وجاء شهر رمضان المبارك.. جاء ذلك الضيف العزيز، الضيف الكريم الذى ننتظره طول العام، ذلك الشهر الكريم الذى أنزل فيه القرآن يقول المولى عز وجل فى كتابه العزيز«شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون»، وإذا نظرنا إلى المعنى اللغوى لكلمة رمضان فسنجد أن أصل كلمة رمضان هو «رمضاء» وهو الحر الشديد الذى يشكل المعادن.. فرمضان يعيد تشكيل نفوسنا.. فالإنسان يستطيع أن يعيد تكوين نفسه عن طريق قيادته لنفسه، فالنفس مثل الدابة إما أن تقود الإنسان إلى الله أو أن تلقيه فى طريق الشهوات.. فالصيام يمنعنا عما هو مباح والذى يستطيع أن يمنع نفسه عن المباح فأولى به أن يمنع نفسه عن الحرام.. فهذا الشهر الكريم هو شهر اجتهاد لبداية الصلح مع الله وليس اجتهاداً لقطف ثمره فقط فمن الممكن أن نتخذ خطوة إلى الله ولتكن هذه الخطوة بنية الاستمرار فيها والثبات عليها حتى بعد انتهاء هذا الشهر الكريم.. فلنأخذ من هذا الشهر الكريم نقطة انطلاق للتخلص من معاصينا والتوبة إلى الله ولننظر فى أفعالنا الحسنة ونحاول أن نستزيد من عملها فلنتخذ من هذا الشهر الفضيل الدافع لننتصر لأنفسنا ضد أهوائنا.. فهذا شهر الرحمة والمغفرة فمن لم ينتهز هذه الفرصة ليغفر له الله ما قدمت يداه فلقد خسر خسراناً مبيناً، فعن أبى هريرة رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال: «آمين آمين آمين». قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين آمين آمين، قال: «إن جبريل أتانى، فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. ومن أدرك أبواه أو أحدهما فلم يبرهما، فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين» فاللهم اغفر لنا وتقبل منا صيامنا وقيامنا.. وكل عام والأمة الإسلامية بخير.