السؤال الذى لا يجد إجابة هو: لماذا يبقى الفريق أحمد شفيق فى أبوظبى، حتى الآن، رغم مرور عامين كاملين على سقوط الإخوان، الذين كانوا هم السبب الوحيد لبقائه هناك؟!
كان العقل يقول إن الفريق يجب أن يكون فى بلده فى اليوم التالى مباشرة لسقوط جماعة مرسى، فهى الجماعة التى راحت طوال عامها التعيس فى الحكم تتعقبه، وتطارده، وتصطنع له القضايا والاتهامات، وكان ذلك كله مفهوماً!
وكان المنطق يقول إن مكان شفيق، فيما بعد الإخوان، إنما هو فى بلده، وإن أفكاره لابد أن تكون فى خدمة بلده، وإن جهده لابد أن يكون مضافاً لبلده، وإن طاقته التى رأيناها منه قائداً للقوات الجوية، ووزيراً، ورئيساً للحكومة، لابد كذلك أن تصب فى كأس بلده!
ولكن.. خلافاً لكل عقل، ولكل منطق، بقى الرجل هناك، ولايزال، دون أن يتطوع أحد فى الدولة هنا، ليقول لنا حرفاً عن سبب بقائه طريداً، بعد أن زالت أسباب مطاردته، وملاحقته، ومحاصرته!
إن شفيق ابن للمؤسسة العسكرية العريقة، ومن شأن أبناء هذه المؤسسة أن يكونوا مخلصين غاية الإخلاص لوطنهم، ومن شأنهم، دائماً أن يكونوا جنوداً فى خدمة البلد بوجه عام، لأنهم يشربون معنى الوطنية، على حقيقته، فى هذه المؤسسة مع الماء سواء بسواء، ومن شأنهم ألا تشوب وطنيتهم شائبة، ولا يتصور واحد منهم أن تكون له حياة بعيداً عن وطنه الأم.
وأتصور أن السنة التى قضاها الفريق فى أبوظبى، وقت حكم الإخوان، كانت ثقيلة على صدره بأكثر مما نتصور، وأتخيل أنه كان أسعد الناس بسقوطهم، ليس لأنه يريد غنيمة لنفسه من وراء ذلك السقوط المدوى، وإنما لأنه وقتها أحس بأنه قد آن له أخيراً أن يعود إلى تراب بلده، وأن يواصل حياته على أرضه، وأن يكون فى خدمته من أى موقع يراه متاحاً.
كل ذلك راح يتبدد بالنسبة له، يوماً بعد يوم، وبامتداد عامين كاملين، دون مبرر، ودون سبب مفهوم، ودون أن يخرج علينا مسؤول، يعنيه الأمر فى الدولة، بعبارة من سطرين اثنين، تقول: الفريق شفيق لا شىء عليه، ويستطيع أن يعود غداً.. أو أن الفريق شفيق لا يستطيع العودة الآن لأسباب كيت.. وكيت!
إننى ما ذهبت إلى مكان عام، هذه الأيام، إلا وكان السؤال من كثيرين لا أعرفهم على النحو التالى: لماذا تمنع الدولة عودة أحمد شفيق؟!.. وإذا كان الإخوان الذين منعوه قد غاروا فى داهية، فمَنْ، بالضبط بعد الإخوان يمنعه هذه الأيام؟!
وحقيقة الأمر أننى لا أملك جواباً، ولا أعتقد أن أحداً ممن يواجهون هذا السؤال، بإلحاح، فى أكثر من مكان فى طول البلد وعرضه، يملك أى جواب!
قولوا للناس بوضوح: متى يعود شفيق، وإذا كان لا يستطيع العودة، فما هو السبب على وجه التحديد؟!.. قولوها بصراحة ولا تتركوا التهمة فى عدم عودته معلقة هكذا فى كل رقبة!