«كل الصور المنشورة على الصفحة وردت من أطباء يعملون بتلك المستشفيات والوحدات الصحية، الصور حقيقية حتى لو أنكرها المسؤولون» هكذا أكد أحد مديرى صفحة «عشان لو جه ميتفاجئش» التى أطلقها صديقان أحدهما طبيب يعمل فى أحد مستشفيات وزارة الصحة، رفض ذكر اسمه، فى محادثة جرت عبر الرسائل الخاصة للصفحة. وأكد الطبيب الشاب المسؤول عن الصفحة لـ«المصرى اليوم»: «رئيس الوزراء يعاقب الأطباء على تراجع أوضاع الصحة، رغم أن الأطباء يطالبون طوال الوقت بتحسين المنظومة الصحية. هناك وقائع متعددة قام فيها أطباء بالإبلاغ عن مخالفات فى الأماكن التى يعملون فيها، ونقص الأجهزة وتراجع النظافة وحالة التجهيزات الطبية، وغياب الضمير المهنى، والنتيجة دائماً أن الطبيب الذى يبلغ أو يشكو تتم مجازاته، وقد يصل الجزاء للنقل لأماكن نائية أو حتى الفصل، أى حد كان بيتكلم عن أى شىء.. بيتم ندبه من مكانه لمكان آخر».
بحسب تصريحات واحد من اثنين يديران الصفحة لـ«المصرى اليوم»، فقد تلقى صندوق رسائل الصفحة أكثر من 360 مشاركة من أطباء بمستشفيات مصر المختلفة خلال أقل من 24 ساعة مرت على إنشائها، وزاد هذا العدد حتى تخطى ألف رسالة عند إعداد هذا التحقيق للنشر: «لأول مرة يستجيب الأطباء بهذا الشكل، النقابة تواصلت أكثر من مرة مع المسؤولين. ويتكرر هذا كلما تغيرت الوزارة، ولا يوجد أى تحركات مقابلة من المسؤولين تقول إن هناك استجابة. هناك طبعاً مبادرات فردية عديدة من الأطباء لكنها تنتهى بمعاقبة صاحبها. هذا أول جهد جماعى للأطباء، وحريصون على عدم نشر الأسماء رغم أن هذا سيجعل المسؤولين يشككون فى صحة الصور، ولكن نحن قلقون جداً على مستقبلنا، ولكن عندنا أمل المرة دى الدنيا تتغير».
وعقدت نقابة الأطباء، أمس، الخميس مؤتمراً صحفياً للرد على الاتهامات التى وجهها مسؤولون بوزارة الصحة للأطباء عبر وسائل الإعلام بالتسبب فى تراجع أحوال الخدمة الصحية وسوء حالة المستشفيات. فقد اتهم مسؤولو وزارة الصحة الأطباء بالتغيب عن أعمالهم وسوء معاملة المرضى وتعمد الإهمال. وطالبت نقابة الأطباء فى المقابل فى مؤتمرها «رؤية نقابة الأطباء، حول الأسباب الحقيقية للوضع الكارثى للصحة فى مصر» باستقالة الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، وقالت دكتورة منى مينا، أمين عام نقابة الأطباء، فى كلمتها فى افتتاح المؤتمر الذى بدأت وقائعه صباح الخميس: «الوزير على علم بالأوضاع الشنيعة للصحة فى مصر، ورد الوزارة لا يتعدى تحويل المستشفيات العامة إلى خاصة للقادرين فقط، كأن هذا وحده ما سيحسن الخدمة فيها».
