x

مواجهة ساخنة بين معدى مشروع «الصكوك» والخبراء الاقتصاديين فى مؤتمر موسع بـ«الوفد»

الأحد 23-11-2008 00:00 |

نظم حزب الوفد أمس مؤتمرًا موسعًا لمناقشة مشروع الحكومة الجديد لتوزيع صكوك ملكية القطاع العام على المواطنين، شاركت فيه نخبة من السياسيين وخبراء الاقتصاد، وعكست آراء المشاركين حالة القلق من طبيعة البرنامج وأهدافه وعيوبه.

واعتبر د. عبدالحميد إبراهيم، رئيس هيئة سوق المال السابق وأحد القائمين على إعداد البرنامج، للأصول المملوكة للدولة، أن المشروع جاء بعد دراسة مستفيضة لما يقرب من 3 أعوام، مشيرا إلى أنه جزء من برنامج ناجح وهو برنامج إدارة الأصول الذى بدأ فى عام 2004،

ونجح فى التحول بشركات قطاع الأعمال من شركات خاسرة ومديونة إلى رابحة، كما نجح فى تقليل مديوناتها، مشيرا إلى أن مديونية شركات القطاع العام كانت تقدر بـ31.5 مليار جنيه عام 2003، ثم انخفضت إلى 9.5 مليار حاليًا، كما حققت الشركات أرباحًا تقدر بـ 5.5 مليار، بعد أن تكبدت 1.3 مليار خسائر عام 2003.

وأوضح إبراهيم أن البرنامج يشمل تقسيم الشركات العامة الـ«153»، إلى 3 مجموعات الأولى لن يتم توزيع قيمتها على المواطنين، وتشمل الشركات الخاسرة لأنه من غير المتصور نقل الملكية إلى المواطنين وهى شركات خاسرة، كما تشمل الشركات التى تصرفت الدولة بالفعل فى النسب التى تريد التصرف فيها، مضيفا أن تلك المجموعة تشمل بالأساس شركات الغزل والنسيج.

وقال إبراهيم إن المجموعة الثانية تشمل الشركات التى يحتفظ قطاع الأعمال بأغلبية حاكمة فيها (67%) أو بسيطة (51%)، مضيفا أن تلك الشركات تشمل تلك التى تتسم أنشطتها بالحساسية مما يتطلب أن يكون للدولة دور فى إدارتها، مثل شركة السكر التى تسيطر على سوق السكر المنتج من القصب والبنجر، وهى المشترى الرئيسى لقصب السكر، مما يتطلب استمرار سيطرة الدولة عليها.

وأضاف إبراهيم أن المجموعة الثانية تحقق أحد المبادئ الرئيسية لبرنامج الملكية الشاملة، الذى ينص على، ألا ينتقل احتكار الدولة إلى القطاع الخاص، مشيرا إلى أن شركات الأدوية ستندرج تحت هذا البند.

وقال إبراهيم إن المجموعة الثالثة تشمل الشركات التى سيتم منح أغلبية أسهمها إلى المواطنين بحيث تحتفظ الدولة بما لا يزيد على 30% من قيمتها، مشيرا إلى أنه لا يجب المبالغة فى حجم برنامج الملكية الشاملة لأن الشركات التى يشملها المشروع تنتج قيمة لا تزيد على 60 مليار جنيها من أصل ترليون جنيه تشكل كامل الناتج القومى المصرى، ونسبتها 6% فقط من الناتج.

وأكد أنه سيتم تكوين محفظة للشركات التى سيتم التصرف فيها، تحتوى أسهما لكل تلك الشركات، مضيفا أن تلك المحفظة ستشمل 86 شركة، بحيث يحصل كل المواطنين الذين تخطوا الـ21 عاما على محفظة متماثلة تشمل أصولا من جميع الشركات الخاضعة للبرنامج.

وأضاف إبراهيم أنه سيجرى تشكيل 3 شركات قابضة لتنفيذ برنامج إدارة الأصول، وأولها شركة قابضة مؤقتة تنتهى مهمتها بتوزيع المحافظ الاستثمارية على المواطنين.

أما الشركة الثانية فتسمى «صندوق الأجيال القادمة»، وسيجرى استقطاع جزء من الشركات التى سيتم توزيعها لصالحها، كما تحصل على الصكوك التى سيتم التبرع بها، فضلا عن الصكوك التى يمر عليها عام دون أن يتسلمها صاحبها.

أما الشركة الثالثة، وفقا لإبراهيم، فهى «الجهاز المصرى لإدارة الأصول»، وهو الجهاز الذى يشرف على إدارة جميع الشركات سواء التى لم تدخل فى البرنامج أو التى دخلته بالأغلبية أو حتى بحصص الأقلية

وقال إبراهيم إن الصكوك سيجرى توزيعها ولن تسجل فى البورصة ولن يتم تسجيلها إلا بعد توزيعها بسنة، ولن يتم التعامل عليها إلا بين المصريين فى الفترة التى تسبق تسجيلها فى البورصة مضيفا أن هناك قواعد تحكم تداولها، ومن بينها أنه يجب على كل من يحصل على 5% أن يخطر الهيئة العامة لأسواق المال، وألا يحصل أى مستثمر على ما يزيد على 10% إلا بموافقة الهيئة.

وقال الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، إنه إذا كان الاقتصاديون يمتلكون من الأسئلة أكثر مما لديهم من الإجابات فإن «هذا يدل على أن المشروع مخيف»، وقال إنه إذا كان هذا هو حال المتخصصين فماذا عن المواطن العادى، الذى سيجد قطعة ورق تقول له «هذا نصيبك من مصر»، متسائلا عن السبب فى توزيع الأسهم وقال «هل نزلت أمطار الحنان، فقررت الدولة توزيعها أكوابا على المواطنين؟».

ورأى السعيد أن المشروع يستهدف إلقاء عبء الخصخصة على المواطن حتى لا يتم لوم الحكومة عليها، مشيرا إلى أن المواطنين المعدمين سيقومون ببيع ما يستحوزون عليه من صكوك بشكل سريع، وقال «هل أمنح كل مواطن حتة حبل يشنق نفسه به ونقول له «إنت اللى عملتها فى نفسك».

ورفض السعيد ما تردده الحكومة حول عدم وجود مشروع قانون حول توزيع الملكية، معتبرا أنه تقرر تأجيل طرح القانون على مجلس الدولة حتى يظهر وكأنه جرت مناقشته مع المجتمع، وقال إنه يجب أن تنصت الدولة لا أن تتظاهر بالتناقش، متسائلا «من أين ستوفر الدولة الموارد لصندوق الأجيال، فى الوقت الذى لا تستطيع أن تساعد مواطنيها حاليا».

أما سيد عبدالعال، أمين عام حزب التجمع، فطالب بتحديد موقف الدولة من الملكية العامة، معتبرا أن الدولة تريد من المواطنين أن يقوموا بـ«دور المحلل» لبيع القطاع العام.

وتساءل رئيس الوزراء الأسبق عبد العزيز حجازى عن مدى عدالة أن يحصل جميع المواطنين على الصكوك، على الرغم من تفاوت ثرواتهم بين مواطن يبحث عن قوت يومه والمليارديرات، معتبرا أن الصك لن يعطى المواطن دخلا يزيد على 4 جنيهات على الأكثر شهريا، مطالبا بعرض مذكرة تفصيلية على الشعب لكى يناقشها بدلا من «البلبلة».

واعتبر الدكتور سلطان أبو على أن برنامج إدارة أصول الدولة صورة أخرى للخصخصة، مشيرا إلى أنه لم يحقق ما قاله الرئيس بتحقيق الانتماء من المواطن للبلد.

أما الدكتور محمد عمران، أستاذ الاقتصاد وأحد القائمين على دراسة البرنامج فقال إن البرنامج سيحقق فوائد للعديد من المواطنين محدودى الدخل، مشيرا إلى أن هناك 4 إلى 5 ملايين مواطن يحتفظ كل منهم ب500 جنيه فقط فى البريد، تشكل كامل مدخراته، وهو ما يجعل مبلغ الصك –على محدوديته - مهمًا للكثير من المواطنين.

