x

المصانع المتعثرة.. إصلاحات بـ«التصريحات»

الثلاثاء 09-06-2015 12:06 | كتب: ياسمين كرم |
مصانع متوقفة عن العمل مصانع متوقفة عن العمل تصوير : اخبار

«حل مشكلات المصانع المتعثرة على رأس تكليفات رئيس الجمهورية للحكومة الجديدة».. تصريحات رددها منير فخرى عبدالنور، وزير الصناعة، خلال مؤتمر صحفى عقب تشكيل الحكومة فى يوليو الماضى، إلا أنه حتى تلك اللحظة لم يتجاوز تعامل الحكومة مع هذا الملف حاجز التصريحات.

لم يترك الرئيس مجالا أو مناسبة اقتصادية إلا وتحدث عن أهمية إعادة تشغيل المصانع المغلقة والاستفادة منها، موجها حكومته لإيجاد أفكار جديدة للتعامل مع هذا الملف، وآخرها ما أكده خلال افتتاحه أعمال الترسانة البحرية التى اشترتها القوات المسلحة من الحكومة عام 2007 عندما طرحتها للخصخصة، بأنها نموذج لإصلاح المؤسسات المتعثرة، وأن الدولة لديها خطة لإعادة الهيكلة فى مؤسسات أخرى متعثرة خلال الفترة المقبلة، وهو ما اعتبره البعض إحراجا لحكومة المهندس إبراهيم محلب التى لم تعلن طوال هذا العام عن أى إجراءات لحل تلك الأزمة، سواء فى مصانع القطاع الخاص أو الحكومى.

تجربة وحيدة طوال 5 أعوام منذ ثورة يناير 2011 واجه فيها الاقتصاد المصرى أصعب وأخطر مراحله، اتخذتها حكومة الدكتور حازم الببلاوى فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور، عندما خصصت 500 مليون جنيه، ضمن الخطة الأولى لتحفيز النشاط الاقتصادى فى أكتوبر 2013، لتمويل المشروعات المتعثرة، وكلفت وزارة الصناعة مركز تحديث الصناعة بإعداد حصر شامل لها، واستقبل مجتمع الأعمال المبادرة ما بين الحفاوة البالغة والتشكيك فى نجاحها، فى ظل تواجد الإجراءات البيروقراطية والتشريعية التى تغذى التعثر فى مصر.

وعلى مدار اجتماعات متوالية بين وزير الصناعة ومحافظ البنك المركزى والبنوك المحلية، وغيرها من الاجتماعات المتعاقبة، كانت نتائجها صفرا كبيرا، ولم تفلح محاولات استغلال المبلغ فى حل مشكلة مصنع واحد.

منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة والتجارة فى حكومتى الببلاوى ومحلب قال فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، إن الـ500 مليون عادت إلى وزارة المالية بعد انتهاء العام المالى وعدم صرفها فى المخصص لها، مشيرا إلى أن حل أزمة التعثر يتوقف على اتخاذ قرارات أكثر مرونة من البنك المركزى فى التعامل مع تلك المشروعات ورفعها من القوائم السوداء.

وحول عدم النجاح فى استغلال المبلغ، قال الوزير: «يُسأل فى ذلك الجهاز المصرفى»، موضحا أنه على استعداد لأن يطلب من الحكومة إعادة تخصيص المبلغ شريطة تعديل الجهاز المصرفى لنظرته إلى المصنع المتعثر.

المجلس التخصصى الرئاسى للتنمية الاقتصادية التابع للرئيس أعلن على لسان الدكتورة عبلة عبداللطيف رئيسة المجلس، فى حوار منشور بـ«المصرى اليوم»، لأنها بصدد الانتهاء من تأسيس صندوق لمساعدة المصانع التى تعانى مشكلات فى التمويل، وأن عمل الصندوق سيكون بعيدا عن البنوك لتلافى سلبيات التجربة السابقة.

