x

سليمان جودة جريمة رئيس وزراء! سليمان جودة الأحد 14-06-2015 21:33


تتحدث فرنسا هذه الأيام عن واقعة بسيطة فى ظاهرها، ولكنها عميقة للغاية فى معناها!

الواقعة بدأت عندما طار رئيس الوزراء الفرنسى، مانويل فالس، إلى العاصمة الألمانية، برلين، يوم السبت قبل الماضى، فى زيارة عمل.

يومها، كانت برلين سوف تشهد المباراة النهائية فى بطولة أندية أوروبا لكرة القدم، بين نادى برشلونة الإسبانى، ونادى يوفنتوس الإيطالى.

ولأن زيارة «فالس» لألمانيا، وافقت اليوم نفسه الذى ستجرى فيه المباراة، التى وقفت أوروبا كلها على أقدامها فى انتظار نتيجتها، فإنه تلقى دعوة لمشاهدتها فى الاستاد، من ميشيل بلاتينى، رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم.

وحين تلقى رئيس الوزراء الفرنسى الدعوة، فإنه أبدى سعادته بها مرتين: مرة لأن لعائلته، كما قال، علاقة قديمة وخاصة بنادى برشلونة، وليس أدل على ذلك من أن والده، الذى كان رساما، كان هو الذى صمم ذات يوم شعار هذا النادى الأوروبى الشهير.. ومرة ثانية، لأنه فكر فى أن يصطحب معه ابنين من أبنائه لمشاهدة المباراة.

أنهى الرجل زيارته ثم عاد، لتقوم الدنيا عليه، وكان السبب أن الطائرة التى ذهب ثم رجع عليها، كانت طائرة خاصة جرى استئجارها بمعرفة رئاسة مجلس الوزراء، بما يعنى أن اصطحاب ولديه معه إنما هو جريمة إهدار لمال عام، ما كان له أن يرتكبها بأى حال!

أعلن رئيس الوزراء ندمه الشديد على وجود ابنيه معه على طائرة دفعت الخزانة العامة قيمة استئجارها، وقال بأن الزمان لو عاد به، فلن يفعل ذلك مرة أخرى أبداً!

ولكن ذلك لم يكن كافياً، لأن السلطات طالبته برد قيمة تذكرتين على الطائرة، بين باريس وبرلين، وتم تحديد قيمتهما بـ2500 يورو، أى ما يعادل 25 ألف جنيه مصرى تقريباً، ولم يملك هو إلا أن يرد المبلغ فوراً وكاملاً!

أحاول أن أقارن بين الواقعة ووقائع عندنا لإهدار المال العام، بلا حدود، فلا أعرف من أين أبدا، وأنا أستعرض وقائعنا، ولا أين أنتهى!

وربما تكون أقربها إلينا هى واقعة شراء محافظ الإسكندرية سيارة جديدة بنصف مليون جنيه، بمجرد تعيينه فى منصبه، والغريب أن المحافظ قد امتلك قدراً من الجرأة على حرمة المال العام، جعله يرد على الذين قالوا إن السيارة بـ800 ألف، ويؤكد أنها بنصف مليون فقط!

وإذا تطوع أحد وقال إن السيارة له وليست لابنه، ولا لزوجته، وبالتالى فليس فيها إهدار لمال عام، فسوف أرد وأقول بأن لدى المحافظ الهُمام سيارة مرسيدس موديل 2013، كان المحافظ السابق، طارق المهدى، يستخدمها، وأنها كانت تكفى وزيادة!

ثم سوف أطلب أن تقوم لجنة محترمة بجرد لعدد السيارات الموجودة فى جراج المحافظة، ووقتها فقط، سوف نرى مدى احترام قدسية كل قرش فى المال العام، فى الإسكندرية، وفى غير الإسكندرية بالضرورة!

ليس من حق أحد، إذن، أن يصاب بأى دهشة من نظافة باريس حين يزورها فى أى وقت، فى مقابل قذارة عروس البحر المتوسط، حين يصيبه الحزن عليها، فى كل لحظة، ولا من حق أحد أن يسأل لماذا تقف فرنسا حيث تقف بين دول العالم، ولا لماذا نقف نحن، حيث نقف!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية