قررت السلطات المصرية، السبت، فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، أمام حركة الفلسطينيين في الاتجاهين، لمدة ثلاثة أيام، للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر.
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن مسؤول فلسطيني، أن السلطات المصرية، سمحت بعبور 7 شاحنات تحمل مواد بناء للقطاع الخاص لداخل القطاع، وهي المرة الأولى منذ عام 2007 التي تسمح فيها مصر بعبور شحنة تجارية من معبر رفح، الذي يقتصرعلى حركة المسافرين ونقل المساعدات الإنسانية.
اللافت إن مصر فتحت قبل أسبوعين المعبر لمدة ثلاثة أيام، في اتجاه واحد أمام الفلسطينيين العالقين خارج غزة حتى يعودوا للقطاع.
تكرار فتح المعبر، مرتين في أسبوعين، والسماح بدخول مواد بناء، وقبلهما قرار المحكمة الإدراية العليا، إلغاء حكم إدراج «حماس» على قائمة المنظمات الإرهاية، يشير إلى تحسن العلاقات بين القاهرة و«حماس» بعد عامين من التوتر المتصاعد، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، واتهام الحركة الفلسطينية بالتدخل في شؤون مصر.
اللافت، أن الحكومة المصرية، ممثلة في هيئة قضايا الدولة هي صاحبة الطعن على الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة باعتبار حركة حماس الفلسطينية كمنظمة إرهابية.
طلبات القاهرة
نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» الندنية، الخميس الماضي، عن مصادر فلسطينية مطلعة أن عودة العلاقات بين مصر وحماس مرهون بتغيير «حماس»، لدورها في القطاع، وتعاونها مع مصر في تضييق الخناق على العناصر الخارجة على القانون في سيناء.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما يروج له عن عودة العلاقات بين القاهرة وحماس فيه كثير من المبالغة، إذ إن الأمر لم يتعد حتى الآن تفعيل قناة اتصال أمنية بين مصر وحماس بعلم وموافقة السلطة الفلسطينية».
وأوضحت المصادر أن مسؤولين في المخابرات المصرية التقوا عددا من مسؤولي حماس في الخارج، وأخبروهم بأن على الحركة في قطاع غزة إنهاء أي وجود في القطاع لعناصر «إرهابية» من سيناء، وضبط الحدود بشكل أكبر ومنع تهريب مقاتلين وأسلحة من وإلى سيناء. كما طالبتهم بوقف أي تدخل مباشر أو غير مباشر في الشأن المصري بما في ذلك التحريض عبر وسائل الإعلام.
ونقلت الصحيفة اللندنية، عن أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الخارجية في حماس، أن وفدا من حركته اجتمع مع مسؤول مصري رفيع المستوى في وقت غير محدد من الأسابيع الأخيرة، مؤكدا أن حركته تلقت إشارات إيجابية من القاهرة لتحسين علاقاتهما الثنائية.
ترحيب فلسطيني
اعتبر المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم إن «فتح المعبر لثلاثة أيام مؤشر إيجابي، ويأتي بعد مؤشر إيجابي آخر وهو إلغاء القرار الخاطئ باعتبار حركة حماس حركة إرهابية»، معرباً عن أمله في أن تقوم مصر بـ«فتح المعبر بشكل كامل وأن تستعيد دورها تجاه قطاع غزة وفلسطين.»
وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبومرزوق، رحب على صفحته على «فيس بوك»، بقرار المحكمة العليا المصرية إلغاء الحكم السابق بإدراج «حماس» على قائمة المنظمات الإرهابية، وطالب بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الحركة والحكومة المصرية، وعودة القاهرة إلى لعب دورها في ملفي المصالحة الفلسطينية والمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل.
وأكد أبومرزوق أن حماس تريد من إلغاء الحكم أن يكون «صفحة جديدة في العلاقات بيننا». وأضاف «نرجو أن تستأنف مصر دورها المعهود في الملف الفلسطيني، وخاصة ملفي المصالحة، والمفاوضات غير المباشرة التي بدأت أثناء الحرب على قطاع غزة في الصيف الماضي وتوقفت عند انتهائها».
مباركة إسرائيلية
لم تقف إسرائيل، صامته، أمام الإشارات المتبادلة بين مصر و«حماس»، لكن المفاجيء هو مباركة إسرائيل تحسن العلاقات بين الحركة ومصر.
ونقلت جريدة «السفير» اللبنانية، تعقيب رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي الجنرال نمرود شيفر على الأنباء حول تحسن العلاقات بين مصر وحركة «حماس»، مباركاً التعاون بينهما ضد الجهات السلفية في سيناء.
وقال شيفر، في حديث لموقع «nrg» الالكتروني، إن «إسرائيل لا تعارض الاتصالات المتجددة بين الحكم المصري والتنظيم المسيطر في غزة، والتي جاءت بعد قطيعة عنيفة». وأضاف «إذا نشأت منظومة أو طريقة لضرب منظومة السلفيين في سيناء، فهذا طريق مبارك». وأشار إلى واقع أن شراكة المصالح يمكن أن تقود إلى توثيق العلاقات بين مصر و»حماس» قائلاً «إذا كان هذا يحارب الإرهاب السلفي بنجاعة، فهذا جيد في نظري».
وأوضح شيفر أنه لا حاجة لإسرائيل أن تخشى عواقب التعاون مع المنظمة، لأسباب بينها أن العلاقات العسكرية بين مصر وإسرائيل قوية، في كل ما يتصل بمنع تعاظم قوة «حماس». وأضاف «مصر لا تشكل تهديداً، إن مصر شريك غير اعتيادي، شريك ممتاز. وحربهم ضد حماس كانت حرباً شرسة. ولكونهم جزءاً من الإخوان المسلمين، فإنهم يحاربونهم من دون هوادة».
ولم يصدر عن الجهات الرسمية المصرية، مؤخرا، سواء من الخارجية المصرية، أو رئاسة الجمهورية، تصريحات واضحة ومباشرة، تشير إلى تحسن العلاقات بين مصر وحماس، وكذلك لم تشهد الفترة الأخيرة أي تصريحات أو مواقف تصعيدية تجاه الحركة.