسبب وقف ضخ الغاز عدة مرات عنها، إضافة إلى التوقف الجبري الناتج عن أعطال خط الإنتاج القديم، الذي يعمل منذ 35 عامًا، دون تطوير أو تحديث، كما أنه لا يُسمَح بتصديرها الأسمدة على غرار شركات القطاع الخاص.
وأضاف «فرج» أن الوزارة تكيل بمكيالين في تقدير حصص شركات إنتاج الأسمدة، مؤكدًا أن شركة أبوقير للأسمدة تنتج ما يزيد على 200 ألف طن شهريًا، ولم تطلب منها وزارة الزراعة سوى 140 ألف طن فقط، حيث تملك 3 مصانع، مطالبًا وزير الزراعة بإلزام «أبوقير» بتوريد 160 ألف طن، مقابل 30 ألف طن فقط لـ«الدلتا»، حتى تتمكن الأخيرة من الوقوف والمنافسة، بدلا من تفليسها وتخريدها، كما حدث في شركات قطاع الأعمال والقطاع العام سابقا.
أما خالد سيف، نائب رئيس الاتحاد، فتعجب من إلزام شركة الدلتا بتوريد 50 ألف طن شهريًا، مقابل 35 ألف طن فقط لشركات القطاع الخاص التي تملك مصانع حديثه، مثل: «موبكو، حلوان، المصرية، والإسكندرية»، وذلك قبل توقفها تمامًا عن إنتاج الأسمدة الآزوتية منذ فترة طويلة، بسبب توقف ضخ الغاز لخطوطها.
وتعقيبًا على رأي الاتحاد العام للفلاحين المصريين، قال مجدي عبدالله، رئيس شؤون المديريات بوزارة الزراعة، المسؤول عن ملف الأسمدة في الوزارة، إنه في ظل توقف 4 مصانع قطاع خاص عن العمل، تدنت الحصة التي كانت تتسلمها الوزارة من 340 ألف طن شهريًا، إلى نحو 190 ألف طن فقط، ما يعني أن هناك عجزًا في الأسمدة يزيد على 60%، وأن محافظات الصعيد تعاني عجزًا شديدًا، خاصة في قنا التي تتطلب وحدها 77 ألف طن للوفاء باحتياجات زراعات القصب، وحتى الآن لم تتسلم سوى 29% فقط من احتياجاتها.
وطالب «عبدالله» بضرورة الحفاظ على توريد الـ190 ألف طن شهريا من «أبوقير» و«الدلتا»، مفيدا أن الأمر متروك لوزير الزراعة، في تعديل الحصص، «لكنه يرى ضرورة ألا تقل الكمية الموردة من الشركتين عن الـ190 ألف طن شهريًا»، مؤيدًا حق شركة «الدلتا» في العمل على تطوير مصنعها.
ومن جانبه، قال الكيميائي إحسان عنان، العضو المنتدب لشركة الدلتا، إن تهالك الخطوط القديمة لمصنع الشركة في طلخا، يؤدي إلى فقد 20 ألف طن شهريًا، مقارنة بخط حديث يعمل بنفس الطاقة الإنتاجية في مصانع القطاع الخاص، وذلك بسبب ما يعرف بفواقد الإنتاج، مشيرًا إلى إن مصنع «الدلتا» يستهلك 75 ألف متر مكعب من الغاز لإنتاج 1200 طن أمونيا، أي (2400 طن نترات، أو 2040 طن يوريا)، مقارنة بإنتاج الكمية نفسها في مصنع حديث من 55 ألف متر مكعب غاز فقط.
وأضاف «عنان» أن هذا البند فقط يكلف الشركة نحو 20 مليون جنيه شهريًا (240 مليون جنيه سنويًا)، تمثل قيمة 20 ألف متر مكعب غاز مفقودة في عمليات التشغيل شهريا، وهذا العيب يحسب ميزة تنافسية لمصانع القطاع الخاص التي تملك مصانع جديدة، وفقا للتكنولوجيا الحديثة.
وكشف «عنان» عن أن عدد العاملين في شركة الدلتا، يبلغ نحو 4000 عامل، وهذا العدد يكفي لتشغيل إجمالي مصانع القطاع الخاص العاملة في التخصص نفسه، وهي أعباء اجتماعية تتحملها الشركة كونها حكومية 100%.
ومن جانبها، قالت شاهندة مقلد، الأمين العام لاتحاد الفلاحين المصريين، إن الاتحاد سيرفع مذكرة بهذه القضية لوزارت الزراعة، والاستثمار، والصناعة والتجارة الخارجية، ومجلس الوزراء، كما سيناشد الاتحاد الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل لوقف خطة «تصفية القطاع العام».
وأوضحت «مقلد» أنها ستتبنى مهمة إنقاذ الشركة كونها قطاعًا عامًا، من خلال المجلس القومي لحقوق الإنسان، بصفتها المسؤولة عن ملف الفلاحين في المجلس، مؤكدة أن ما يحدث تجاه «الدلتا»، تتعرض له شركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، لصالح «مافيا الاحتكارات» في جميع المجالات، وليس في مجال الأسمدة فقط، لافتة إلى أن القضية مجتمعية في الأساس، حيث يمثل القطاع العام صمام الأمان للمجتمع المصري.