«أقول لكل ست مصرية أنا آسف»، و«لذلك أنا قلت لأمير قطر من فضلك بلغها عني الاعتذار»، و«بقول للمحامين كلهم حقكم علىّ».. 3 جمل استعان بها الرئيس عبدالفتاح السيسي في أول عام من فترة حكمه، مقدما خلالها الاعتذار لنساء مصر والشيخة موزا بنت ناصر، والدة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وجموع المحامين في مصر.
الاعتذار الأول قدمه السيسي بعد مرور أيام معدودة على توليه سدة الحكم في مصر، وأعاد من خلاله ثقافة الاعتذار إلى مسؤولي الدولة ومؤسساتها الرسمية، وسجل أول اعتذار من رئيس مصري وجهًا لوجه للسيدة، التي تعرضت للتحرش في ميدان التحرير، أثناء الاحتفال بفوزه في الانتخابات الرئاسية.
وقدم السيسي اعتذاره إلى نساء مصر خلال زيارته لضحية التحرش في ميدان التحرير، في 11 يونيو 2014، وقدم لها باقة ورد، ووعد بمحاسبة الجناة، وتنفيذ القانون بكل حزم، متعهدًا بألا يتكرر ذلك مرة أخرى، وطالب كل جندي بالدفاع عن عرض البلد.
ودخل السيسى حجرة الضحية في المستشفى العسكري، بصحبة الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع، في مفاجأة لم تكن تتوقعها، وقال لها: «إنت عارفاني؟»، ثم استمع لشرح من الطبيبة المشرفة على الحالة، أكدت فيه أن الضحية تعانى من حروق بنسبة ٣٠%، وهي الآن في الرعاية المركزة، وستنتقل إلى الرعاية المتوسطة خلال يومين.
وأضاف السيسي، مخاطبا الضحية: «حمدا لله على السلامة، حقك علينا، معلهش، متزعليش، حمدا لله على السلامة، أنا تحت أمرك»، فقالت له السيدة إن الحادث تم تصويره بالفيديو، وإن ابنتها تشاهده يوميا، وتصاب بانهيار، فرد عليها الرئيس: «حاضر مش هايتذاع تاني.. لا ليكى ولا ليها إحنا آسفين».
وتابع: «وعايز أقولك وأنا واقف معاك هنا، أنا مش هكلم وزير الداخلية ولا وزير العدل، هكلم كل جندي في مصر، شرطة مدنية أو جيش، من الصعيد ومن الفلاحين ومن كل حتة».
وأضاف، مخاطبا كل جندي وضابط: «بكلمكم انتوا كل ضابط صغير مش ممكن أبدا هيحصل ده ويستمر في مصر، لا ماينفعش كده».
وتابع: «بتكلم على كل مصر، وبقول للقضاء عرضنا ينتهك في الشوارع، وده لا يجوز، حتى لو كان حالة واحدة، غير مقبول، وبقول للإعلام فيه مسؤولية علينا وإحنا اتكلمنا قبل كده علشان فيه مسؤولية على الجميع، الإعلام والشرطة والقضاء وكل راجل عنده نخوة وشهامة ومروءة، عيب عليك تسيب الحالة دي تحصل حتى لو كانت حالة واحدة».
وكرر السيسي اعتذاره للضحية وقال: «عشان كده أنا بعتذر لك، كلنا إحنا كدولة مش هنسمح بده تاني، وستكون لنا إجراءات في منتهى الحسم، والقانون سينفذ بمنتهى الحسم، أنا جاى عشان أقولك وأقول لكل ست مصرية أنا آسف، أنا بعتذر لكم كلكم، سامحونى، وإن شاء الله تخفى وتبقى زي الفل، والموقف ده تتجاوزيه بأمان».
وطلبت السيدة من السيسي أن تذهب لأداء العمرة، فقال لها الرئيس: «إنتي وبنتك»، فردت السيدة: «أنا أرعى والدتي ممكن تيجى معايا»، فوعدها الرئيس بذلك، فقالت السيدة: «عايزين مصر تبقى قد الدنيا»، فأكد الرئيس: «إن شاء الله هاتبقى قد الدنيا».
وقالت السيدة: «اللى حصل كان منظم، وهما عارفين هما بيعملوا إيه»، فرد الرئيس: «حتى لو كان كده ما ينفعش يبقى عندنا ده».
وقتها، قال السفير إيهاب بدوى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس كلف المهندس إبراهيم محلب ، رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل لجنة وزارية يشارك فيها الأزهر والكنيسة للوقوف على أسباب انتشار ظاهرة التحرش ، وتحديد استراتيجية وطنية لمواجهتها، تساهم فيها المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والأمنية، إلى جانب مؤسسات الدولة الأخرى، بما فيها المجتمع المدني.
وبعد مرور نحو 8 أشهر من فترة حكمه، أجرت صحيفة «الشرق الأوسط» في فبراير الماضي حوارًا مع السيسي، ووجّه رئيس تحريرها، سلمان الدوسري سؤالًا إلى السيسي: «هل قدمت اعتذارًا للشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر عن أي إساءات صدرت ضد والدته الشيخة موزا بنت ناصر المسند في الإعلام المصري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؟».
وأجاب السيسي: «اعتذرت عن ذلك.. لماذا؟ لأنه لا يمكن الإساءة إلى المرأة العربية بأي شكل من الأشكال، ولذلك أنا قلت لأمير قطر من فضلك بلغها عني الاعتذار لأنني لا أقبل مثل هذه الإساءات، ليس إلى سيدة من قطر فقط، وإنما إلى أي سيدة من أي مكان في العالم».
وقبل يوم من مرور الذكرى الأولى على حفل تنصيبه رئيسًا للبلاد، اختص السيسي جموع المحامين في مصر بالاعتذار الثالث، بعد «واقعة الحذاء»، التي دفعت نقابتهم إلى إعلان الإضراب والمطالبة باعتذار اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، احتجاجًا على واقعة اعتداء مأمور مركز فارسكور بدمياط على محامٍ بالحذاء، وإصابته إصابة بالغة أعلى حاجبه الأيسر.
وأعرب السيسي عن خالص اعتذاره لجموع المحامين عن التصرف الفردي، الذي صدر من أحد ضباط الشرطة ضد أحد المحامين الأسبوع الماضي، قائلًا: «أنا بقول للمحامين كلهم حقكم علىَّ، وأنا أعتذر لكم، وبقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم، لازم نخلى بالنا من كل حاجة، رغم الظروف اللي إحنا فيها»، موجها كلامه لوزير الداخلية.
وأضاف السيسي على هامش افتتاح 39 مشروعًا تنمويًا جديدًا :«أنا أعتذر لكل مواطن مصري تعرض لأي إساءة، باعتباري مسؤولًا مسؤولية مباشرة عن أي شىء يحصل للمواطن المصري، وبقول لأولادنا في الشرطة أو في أي مصلحة حكومية، لازم ينتبهوا إنهم بيتعاملوا مع بشر، والوظيفة تفرض عليهم التحمل، لأن المصريين أهلنا وناسنا، ومافيش حد ينفع يقسو على أهله»، مختتمًا: «عاوزين ناخد بالنا دايما، ونكون مثل وقدوة».