بعدما أغلقت جريدة «الجريدة» لصاحبها أحمد لطفي السيد أبوابها عام ١٩١٥ أصدر عبدالحميد حمدي جريدة السفور، التي احتلت مكانة رفيعة بين المثقفين والأدباء ونشر أحمد رامي فيها قصيدته «الصبُّ تفضحه عيونه» بعد ذلك بسبعة أعوام أي عام ١٩٢٢ أوفدته دارالكتب التي كان يعمل بها إلى باريس لدراسة اللغة الفارسية، وهناك حصل على الدبلوم.
وأثناءوجوده في باريس كان الشيخ أبوالعلا محمد وهو وثيق الصلة بأم كلثوم آنذاك قد قام بتلحين تلك القصيدة، وتغنت بها أم كلثوم ولم يعرف أحمد رامي شيئًا عما حدث طوال السنتين اللتين أقام فيهما في باريس، فلما عاد يوم ٢١ يوليو عام ١٩٢٤، أبلغه أحد أصدقائه بما حدث وصحبه إلى مسرح البوسفور وهناك دخل رامي إلى غرفة أم كلثوم.
وكانت شديدة الذكاء بادرته بقولها «أهلاً سي رامي» ومن يومها توثقت العلاقة الفنية والإنسانية بينهما ليقدما إلى جمهور الغناء العربي مجموعة من روائع الغناء وظلا متلازمين منذ ذلك اليوم ٢٢ يوليو ١٩٢٤ إلى أن توفيت أم كلثوم في الثالث من فبراير.
رغم وجود أكثر من ترجمة لرباعيات الخيام تظل ترجمته الأفضل والأقرب إلى نصها الفارسي.. لقب بشاعر الشباب.. نظم برقة عاشق شعره في أغانيه لكوكب الشرق.. رغم إخفائه حبه لأم كلثوم، فضحه هواه لها وكفاه من «ملهمته تغريدها»، حسبما رثاها بعد رحيلها.
ولد أحمد رامي في 9 أغسطس 1892 بحي السيدة زينب، وهو من أصل شركسي، فجده لأبيه الأميرلاي (العميد) الشركسي حسين بك الكريتلي من رجال الجيش البارزين.
والتحق «رامي» بمدرسة المعلمين وتخرج فيها عام 1914 وسافرإلى باريس في بعثة لتعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية، ثم حصل على شهادة في المكتبات من جامعة السوربون.. وفي منتصف العشرينيات التقى أم كلثوم، فإذا به ينصرف عن الشعر إلى نظم الأغنية الدارجة لها فارتقى بهذه اللغة برقي ما تحمله من معان راقية ومشاعر غنية، وجعل كلمات الأغنية رسالة إنسانية في المحبة فارتقى بالأغنية العامية إلى مراتب لم تبلغها من قبل إلا فيما ندر.
وكانت أولى أغانيه لأم كلثوم هي أغنية «خايف يكون حبك لي شفقة علىّ»، لكن هذا لم يحل دون زيارات متقطعة لقصيدة الفصحى المغناة، وكان «رامي» كتب أولى قصائده وهو في الخامسة عشرة من عمره.
وفي 1910، نشرت مجلة «الرواية الجديدة» قصيدة أخرى.. ونشر أول دواوينه الشعرية عام 1918.. ونال أحمد رامي تقديرًا عربيًا وعالميًا واسع النطاق، حيث كرمته مصر عندما منحته جائزة الدولة التقديرية عام 1967.. كما حصل على وسام الفنون والعلوم ووسام الكفاءة الفكرية من الطبقة الممتازة، حيث قام الملك الحسن الثاني ملك المغرب بتسليمه الوسام بنفسه، كما انتخب رئيسًا لجمعية المؤلفين.
كما حصل على ميدالية الخلود الفنى من أكاديمية الفنون الفرنسية، وقبل وفاته ببضع سنوات كرمه الرئيس أنور السادات ومنحه درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون، لكنه أصيب بحالة من الاكتئاب الشديد بعد وفاة أم كلثوم.. ورفض أن يكتب أي شىء بعدها إلى أن رحل عن عالمنا «زي النهارده» في 5 يونيو1981، وسار في جنازته نفر قليل، بعدما قدم لأم كلثوم 110 أغنيات.
ومن أشهرهذه الأغاني «قصة الأمس، رباعيات الخيام، وجددت حبك ليه، رق الحبيب، سهران لوحدي».. وساهم في 30 فيلمًا سينمائيًا إما بالتأليف أو بالأغاني أو بالحوار، من أهمها «نشيد الأمل، الوردة البيضاء، دموع الحب، يحيا الحب، عايدة، دنانير، وداد».. كما كتب للمسرح أيضًا مسرحية «غرام الشعراء».