وأضاف عمران أن وزارة الاستثمار درست الأوضاع فى الدول التى طبقت برنامج الملكية الشاملة، ومن بينها روسيا والمجر وكانت عندهم مشاكل كثيرة سألناهم عنها، وتمثلت أساسا فى أن الدولة باعت 100% من أسهم الشركات، وتركتها كاملة لتتدخل المافيا، أما فى مصر فالموضوع سيظل تحت سيطرة الدولة.

وأكد الخبير الدستورى الدكتور إبراهيم درويش، فقال إن هناك 13 مادة فى الدستور، تنص على تنظيم الدولة إلا أنه لم يتم احترام تلك المواد، بينما رأى القيادى الوفدى سامح مكرم عبيد أن هناك ظروفًا معينة أدت للتشكك فى منح شركات القطاع العام لمواطنيها، مشيرا إلى أن 70% من الناس باعوا ما حصلوا عليه من صكوك مباشرة وهوما فتح المجال واسعا للفساد، محذرا من أن النسبة ستزيد على ذلك كثيرا فى مصر.

وتساءل رئيس حزب الوفد محمود أباظة عن سبب تحديد عمر من يحصل على الصك بـ21 سنة، مضيفا «من المعروف قانونا أن التصرفات النافعة نفعا محضا تجوز للقاصر، وأضاف أنه من الممكن أن يكون قصر توزيع الصكوك على من يزيد عمره على 21 عاما عيبا دستوريا كما تساءل أباظة عن جدوى إنشاء أجهزة إدارية تضيف المزيد من التكاليف على الجهاز الإدارى للدولة،

 كما أعرب عن اعتقاده فى وجود تناقض بين البرنامج المطروح وأهداف الخصخصة، ومن بينها إضافة المزيد من الاستثمارات، وهو ما لن تحققه فكرة توزيع الملكية، مشيرا إلى أن فكرة برنامج الملكية الشاملة غير واضحة.

أما الكاتب الصحفى صلاح منتصر، فاعتبر أن المناقشات تشير إلى أن هناك أزمة ثقة واضحة فى كل ما تطرحه الحكومة.

وانتقد الدكتور على السلمى نغمة التعالى السائدة فى الخطاب الحكومي، مضيفا أن الحكومة تفخر بتمكنها من تحويل الشركات العامة من خاسرة إلى رابحة، على الرغم من أن سبب مديونية هذه الشركات هو الإدارة الحكومية السيئة، معتبرا أنه فى ظل حالة العوز التى يعانيها غالبية المصريين، فإنهم سيقومون ببيع الصكوك فور تسلمهم إياها.

ورأى الخبير الاقتصادى الدكتور مصطفى السعيد أن الذى تجرى مناقشته يتناقض مع ما يجرى فى غالبية أنحاء العالم فى ظل الأزمة المالية، وتغيير النظرة إلى دور الدولة فى الاقتصاد والرغبة فى زيادة مساحة هذا الدور، متسائلاً عن الجديد الذى يطرحه هذا البرنامج بحيث يضمن إدارة هذه الأصول على نحو كفء.

وقال عبدالحميد الغزالي، أستاذ الاقتصاد والقيادى الإخوانى، إن المشكلة الأساس فى البرنامج أنه يفتقد قاعدتى الإفصاح والشفافية، وقال: «الموضوع يتم بليل، ولا يعلمه إلا شخصان مثلا»، معتبرا أن هناك رغبة لتركيز الاقتصاد فى أيدى حفنة من رجال الأعمال الجدد، أو حتى الأجانب، وقال إن ما يحد هو «تبديد» لأصول مصر وإضافة «احتكار إلى احتكار».

واعتبر جورج إسحق، القيادى بحركة كفاية، أن الحزب الوطنى «أستاذ تجييش الناس ضده»، متسائلا عن السبب فى أن تظل الدولة تناقش البرنامج لـ3 سنوات، وكأنه من الأسرار دون أن يعرف به أحد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية