x

عبد الناصر سلامة القرار فى ذمة الرئيس عبد الناصر سلامة الإثنين 22-06-2015 22:59


رغم عدم صدور تكذيب رسمى، كنت أعتقد طوال الوقت أن ما نشر مؤخرا حول صدور قرار من وزير الدفاع بإعفاء ٥٤٧ منشأة تابعة لوزارته من الضرائب هو قرار غير صحيح، لسبب وحيد وجوهرى، وهو أنه ليس من صلاحيات الوزير قانوناً إصدار قرار بهذا الشأن، هو من صلاحيات الرئيس، أو البرلمان، وإلا فإن كل وزير يصبح من حقه إصدار قرار مماثل، بالتالى لا ضرائب، يعنى لا خدمات، يعنى لا مرافق، يعنى لا دولة، وهو ما لا يمكن أن يقبل به أى وزير، أياً كان، فما بالنا بوزير الدفاع!

وحتى إذا كان الوزير قد أخطأ وأصدر مثل هذا القرار، فبالتأكيد رئيس الجمهورية سوف يقوم بتصحيحه، حتى لا نكون أمام تأكيد للتفسير المتداول حول سبب عدم وجود برلمان حتى الآن، وهو إصدار مزيد من القرارات غير الدستورية فى غيبة ذلك البرلمان، ولكن ما يجعلنا نطمئن هو أن البرلمان فى حال وجوده، سوف يراجع مثل هذه القرارات، حتى الرئاسية منها، وبطبيعة الحال سوف يتوقف كثيرا أمام قرار غريب من هذا النوع، الذى يحرم المواطن من الحق فى حياة كريمة، تسهم فيها الضرائب بالدرجة الأولى، وفى نفس الوقت يخل بمبدأ المساواة، كما يفتح الباب واسعا أمام عمليات التهرب الضريبى، سواء على مستوى المؤسسات، أو الجماعات، أو الأشخاص.

نحن هنا أمام قرار لا يتعلق بمنشآت عسكرية، بقدر ما يتعلق بمنشآت ترفيهية، من نوع الفنادق، وصالات الأفراح، والقرى السياحية، ومشروعات إنتاجية متنوعة، وغيرها من المنشآت التى كان يجب أن يتساوى التعامل بشأنها مع نظيرتها من المنشآت المدنية، فما بالنا إذا عدنا إلى الوراء لنجد أن أراضى كل هذه المنشآت الترفيهية، ذات الطبيعة الربحية، لم تسدد القوات المسلحة عنها لخزينة الدولة مليما واحدا فى يوم ما، على اعتبار أن الأرض فى البداية كانت لأغراض عسكرية وقت الحرب، ثم تحولت بقدرة قادر وفى غيبة من القانون إلى مثل ذلك النشاط.

نحن هنا لا نناقش مدى تناسب مثل هذه الأنشطة مع دور القوات المسلحة، ولا نناقش عدم تقديم خدماتها للمواطن المدنى بأسعار متميزة، مادامت قد حصلت على الأرض مجانا، ولا نناقش إمكانية استفادة المواطن المدنى من الإقامة فى الفنادق مثلا بنفس أسعار العسكرى فى الخدمة أو خارجها. نحن فقط نناقش حق الدولة الرسمى فى الحصول على ضرائبها من أى منشأة كانت، فما بالنا إذا كانت هذه المنشأة تحقق أرباحا من جيوب المواطن المطحون بطبيعة الحال.

مازلت على يقين بأن هناك شيئاً ما خطأ، إما أن ما نشر عن محتوى القرار فيه التباس ما، وسوف نجد توضيحا بالضرورة، وإما أن هناك شيئا ما غير واضح فيما تم تداوله، وإما أن هناك تعديلاً ما سوف يصدر بخصوص القرار، وذلك لأنه بصيغته الحالية التى تم تداولها كارثة بكل المقاييس، لن يظل يقبل بها أبدا وزير الدفاع، وحتى إذا قبلها لأسباب غير مفهومة، فإن رئيس الدولة لن يقبل بها، خاصة فى ظل هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد، والتى تحتاج فيها إلى كل قرش من الداخل حتى لا نظل نتسول بالخارج، وما صناديق تحيا مصر، وأفراح مصر، ومن أجل مصر، ويا حبيبتى يا مصر إلا دليل واضح على حاجة الدولة.

ما هو مؤكد أيضا أن مثل هذا القرار، لو كان قد صدر عن أى وزير آخر، لكانت المحاكم قد أتخمت بقضايا تستهدف إبطاله أو إلغاءه، إلا أن ذلك لم يحدث، احتراما لدور القوات المسلحة من جهة، وخوفا ورعبا من بطشٍ أو تنكيلٍ من جهة أخرى، لكن فى الحالتين ندعو أولى الأمر إلى المبادرة بحسم الموقف، حتى لا يصل إلى هذا الحد المشين.

القرار إذن فى ذمة الرئيس.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية