x

د.نوال السعداوى تحكى قصة ختانها

الأحد 07-06-2015 11:09 | كتب: خالد منتصر |
د. نوال السعداوي د. نوال السعداوي تصوير : آخرون

تناولت روايات كثيرة عملية ختان الإناث، مثل فتحى غانم فى «زينب والعرش»، ومثل سليمان فياض فى «أصوات»، ولكن تظل الروائية والكاتبة نوال السعداوى لها السبق والريادة فى فتح هذا الموضوع الشائك.

تحكى نوال السعداوى قصة ختانها قائلة: «كنت فى السادسة من عمرى، نائمة فى سريرى الدافئ أحلم أحلام الطفولة الوردية، حينما أحسست بتلك اليد الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، تمتد، وتمسكنى، ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمى، وتطبق عليه بكل قوة لتمنعنى من الصراخ، وحملونى إلى الحمام، لا أدرى كم كان عددهم، ولا أذكر ماذا كان شكل وجوههم، وما إذا كانوا رجالاً أم نساء؟ فقد أصبحت الدنيا أمام عينى مغلقة بضباب أسود، ولعلهم أيضاً وضعوا فوق عينى غطاء، كل ما أدركته فى ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التى أمسكت رأسى وذراعى وساقى حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة، وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدى العارى، وأصوات مجهولة وهمهمات يتخللها صوت اصطكاك شىء معدنى ذكرنى باصطكاك سكين الجزار، حين كان يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد، وتجمد الدم فى عروقى، ظننت أن عدداً من اللصوص سرقونى من سريرى، ويتأهبون لذبحى، وكنت أسمع كثيراً من هذه القصص من جدتى الريفية العجوز، وأرهفت أذنى لصوت الاصطكاك المعدنى وما إن توقف حتى توقف قلبى بين ضلوعى، وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشىء يقترب منى، لا يقترب من عنقى، وإنما يقترب من بطنى، من مكان بين فخذى، وأدركت فى تلك اللحظة أن فخذىّ قد فتحتا عن آخرهما، وأن كل فخذ قد شدت بعيداً عن الأخرى بأصابع حديدية لا تلين، وكأنما السكين أو الموسى الحاد يسقط على عنقى بالضبط، أحسست بالشىء المعدنى يسقط بحدة وقوة، ويقطع من بين فخذى جزءاً من جسدى، صرخت من الألم رغم الكمامة فوق فمى، فالألم لم يكن ألماً، وإنما نار سرت فى جسدى كله وبركة حمراء من دمى تحوطنى فوق بلاط الحمام، لم أعرف ما الذى قطعوه منى، ولم أحاول أن أسأل، كنت أبكى، وأنادى على أمى لتنقذنى، وكم كانت صدمتى حين وجدتها هى بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم، وتبتسم لهم وكأنهم لم يذبحوا ابنتها منذ لحظات، وحملونى إلى السرير، ورأيتهم يمسكون أختى التى كانت تصغرنى بعامين بالطريقة نفسها، فصرخت وأنا أقول لهم لا، لا، ورأيت وجه أختى من بين أيديهم الخشنة الكبيرة، كان شاحباً كوجوه الموتى، والتقت عينىّ بعينيها فى لحظة سريعة قبل أن يأخذوها إلى الحمام، وكأنما أدركنا معاً فى تلك اللحظة المأساة، مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس، جنس الإناث الذى يحدد مصيرنا البائس، ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية