x

أسامة خليل فعل فاضح فى استاد القاهرة أسامة خليل الأربعاء 03-06-2015 21:32


من أهم الآفات التى كانت ومازالت تعوق التواصل بيننا، وتسد مسارات الحوار، وتشل حركة التفكير والنقد والأخذ والرد، غياب المفهوم الحقيقى لثقافة الحوار، واستبدالها بثقافة الاتهام والتجريح، التى نحترف التعامل بها، ونستريح لفرضها جبراً على من نختلف معهم، حتى نصرف الناس عن رؤية الحقيقة، ونسفّه من الآراء الموضوعية والنقد البناء.

وقوالب الاتهام دائماً ما تكون جاهزة وإن اختلفت التهم من مرحلة لأخرى، ومن نظام لآخر، فكل حاكم أو حكومة تصنع لشعبها «بعبع» يخشى الاقتراب منه أو التحاور معه، أو الاستماع لوجهة نظره.

فقبل ثورة ٢٥ يناير، كان كل من يختلف مع نظام «مبارك» هو بالضرورة من الداعين للفوضى، وتفكيك المجتمع، ولا يجب الاستماع إلى آرائه أو مناقشته فيها، رغم أن أغلبها موضوعى ينطلق من رؤية للخطر الذى كانت البلاد ذاهبة إليه لا محالة، بسبب تعاظم الفساد وتجبر نظام الحزب الوطنى واحتكاره الحياة السياسية، وبالفعل وقعت ٢٥ يناير ليظهر «البعبع» الجديد، وهو الفلول، فأى شخص أو كاتب أو مفكر أو مواطن بسيط يمتعض من حالة السيولة السياسية والعشوائية والمستقبل الغامض، فهو من فلول «الوطنى» والقوى الرجعية، وتخرج عليه جيوش المتسلقين على كتف أى مرحلة، أو الثوريون المغيبون عن واقع أهلهم، لينهشوه بتلك التهم حتى يبتعد الناس عن الاستماع لما يقوله، وقد ظل هذا البعبع «الفلول» مسيطراً علينا، واستخدمه الإخوان ضد كل من يختلف معهم، حتى لو كانوا من قوى سياسية ووطنية شاركت فى صناعة الثورة.

وطلع فجر ٣٠ يونيو المجيد، وخرج الملايين وأزاحوا نظام الرئيس الإخوانى محمد مرسى، وقبل أن يستقر هو ونظامه فى السجن ظهر البعبع الجديد (أنت إخوانى)، فكل من يختلف مع بعض السياسات، أو يطالب بتصحيح المسار، أو يطرح رؤية تنير الطريق للنظام الوليد، وتختلف مع أصحابه ومريديه، يُلقى بتهمة الأخونة، حتى لو كان يدين بديانة غير الإسلام، المهم أن ينصرف الناس عن الاستماع لرأيه، ومناقشته بموضوعية، فأصحاب المصالح والمستفيدون وبعض رجال الحكم لا يريدون أن يسمع الناس أحداً غيرهم، فالاستماع باب خطير يقودنا للتفكير، ومن يفكر يُغيِّر، وهذا كابوس مزعج يهدد أى نظام يعرف أن التفكير والمناقشة دائماً ما يقودان للتطوير والتحسين، لكنه لا يطمح لأى تغيير.

والرياضة مثل السياسة، لديها قوالب جاهزة ومستقرة منذ زمن، فأى كاتب أو صحفى يتجرأ ويختلف مع الأهلى أو ينتقده، ولو على سبيل النصح، فهو بالضرورة زملكاوى يريد هدم القلعة الحمراء، أو حاقد على إدارتها الرشيدة، كذلك فمن يختلف مع القائمين على أمر الزمالك فهو أهلاوى الولاء.

هذا التصنيف الساذج الذى يهدف لتضليل الرأى العام، يظهر عندما يختلف النقاد أو الخبراء والمحللون على ضربة جزاء، فموقفك يحدد هويتك، وعلى قدر تمسكك بوجهة نظرك، يتحدد مدى تعصبك للفريق الذى تم احتسابك عليه. ومنذ زمن، انتبهت لهذا النوع من الابتزاز الذى يستخدمه مسؤولو الأندية ضد النقاد والصحفيين الذين يختلفون معهم أو يزعزعون ثقة الناس فى قراراتهم وتصرفاتهم الخاطئة، لكن هذه التهم لا ترهبنى، بل تدفعنى للتمسك بما أظنه صحيحاً، حتى يثبت العكس، لذا ليس عجيباً أن تجد هناك من يتهمنى، بسبب ما أكتبه على صفحات «المصرى اليوم»، بأننى أهلاوى متعصب أسعى لتدمير الزمالك حتى يتم تغييب الناس عن مناقشة ما يُكتب، وهو كلام أظنه موضوعياً يستحق الحوار، ولكن لأن لغة الحوار غائبة، وثقافة الاختلاف لا نعرفها، فإن الاتهام يبقى، والتشهير هو اللغة السهلة التى يهرب بها المسؤولون من مواجهة أنفسهم بأخطائهم.

الغريب أنه فى نفس الوقت الذى أصبجت فيه متهماً بأننى أهلاوى، تجد مذيعاً مشهوراً يخرج ويعلن أننى زملكاوى أهيم شوقاً بالفانلة البيضاء، وأن انتقادى هو من قبيل الخوف على الحبيب، وهذا كلام يضع السم فى العسل. فالانتماء للأهلى أو الزمالك شرف لا أدعيه، وتهمة لا أنكرها، لكن ما أنتمى إليه حقاً وعن قناعة هو مهنتى كصحفى يبحث عن الحقيقة، وقد أصيب مرة وأخطئ أخرى، لكن يبقى أن قناعاتى وأمانتى التى تحملتها أمام الله هى التى تحكمنى فيما أكتب، وليس حبى للزمالك، أو انتمائى للأهلى، فالاثنان سواسية، ويبقى أننى كنت وما زلت متحيزاً ضد الفساد والفاسدين، حتى لو كانوا أصحاب سلطة وسلطان، فكما اختلفت مع حسن حمدى لإساءته للأهلى بما ارتكبه من أخطاء فى مؤسسة «الأهرام» انتقدت بشدة ممدوح عباس وآخرين شاركوا فى تدمير الزمالك بتصرفاتهم وقراراتهم وحبهم لأنفسهم أكثر من حرصهم على هذا الكيان العظيم، بل إن حجم ما كتبته انتقاداً للزمالك أضعاف ما كتب عن الأهلى الذى تسيَّد الكرة المصرية فى السنوات التسع الماضية، وكنت صاحب أشهر عنوان فى الصحافة المصرية بعد مباراة «الستة واحد»، وكتبت «فعل فاضح فى استاد القاهرة»، فالقضية ليست فى الأشخاص، لكن فى التصرفات والأفعال والنتائج، لذا لا أنزعج من التصنيف، ولا ترهبنى الاتهامات، وسأبقى مقاتلاً بالرأى والحجة والمعلومة، دفاعاً عن وجهة نظرى التى قد تحتمل الصواب والخطأ، وأجرى وأجركم جميعاً على الله.

■ ■ ■

هل صحيح أن الأهلى باع الأندية، وتعاقد مع «بريزنتيشن» منفرداً كما يشيع البعض؟ الإجابة النهائية: «غير صحيح على الإطلاق»، بل ربما العكس هو الصحيح، فالأهلى عندما شكل هذا التكتل من الأندية الستة قادها للتعاقد مع التليفزيون بمبلغ خيالى لم تحصل عليه الأندية الأخرى، أقلها حصل على ٦ ملايين، وأكبرها ٨ ملايين، وكل منها أبرم عقده منفرداً مع التليفزيون، الذى تقاعس عن السداد، ولم يستجب لإلحاح الأندية على حقوقها، ما دفع إدارة الأهلى التى استنفدت كل الطرق الودية والقانونية إلى منع إذاعة إحدى مباريات فريقها، وهى واقعة شهدها الرأى العام بكامله، ولم تحدث فى الخفاء، الأهم أن الأندية الستة التى يدَّعى بعضها أن الأهلى باعه رفضت التضامن معه، وأذاعت مبارياتها، وعندما ذهبت لاجتماع تسوية المديونية، أعلن أمين صندوق الأهلى أمام الأندية الستة ومسؤولى التليفزيون أن ناديه سيفسخ تعاقده إذا لم تتم التسوية فى موعدها، وعندما تقاعس التليفزيون نفذت إدارة الأهلى ما وعدت به. فمن الذى خان، ومن الذى باع، ومن الذى يضحك على الرأى العام؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية