x

.. وماذا لو تحرشت البنت بالولد

الخميس 20-11-2008 00:00 |

من أيام صدر حكم جرىء لم يتوقعه أحد، فالقاضى الذى أصدره وضع فى حيثياته تصحيحاً لمسار الأخلاق والسلوك الحميدة فى المجتمع المصري، فقد كان حكمه رادعاً للانفلات الأخلاقى الذى تشهده شوارعنا هذه الأيام.

اطلعت على حكم القاضى المستشار طارق حامد، الذى عاقب أحد الشبان الجامعيين المتهم بالتحرش الجنسى بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ من أول جلسة شهدتها محكمة جنح العجوزة، وقد اعتدنا على أن مثل هذه القضايا وغيرها تتداول فى جلسات متعددة،

لكن المحكمة عندما أصدرت حكمها قالت فى أسبابه إنها اطمأنت لأقوال الشاهد وتحريات المباحث ومحضر الضبط.. معنى هذا أن الرؤية أصبحت واضحة.. وأن دليل الإدانة ثابت لذلك أصدرت المحكمة حكمها رغم محاولات الدفاع طلب التأجيل.

هذا الحكم يطالبنا أن نعلم أولادنا السلوك، أن نهتم بتربية شبابنا حتى لا يرتكبوا أخطاء سواء كانت باللفظ أو الإشارة أو بالفعل.. قد تكون سبباً فى تعرضهم للمساءلة القانونية، أو مثولهم أمام محاكم الجنح،

فالقانون الجنائى المصرى لأول مرة يكشر عن أنيابه ضد الانفلات بعد أن أصبح ظاهرة تحولت من اللفظ إلى الفعل، فقد كان التحرش بالبنات بألفاظ خارجة ومطاردات مخيفة، وتطورت أساليب المعاكسات إلى مد اليد، من هنا كان لابد من حماية الأنثى التى هى أختك وأختى من الأفعال الآثمة التى يلجأ إليها بعض المنفلتين.

السؤال الآن.. وماذا بعد صدور أول حكم فى ظاهرة التحرش، هل سوف تختفى المعاكسات؟!

فى رأيى أن الأسرة المصرية التى تحمل الإجابة عن هذا السؤال.. بعد أن انفلت الزمام من يدها وأصبحت لا تستطيع أن تسيطر على تصرفات أولادها بسبب غياب الأب عن الأسرة لانشغاله بتوفير احتياجاتها من مأكل وملبس.. فالذى أعرفه عن الأب المصرى أنه لم يعد الأب «الغضنفر» أو قراقوش زمان، فى الظروف الاقتصادية التى أضاعت هيبته مع أولاده، فهو يعمل فى أكثر من وظيفة لتغطية احتياجات الأسرة وتأمين مستقبل أفرادها..

من هنا انشغل أو انصرف عن متابعة تربية الأولاد وأصبح العبء على الأم التى تفقد أحياناً سيطرتها عليهم.. وقد تكون الأم موظفة هى الأخرى فلا يجد الأولاد من يحسن تربيتهم بعد أن يصبح الوالدان مصدراً لتغطية الاحتياجات المالية فقط.

أذكر أن كاتبنا المرحوم الأستاذ صلاح جلال وهو أحد الأساتذة الذين تعلمت على أيديهم الصحافة، تبنى قضية الأخلاق فى مصر فى حملة صحفية أطلقها من مجلة «آخر ساعة» فى الستينيات عندما كان يعمل بها قبل انتقاله إلى مؤسسة الأهرام ليصبح من أعمدة الصحافة المصرية فيها.. الحملة كانت تحمل عنواناً نحن فى حاجة إليه هذه الأيام فقد كانت تحت عنوان «علموا أولادكم الأخلاق».

كلامه كان رسالة للبيت المصرى يكشف عن الانفلات بين الأولاد والذى لم يكن ظاهرة حديثة، بل كان جزءاً من انعكاسات السلوك لأشخاص خارجين عن المجتمع.

فقد كان الأولاد يتسكعون على نواصى مدارس البنات وكثيراً ما كانت حملات شرطة الآداب تحصد منهم العشرات وهم يقومون بمعاكسة البنات بعد خروجهن من المدارس.. ولم يكن المظهر هو الدافع فى إغراء الأولاد على المعاكسات، لأن الزى المدرسى للبنات لا يجذب العين أو يثير الغرائز عند الأولاد..

ومع ذلك كانت ظاهرة المعاكسات تجتاح الشوارع وأبواب مدارس البنات.. لكن ماذا نقول بعد أن أصبحت ظاهرة الشكل العام هى السبب الرئيسى لانفلات الأولاد.. فليس من المعقول أن تكون البنت محجبة وتضع طناً من المساحيق على وجهها وترتدى الملابس التى تبرز بعض مناطق فى الجسم، فقد اعتقدت أن تغطية الرأس وحده تكفى أن تكون عنواناً للبنت المحجبة.

وهنا يحضرنى سؤال.. ماذا لو تحرشت البنت بالولد وكان هناك شهود.. هل سيكون من نصيبها نفس الحكم الذى يطبق على أى متهم.

قد يأخذ تحرش البنت بالولد صوراً عديدة منها إثارته فى الشارع العام بملابسها الضيقة وتعرية جزء من جسدها، وقد يكون هناك شهود من جنسها فيرفضن الذهاب إلى المحكمة للإدلاء بشهادتهن. فلماذا لا نحمى أولادنا من هؤلاء الفتيات اللاتى يتعمدن إثارتهم بالملابس العارية أو غير المحتشمة.

لذلك أقول: المجتمع المصرى المسؤول الأول عن قضايا التحرش سواء كان من الولد.. أو البنت.. وهنا أطالب الأسرة المصرية بأن تهتم بالسلوك السوى عند أولادها سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً.. فالبيت هو المسؤول الأول عن خروج البنت بملابس مثيرة..

وأتمنى أن يمتد العقاب إلى الأبويين ونسمع عن حكم قضائى صدر فى حق أم ساهمت فى تعرية جسد ابنتها بالسماح لها بالخروج إلى الشارع المصرى غير محتشمة.. أنا لا أطالب بتعميم الحجاب أو «العباية» لكنى أطالب بالاحتشام، حتى لا نعرض أولادنا الشبان للحبس.. «ولاّ إيه..».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية