خلاص.. لم تعد هذه الجملة محط هزار أو تهريج بين الشباب زى ما كانت من سنتين.. ولا بقى فيه شباب ممكن يضحكوا سوا وتلاقى واحد منهم بيقول لزميله: «إنتوا مش عارفين إن انتوا نور عنينا ولاَّ إيه؟؟».. عشان زميله بقى يرد دلوقتى ويقول: «ولاَّ إيه».
تحولت الجملة إلى واقع مرير يعيشه (بيتر جلال يوسف فرج)، الذى يقضى عقوبة الحبس داخل جدران السجن، تنفيذا لحكم المحكمة فى قضية الاعتراض على قانون التظاهر.
القضية اللى اتحبس فيها شباب كتير مكانهم فى مواقع كراسى الوزراء من فرط الذكاء والخبرة والحماس والحب لهذا البلد.. لكن اختار القانون والقضاء والقائمون عليه وضعهم فى غياهب السجن.. على عكس ناس تانية واخدة حكم واجب النفاذ وربنا كرمها وسافرت ألمانيا بالطيارة وصقفت وظاطت ورقصت وطبلت ورجعت برضه بالطيارة وكملت برامجها وأخدت حكم تانى وناقص تروح تلعب السبع طوبات قصاد باب السجن ومحدش بييجى جنبها.. ماشى.. ومالوا.. عموما احنا مش حنعرف اكتر من الحكومة.
بيتر اللى ما تمّش واحد وعشرين سنة.. واخد بالك يا ريس.. واحد وعشرين سنة.. يوم ما اتقبض عليه كان سنه تسعتاشر سنة!!
بيتر عنده مشكلة فى نور عنيه.. نور عنيه بجد مش تريقة.. وبدأ نظره يضعف.. وحاليا لا يكاد يرى.. وبدأ يستعين بزملائه داخل السجن عشان يسحبوه وسط ظلام السجن اللى أكيد أشد من الظلام اللى فى عنيه.
بيتر يا ما شاء الله من الواضح انه بيتم إهماله طبيا عن قصد من أجل تحويله لأول داعشى مسيحى فى مصر على سبيل المعجزة يعنى وكده.. الاستفزاز الذى يلاقيه فى رفض علاجه.. ونور عنيه اللى بينطفى يوم بعد يوم وسط صراخ زملائه بالعلاج فقط.. فقط العلاج يا ريس داخل جدران السجن.. بيخلق من كل المحيطين به كارهين وناقمين.. ومش بس المحيطين.. حتى المتابعين والعالمين بالقصة.
لم يتدخل أحد من أجل بيتر رغم محاولات زملائه المستميتة.. الداخلية طبعا حدِّث ولا حرج عن المعاملة الخمس نجوم فى الأقسام والسجون.. والثبات على المستوى شىء رائع بالمناسبة.. بل إنهم دشنوا قسما لحقوق الإنسان داخل وزارة الداخلية.. وأحسبه يعمل من أجل الاطمئنان على المحبوس.. هل مات من الضرب؟؟؟ ولاَّ مات من «التدافع».. فاكر انت التدافع طبعا.. مساء الفل.
إحنا ولله الحمد وصلنا لمرحلة نطالب فيها فقط بالحفاظ على نظرنا داخل جدران السجن.. إحنا خلاص بنعترف إننا فشلنا إننا نطالب بأى دور لينا فى البلد.. مش عاوزين دور.. عاوزين حتى نعيش.. سيبونا نعيش.. ولو تسيبونا نشوف كمان يبقى عاش جدا الصراحة.. مش عارفين حنشكركم إزاى!!
إذا قرأت الخطاب المكتوب لى من داخل السجن يا ريس.. حتتعجب من حجم الابتسام والأمل اللى موجود فى كلمات كاتبه وقد تعايش تماما مع واقع تواجده داخل هذه الجدران الرمادية.. أنا مش عارف هل الطريقة دى فى الكتابة تعكس يأسا ما بعده يأس.. أم أنه أمل حقيقى؟
خطاب ثلاث ورقات لا كلام فيه إلا من مسلم يحاول إنقاذ مسيحى من العمى داخل السجن.. خطاب يعد موافقة تامة على السجن فى مقابل علاج بيتر.. أنا عارف ومتأكد إن بيتر مش أول حالة.. ولا حيكون الأخير.. وهناك محبوسون ومعتقلون بالآلاف بدون تهم وحالتهم تكاد تكون أسوأ، لكن لا أملك إلا أن أطالب عبدالفتاح السيسى- لإضافة إنجاز جديد إلى مجموع إنجازاته- بالأمر بعلاج بيتر على أعلى مستوى.
يا ريس.. الشباب اللى سنه عشرين سنة من داخل السجن بيصرخ وبيقول: نور عنيك بينطفى يا سيسى.. أرجوك.. أنقذه.
FBsherif.asaad1