مسجد الظاهر بيبرس بمدينة قليوب فى محافظة القليوبية من أهم المساجد الأثرية على مستوى الجمهورية، شاهدا صامتا على حقبة تاريخية مهمة شهدها عصر المماليك.
بنى المسجد الظاهر بيبرس عام ٦٧٠ هجرية، حينما كان والياً على ولاية قليوب، وأمر ببنائه لتخليد ذكراه قبل أن يصبح سلطاناً ويحكم مصر بعد القضاء على التتار فى معركة عين جالوت، ومقتل السلطان سيف الدين قطز.
وبرغم هذا التاريخ الحافل لصاحب المسجد إلا أن يد الإهمال لم ترحمه، ولم يتبق منه إلا أطلال، وتحول الميدان المحيط به- ويطلق عليه ميدان الجامع الكبير، أو ميدان الظاهر بيبرس، كما يعرفه أهالى مدينة قليوب- إلى مثال حى للإهمال، ليصل المسجد إلى حالة مزرية لا تليق بهذا الأثر، حيث يعانى الإهمال والفساد فى الوقت الذى قررت فيه وزارة الآثار ضمه للمواقع الأثرية، والبدء فى ترميمه منذ أكثر من ثلاث سنوات دون أى تحرك ملموس.
ويؤكد أهالى المنطقة أن الجامع كان منارة إسلامية كبيرة، وكان صحنه قبلة لكل متعبد وناسك، وكانت جدرانه وأسواره تمتلئ بالرسومات، حتى أغلق قبل نحو 6 سنوات عقب إعلان وزارة الآثار ترميمه، ثم تركوه فى حالة يرثى لها، حيث لم يتم استكمال أعمال الترميم، وتوقفت إقامة الصلوات به، مشيرين إلى أنه لم يتم البدء فى ترميمه إلا بعد قيام أهالى قليوب بحملة شعبية وتوقيعات عقب ثورة يناير للضغط على الدولة من أجل صيانته التى تسير ببطء شديد، مطالبين باستكمال أعمال الترميم بأسرع وقت ممكن وحماية المسجد الأثرى من الخراب.
وتم تنكيس المسجد وهدم دورات المياه بالكامل وإنشاء 22 دورة مياه رجالى وحريمى، لكن الواضح من الأعمال أنها ستأخذ وقتاً طويلاً بالرغم من إعلان وزارة الآثار أنه سيتم الانتهاء من الأعمال فى أقرب وقت.
يأتى هذا فى الوقت الذى أكدت فيه الإدارة المركزية للصيانة والترميم بالآثار، أن خطة أعمال ترميم مسجد الظاهر بيبرس الموجود بمنطقة قليوب تسير فى معدلاتها، وأن فريق الترميم استطاع إزالة التشوهات القديمة التى أثرت بالسلب على شخصية المسجد التاريخية، وكذلك تمت إزالة التشوهات التى نتجت عن أعمال الترميم فى السابق لحين افتتاحه قريبا.
ويروى الأهالى قصصاً غريبة حول المسجد، منها أن به شجرة جوافة عمرها يزيد على 60 عاماً، وطعم ثمارها حلو المذاق وشهى وأوراقها يأتى الناس للحصول عليها، حيث تساعد على شفاء الكحة وأمراض الربو تماماً، فضلاً عن وجود سراديب عميقة أسفل صحن المسجد وملحقاته، وهى سراديب مظلمة وليس لها نهاية، وتتفرع فى أكثر من اتجاه، بل إن بعض الروايات قالت إن تلك السراديب تصل إلى مسجد سيدنا الحسين فى القاهرة، كما أن هناك آباراً عميقة يتردد أنها مليئة بالآثار ومسكونة بالجن، فضلاً عن وجود ساقية بجوار مكان الوضوء وغرفة التسليح الخاصة بجيش السلطان بيبرس.
يذكر أن المسجد شهد عدة محاولات من بعض «السلفيين» للسيطرة عليه وهدم الضريح الملحق به قبل غلق المسجد بعامين، وتصدى لها الأهالى، لكنهم فشلوا فى وقف تحول محيط المسجد وساحته الخارجية إلى خرابة ومرتع لأصحاب عربات «الكارو»، ومكان لإطعام الحيوانات التى تجرُّ العربات فى مشهد لا يليق بتاريخ المسجد وقيمته الأثرية.
كانت وزارة الآثار طرحت أعمال الترميم والصيانة الكاملة لمسجد الظاهر بيبرس والمسجل كأثر ضمن أملاك هيئة الأوقاف المصرية وملحقاته بمدينة قليوب فى مناقصة عامة رقم ١٢ لعام ٢٠٠٣- ٢٠٠٤، وتمت الترسية على شركة المقاولون العرب التى قامت بترميم الواجهة وبعض الأعمال الداخلية، وانتهى الأمر عند ذلك، باعتبار أنه أثر، ولا يجوز التغيير فى معالمه، ثم تم الطرح مرة أخرى فى مناقصة عامة رقم 28 لعام ٢٠٠٩-٢٠١٠، وألغيت المناقصة فى أغسطس ٢٠١٠ وتم إسناد الأمر إلى شركة أخرى، ولا تزال الأعمال جارية لحين إشعار آخر.