وقال دكتور رشوان شعبان، رئيس لجنة آداب المهنة بالنقابة العامة للأطباء، إن النقابة لم تتلق شكاوى من أعضائها حول وقائع تنكيل أو نقل تعسفى تمت بسبب إبلاغهم عن مخالفات ووقائع إهمال فى أماكن عملهم بالمستشفيات والوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة، «لكن هذا لا يعنى أن هذه الوقائع لم تحدث، ولكن النقابة تتحرك فور تلقيها مثل هذه البلاغات». وأكد وكيل لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء أن وزارة الصحة تتخذ إجراءات تضمن من خلالها عدم قيام الأطباء بالتواصل مع وسائل الإعلام للإبلاغ عن المخالفات ووقائع الإهمال الموجودة بالمستشفيات، مذكراً بمنشور أصدرته وزارة الصحة عام 2008 يحظر على الأطباء الإدلاء بأى تصريحات للصحف دون الرجوع لرؤسائهم المباشرين ومديرى الإدارات الصحية التابعين لها، «الوزارة عممت هذه المنشور فى المستشفيات واعترضت عليه النقابة لكونه يمس مبادئ الشفافية وحق الجمهور فى معرفة حقائق الخدمات المقدمة له، لكن الوزارة تعيد استخراج هذا القرار من أدراجها كلما فاحت رائحة الفساد والإهمال». مؤكدًا أنه فى حالة اتخاذ وزارة الصحة ومسؤوليها أى إجراءات تعسفية تجاه الأطباء المشاركين فى حملة «عشان لو جه ميتفاجئش» فستتم محاسبة هؤلاء المسؤولين نقابياً، «فهم أطباء وأعضاء بهذه النقابة قبل أن يكونوا مسؤولين بالدولة».
وأكد «رشوان» أن « وزارة الصحة والحكومة تتعاملان مع الأطباء باعتبارهم كبش فداء يذبحونه للجمهور، وكأن الأطباء هم المسؤولون عن تراجع مستوى الخدمات الصحية وتواضع ميزانية الصحة ونقص الأجهزة والمستلزمات الطبية». مضيفًا أن جميع الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية التى قام بها الأطباء منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، وحتى بضعة شهور مضت، كانت تضع مطالب تحسين الخدمة الصحية وزيادة موازنة الصحة وتأمين المستشفيات، «ولكن للأسف وسائل الإعلام كانت تتجاهل هذه المطالب الضرورية وتركز فقط على المطلب الأخير، وهو تحسين أجور كافة العاملين بقطاع الخدمات الصحية بمن فيهم طاقم التمريض والعمال ومعهم الأطباء». وأضاف عضو مجلس النقابة العامة للأطباء أن المجلس يقوم منذ أربعة أشهر بمخاطبة رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ووزيرى الصحة والمالية وكافة المعنيين بالموازنة العامة للدولة، للمطالبة بالالتزام بالنسبة الدستورية المقررة للصحة فى الموازنة العامة للدولة، والتى يجب ألا تقل عن 3% من الناتج القومى، «لكن الصحة والتعليم، وهما جناحا التنمية، لايزالان فى ذيل قائمة أولويات المسؤولين. ونحن نتوقع أنه رغم هذه المطالبات أن الزيادة فى ميزانية الصحة ستأتى طفيفة جدًا وسيلتهمها فرق الأسعار وتغير سعر الجنيه مقابل الدولار».
صفحة الـ«فيسبوك» التى أطلقت كرد فعل على تصريحات رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، حظت باهتمام واسع من وسائل الإعلام التى رأت فيما نشرته الصفحة محتوى صادما ومفاجئا، رغم تعدد التقارير والتحقيقات الصحفية التى نشرتها تلك الوسائل الإعلامية ذاتها مرارًا عن تراجع حال الخدمات الصحية فى مصر. كما اهتمت تلك الوسائل خلال العامين اللذين أعقبا الثورة بنقل إضرابات الأطباء المتكررة، واحتجاجاتهم التى طالبوا خلالها بتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمرضى بمستشفيات الدولة، وتوسيع مظلة التأمين الصحى، وهى المطالب التى لم تلق استجابة من السلطات المتعاقبة التى تولت إدارة البلاد منذ الثورة وحتى تكليف المهندس إبراهيم محلب بتشكيل الوزارة فى فبراير 2014.