x

نادين عبدالله مهرجان بورنهولم نادين عبدالله الثلاثاء 16-06-2015 22:02


بورنهولم هى جزيرة جميلة تابعة لدولة الدنمارك. فى وسط الطبيعة الخلابة التى تتمتع بها هذه القطعة الفريدة من الأرض، يعقد مهرجان سنوى يعرف باسم «لقاء الشعب»، يتجمع فيه جميع المهتمين بالشأن العام فى الدنمارك سواء كانوا قيادات أو أعضاء فى أحزاب سياسية أو مؤسسات حكومية أو غير حكومية، أو نقابات، أو حتى أناس غير منضمين لأى منها لكنهم يريدون فقط مطالعة التطورات السياسية والاجتماعية لبلدهم، وربما التفكير فى الانضمام لحزب سياسى بعد التعرف على أفكاره، أو التطوع فى منظمة ما، بعد معرفة نشاطها بصورة أعمق. ففى هذا المهرجان- الذى يعقد واحد مماثل له فى السويد- تقوم الكيانات سابقة الذكر، بتأجير ما يشبه «الخيمة» لعرض أفكارها عبر سلسلة من الفعاليات منها الندوات الفكرية أو الحوارية، بل إن بعضها يعقد حفلات غنائية لتوصيل معان عميقة بأسلوب جذاب وممتع.

وقد شارك فى هذا اللقاء المعهد الدنماركى المصرى للحوار، وهى منظمة حكومية- تم إنشاؤها سنة 2004 فى إطار برنامج الشراكة الدنماركية العربية- تعمل على تنمية الشراكة السياسية والثقافية والاقتصادية بين دولتى مصر والدنمارك. فكانت له خيمته الخاصة التى عرض فيها أنشطة المعهد عبر سلسلة من الندوات الفكرية التعريفية بفعاليات المعهد، بالإضافة إلى فقرات غنائية أحيتها فرقة «مكتوب» المصرية بالتعاون مع اثنين من العازفين الدنماركيين المعروفين. بالفعل استمتع الحضور بموسيقى عذبة امتزج فيها العزف الشرقى بالغربى. هل يختلف الشرق والغرب؟ ربما.. ولكنهما حتمًا يتفقان أن الإنسان واحد، له نفس الأحلام والتطلعات، وإن تفرقت السبل والوسائل.

ورغم حالة الإحباط العامة من الأوضاع فى مصر حيث ضبابية المشهد على الصعيدين السياسى والاقتصادى، إلا أن رئيس إحدى المؤسسات التابعة لبرنامج الشراكة الدنماركية العربية أبدى تفهمًا لتخوفات الدولة المصرية من تمويل أجنبى قد لا تعرف مصدره، أو لا تعلم الهدف الذى يتدفق من أجله، وعبر عن ذلك معلقًا: «وماذا لو عرفنا يومًا، فى الدنمارك، أن روسيا مثلا، تنفق مزيدا من الأموال وتضخها فى منظمات دنماركية بعيدًا عن رقابة الدولة لتنفيذ أهداف سياسية بعينها؟»

وفى هذا المهرجان، يتجول، بين الخيمة والأخرى، هؤلاء المارة الآتون خصيصًا إلى جزيرة بورنهولم للمشاركة فى فعاليات هذا اللقاء، بل يتجول أصحاب الخيم أنفسهم للحوار مع أصحاب الخيم الأخرى. والحقيقة هى أنك تندهش من هذا الكم من الطاقة الإيجابية بل الحالة المزاجية العالية التى تعم أرجاء المكان. ففى وسط كل ذلك، يتجول السياسيون الدنماركيون بكل أريحية فى أنحاء الجزيرة، فيتفاعلون مع المشاركين فى المهرجان من الناس العادية، ويتجاذبون معهم أطراف الحديث فى أجواء مبهجة وغير رسمية.

فمن ضمن المناظر التى أشعرتنى مثلا بالسعادة البالغة، هذه الخيمة الخاصة بالحزب الليبرالى «الفانسترز»، والمقامة أمام البحر مباشرة. فقد أحاط بها المئات من البشر، وكانوا يغنون فى سعادة ظاهرة أغنية ما، يبدو أنها شعار الحزب.

ربما ينتظر القارئ تعليقًا من جانب الكاتب، ولكن ليس عندى سوى تعليق واحد: لا يختلف الإنسان هنا وهناك، إنما قدر الحرية التى يتمتع بها، فشتان!

طاقة الإنسان وقدرته على العطاء متقاربة عبر العالم، أما الضغوط التى يتعرض لها، فشتان!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية