أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أنه ليس من الإنصاف ولا من المقبول محاكمة الأديان بإرهاب بعض المجرمين المنتسبين لها، لأن تعاليم الأديان هي أول من تتبرأ من هؤلاء المجرمين، ومن جرائمهم البشعة اللا إنسانية.
وقال شيخ الأزهر، خلال كلمته بمجلس اللوردات البريطاني، الخميس: «لا نجرؤ على إدانة الدينين اليهودي والمسيحي، بسبب ما ارتكبه بعض أتباعهما ضد المسلمين قديمًا وحديثًا، فلماذا يتحمل الإسلام مسؤولية هذه القلة الخارجة على تعاليمه برغم استنكار المسلمين وإدانتهم الصريحة والمعلنة لجرائمهم؟، الإسلام كدين لا يبيح للمسلمين أن يشهروا السلاح، إلَّا في حالة دفع العدوان عن النفس والأرض والوطن».
وأضاف «الطيب»: «نأمل أن تتلاقح الأفكار، وتتلاقى وجهات النظر، وتستقر على ما ينفع الناس في الغرب والشرق»، موضحًا أن الأزهر مؤسسة علمية وتعليمية، تحمل أمانة التعريف بهذا الدين، وتبليغ رسالته العلمية والروحية، نقية خالصة.
وأوضح أن منهج التعليم الذي يتلقاه الطلاب في الأزهر منهج يقوم على تعدد الآراء، واختلاف وجهات النظر، ودراسة المذاهب المختلفة، وكلها قائم على الرأي والرأي الآخر، الذي قد يصل إلى درجة التعارض.
وحول ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، قال «الطيب»: «إنها لعبت ولا تزال تلعب دورًا بالغ السوء والخطر في تغذية الصراع الحضاري بين الغرب والشرق»، مضيفًا: «ليس صحيحًا ما يتردد على أسماعكم من أن الحركات الإرهابية المسلحة حركات وُلدت من رحم الإسلام، وأن تعاليم هذا الدين هي مَنْ صنعت داعش وغيرها، وليس صحيحًا كذلك أن الإسلام هو المسؤول عن هذا الإرهاب الأسود».
وأشار شيخ الأزهر إلى أن ما في الإسلام والمسيحية من رسائل الأخوة الدينية كفيل بأن يقيم جسور تفاهم دائم، وتقارب متواصل بين المسلمين والمسيحيين في الشرق والغرب، مضيفا: «علينا أن نتيقظ إلى أن داعش إن كانت تتمدد اليوم في الشرق الأوسط، فإنها سوف تطل برأسها غدًا، في أي مكان في العالم، إذا لم تكن هناك إرادة عالمية جادة للتصدي لهذا الوباء المدمر».
وشدد شيخ الأزهر على أنه من الضروري أن تتحول العلاقة بين الشرق والغرب إلى علاقة سلام وتعارف، يقوم على الاحترام المتبادل للخصوصيات، والعقائد، والهويات، والثقافات المختلفة، ولابد قبل كل ذلك من الشعور بالأخوة العالمية والإنسانية، فلا سبيل للبشرية في تطويق صراعاتها الدولية، إلا بتحقيق زمالة عالمية بين الأمم كافة، وذلك في برنامج تفصيلي لا تتسع له هذه الكلمة.
وقال «الطيب»: إن «الأزهر الشريف يضع على رأس أولوياته في الفترة الراهنة، كشف القناع عن زيف الفكر المنحرف، وانحرافه الشديد عن شريعة الإسلام»، مضيفا: «جئنا إليكم وفي نفوسنا رغبة صادقة لتحقيق فهم متبادل، وتعاون وثيق، واحترام كامل للخصوصيات الدينية، والحضارية، والثقافية، من أجل تدعيم سلام عالمي، نحلم بأن ينعم به الفقراء، والأغنياء على السواء».