وقال مصدر حكومى مطلع إن هناك مقترحين تتم دراستهما حاليا فى مجلس التنمية الاقتصادية، الأول يتعلق بإنشاء صندوق وتمويله من خلال مخصصات صندوق «تحيا مصر» ليساعد المصانع التى لديها دراسات جدوى تؤكد قدرتها على إعادة التشغيل من خلال تقديم قروض ميسرة توجه لشراء الخامات والمعدات اللازمة للإنتاج، على أن يتم إصدار قرار من الحكومة بتأجيل سداد مستحقات الجهات الحكومية لدى المشروعات المتعثرة، والتى يتم تعويمها لمدة عام حتى تتمكن من النهوض من عثرتها، وبعدها يتم عمل جدولة لتلك الديون سواء الضرائب أو البنوك أو الجهات الحكومية الأخرى.

أما المقترح الثانى فيتعلق باستصدار قرار من البنك المركزى يسمح للبنوك بإقراض المشروعات بضمانة الأرض، لكنه مازال محل تفاوض. وأضاف: «نسعى للخروج بأفضل شكل قانونى يحقق الهدف المرجو ويحصل على توافق من كافة الأطراف».

مجتمع الأعمال نفسه لم يحسم موقفه بشأن هذا الملف، فالبعض يرى ضرورة إعادة التشغيل واستغلال الطاقات العاطلة، وآخرون يرون أن عددها غير مؤثر على النشاط الاقتصادى، وأن أغلبها متعثر لأسباب تتعلق بضعف دراسات الجدوى وليس لأسباب سياسية أو متغيرات اقتصادية طارئة.

طارق توفيق، وكيل اتحاد الصناعات، أكد أن حل مشكلة المصانع المتعثرة أسهل كثيرًا من كل التعقيدات التى تبحث عنها الحكومة، قائلا: «لا نحتاج إلى صناديق أو مخصصات من الموازنة لتمويلها»، موضحا: «البنوك عندها فلوس مش عارفة توديها فين، الأمر فقط يتعلق بإصدار حزمة من التعديلات التشريعية التى تنظم العملية وتعطى ضمانة أكبر لحقوق الدائنين».

وأضاف: «البنوك مجبرة مثلا على تعويم المصانع والشركات الكبرى وجدولة ديونها، أما المصانع المتوسطة والصغيرة فإنه وفقا للقانون الحالى، فإن البنوك تكون غير متحمسة لذلك لعدة أسباب، أولها أن قانون الشركات ينص حاليا على أنه فور إعادة ضخ أى أموال لهيلكة الشركة، فإن الأولوية لسداد مستحقات الجهات الحكومية مثل الضرائب والتأمينات، أما البنوك فتأتى فى مرحلة متأخرة، على عكس العالم كله فى الخارج، والذى يعطى الأولوية لتشغيل المؤسسة وأن تكون للبنوك التى شاركت فى إعادة إقراض المؤسسة الأولوية فى الحصول على مستحقاتها، ما يشجع البنوك كثيرا على التمويل، والأمر الثانى القائمة السوادء للبنك المركزى التى تضع حظرا لمدة 3 سنوات على المنشآت المتعثرة، لكن البنوك، زيادة فى الحذر، ترفض التعامل مع أى من تلك الشركات».

وتابع أن «الإفلاس أو التعثر ليس عيبا أو سبة فى حق الشخص المتعثر لأنه من الوارد أن تفتح مشروعا ويحقق أى خسائر وتغلقه لتبدأ مشروعا جديدا، لكن القانون فى مصر يعامل المتعثر أو المفلس نفس معاملة المجرمين، حيث يتم حرمانه من الترشح فى انتخابات مجلس النواب مثلا أو فى أى ناد اجتماعى».

وأضاف: «يجب أن تكون لدينا آلية قانونية فى مصر للتخارج من السوق أو ما يعرف بقانون الإفلاس لأنه يساعد على إعادة تدوير الأمور، فإذا ما تعثرت فى مشروع ما فإن من حقك أن تقوم بالتصفية وأن تعيد تدوير تلك الأموال فى مشروع جديد فلا نجد لدينا كل هذا العدد من المؤسسات والمشروعات المتوقفة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية