x

شهادة السناوي عن «سنة أولى سيسي»: الرئيس يحكم برجال مبارك (حوار)

الأربعاء 03-06-2015 11:34 | كتب: رضا غُنيم |
عبد الله السناوي في برنامج «صالون التحرير» عبد الله السناوي في برنامج «صالون التحرير» تصوير : other

ما بين جماعة تتظاهر يوميًا في الشوارع، وتجنح للعنف أحيانًا، لإعادة رئيس سقط بأمر الشعب، واقتصاد منهار يحتاج إلى روشتة علاج عاجلة، وغضب بين الحركات الشبابية لعودة الشرطة إلى ممارستها القمعية، وتدفق الجهاديين إلى سيناء، وخصومه مع دولة شقيقة وصلت إلى حد سحب سفيرها من القاهرة، واضطراب في دول الجوار لسقوطها في يد الميليشيات الإسلامية، صعد المشير عبد الفتاح السيسي، إلى سدة الحكم بشعبية كبيرة، محملًا بآمال وطموحات المصريين في صُنع مستقبل أفضل.

بعد عام من دخوله قصر الرئاسة.. هل نجح الرجل القادم من المؤسسة العسكرية فى إدارة الأزمة مع جماعة الإخوان؟ هل لبّى مطالب ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟ هل انحاز للفقراء كما روّج فى خطاباته ولقاءاته؟ هل نجح فى تنفيذ تعهداته بمنع رموز مبارك من العودة للساحة السياسية؟.

«المصرى اليوم» التقت الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، للإجابة عن هذه التساؤلات، فهو قارئ جيد للواقع المصرى، عقلانى فى زمن أصبحت فيه اللاعقلانية سمة العصر، وأحد القلائل الذين يتعاملون مع الأحداث بمفهوم الثقافة الإغريقية: «مرونة رأس وليس حشو رأس»، ومن الذين يجيدون تمييز الخط الفاصل بين الحق والباطل، وبين المهم وغير المهم.

قبل أن نتحدث عن الملفات والتحديات التى واجهت السيسى فى أول عام من حكمه، سألت «السناوى»: نجح الرئيس أم فشل؟ أجاب: «فشل فى معظم الملفات، لأسباب عدة، أهمها غياب الرؤية والاستراتيجية، فهو لم ينجح فى إصلاح الجهاز الأمنى والقضائى، لم ينجح فى وضع نظام إعلامى جديد، ولم ينجح فى التعامل مع الشباب، وخسرهم».

السيسى والإخوان.. المصالحة مستحيلة

كانت «الإخوان» التحدى الأكبر للسيسى، فالجماعة تضم حوالى 4 ملايين عضو، بحسب باحثين إسلاميين، وتتظاهر يوميًا فى الشوارع منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، واتجه بعض أنصارها لارتكاب أعمال عنف ضد أفراد الشرطة والمدنيين، فى ظل غياب الأصوات التى تدعو لإجراء مصالحة مع الدولة.

يقول السناوى: «الرئيس السيسى لم يكن لديه خطاب موحد، خلال العام الأول من حكمه تجاه الإخوان، فى بداية توليه المسؤولية، وأنا هنا أتحدث وفق معلومات، كان يميل إلى إدماج الجماعة فى الحياة السياسية مرة أخرى، لكن بضغط شعبى وإعلامى تراجعت الفكرة، ثم بعد ذلك أصبحت المصالحة مستحيلة، ولن يُقدم عليها السيسى، أو أى رئيس آخر، وكل المبادرات للمصالحة وصلت إلى حائط مسدود، لأنها اصطدمت بحقائق موجودة على الأرض، جماعة لا تريد الاعتراف بالإرادة الشعبية، ترتكب أعمال عنف ضد الشرطة والجيش والمواطنين، تحاول تقويض مؤسسات الدولة، تضع قوائم سوداء للإعلاميين والقضاة، تفجر أبراج الكهرباء، وتقطع خطوط السكك الحديدية، كل ذلك جعل فكرة المصالحة مستحيلة»، متسائلًا: «كيف تقبل مؤسسات القوة (الشرطة والجيش والقضاء) المصالحة، وهم يتعرضون لعمليات إرهابية؟».

لا معارضة حقيقية مع وجود الإخوان فى الشارع، هذا ما يؤمن به عدد من الحركات اليسارية والليبرالية، رافضة التظاهر ضد النظام الحالى، رغم عدم رضاها عن سياسته، بسبب تظاهر أنصار الجماعة، وهو المبدأ الذى يؤمن به «السناوى»، مؤكدًا أن «الإخوان عبء على الديمقراطية».

يقول: «الجماعة كانت سببًا قويًا فى تعطيل العملية الديمقراطية، سمحت بدخول الشرطة الحرم الجامعى، وفقدان الجامعة استقلالها، وأجّلت تعديل قانون التظاهر، وأجّلت المناقشة الجادة حول الانتخابات البرلمانية، نتيجة أعمال عنف ترتكبها الجماعة، ما سمح للسلطة باستخدامها كالعادة لتمرير قوانين لا تختلف عن القوانين التى كانت تمررها لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل».

وعن مستقبل الجماعة، يؤكد «السناوى» أن هناك صراعًا قويًا داخل «الإخوان» بين الحرس الجديد والحرس القديم، وبين قيادات الداخل والخارج، وهناك مجموعة تريد إعادة الجماعة للحياة السياسية، خوفًا من الانتحار النهائى، ومجموعة تفضل العنف فى مواجهة السلطة، وهو الأمر الذى قد يقود إلى حالة «تدعيش الجماعة»، لتصبح فى حالة تحالف ضمنى مع التنظيمات الإرهابية مثل «داعش»، وحال انتصار هذه المجموعة سيكون هناك انتحار نهائى للجماعة.

سألت «السناوى»: ما المطلوب من السيسى فى المستقبل لمواجهة «عنف الإخوان» والجماعات التكفيرية؟ أجاب: «أن تكون لديه استراتيجية واضحة وشاملة لمواجهة الإرهاب، وألا يكون هناك تغليب للحل الأمنى على السياسى أو العكس، بل يكون هناك مشروع اجتماعى واسع، مشروع يحفظ كرامة المواطن، مشروع يوفر حياة كريمة للمصريين، هذا هو الحائط الذى يمنع الإرهاب من الانتشار.. فى العام الأول الرئيس لم تكن لديه أى خطة واضحة لمواجهة العنف، لم تكن هناك رؤية سياسية للتعامل مع التيار الإسلامى، ولن نستطيع اجتثاث فصيل إسلامى من المجتمع، الأفكار لا تُجتث».

خسارة الشباب تُعني خسارة المستقبل

تظل مقولة الثائر الفرنسي جورج جاك دانتون «الثورة تأكل أبناءها»، هي الوصف الأدق لوضع الشباب في مصر عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فالشباب الذي تصدر المشهد في ثورة 30 يونيو، لإسقاط حكم «الإخوان» يقبعون الآن خلف القضبان، جنبًا إلى جنب مع من أسقطوهم، وتعهد السيسي أكثر من مرة بالإفراج عنهم، إلا أنه لم يف بتعهداته.

يقول «السناوي»: «ملف الشباب من الملفات الخطيرة التي يجب أن تُحسم في أسرع وقت، ولديّ علامات استفهام كبرى حول تأخر حسم هذا الملف، رغم أن السيسي يُدرك خطورته، فإن خسر الشباب سيخسر المستقبل، هو يعلم ذلك جيدًا، وكان من المفترض أن يُصدر قرارًا بالعفو عن عدد من الشباب، لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن، وأعلم جيدًا أن هناك جهات بالدولة – لم يسمها- تضغط على الرئيس لعدم الإفراج عن الشباب، وهذا سيجعل نظرة التاريخ للسيسي غير إيجابية، وأخشى ان يكون الحساب عسيرًا في المستقبل».

ويضيف: «هناك فجوة كبيرة بين الأجيال الجديدة والدولة، والدولة إن وقعت في صدام مع الشباب فهي على خطأ»، مستشهدًا بمقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب مظاهرات الطلبة عام 1968: «إن اصطدمت الثورة بشبابها تكون على خطأ».

ويُتابع: «لا نقبل أن تكون يد الدولة غليظة على شبابها ومُتساهلة مع لصوص المال العام، شباب الثورة مثل أحمد دومة في السجون، ولصوص المال العام مثل حسين سالم في الخارج».

دافع «السناوي» عن الشباب، لكنه في الوقت نفسه، يرفض الدعوات التي أطلقتها بعض الحركات الشبابية لإسقاط الرئيس السيسي، معتبرًا أن «سقوط السيسي يُدخل البلاد في فوضى، لأن البلاد لا تحتمل مرحلة انتقالية ثانية فاشلة مثل المرحلة الانتقالية الأولى التي انتهت بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي».

ويوضح: «هناك فرق بين تصويب المسار السياسي، وبين إسقاط السيسي، السقوط معناه فوضى، والرئيس مُطالب بألا يفشل، لابد أن يرفع شعار (ممنوع الإخفاق)، فشل السيسي يعني فشل مصر، الشباب يتجاوزون أحيانًا في اللغة، هناك حدة في النقد، وعدم تقدير للواقع وتعقيداته، وهذا شيء طبيعي لحداثة السن، بجانب رد فعل منهم على قمعهم».

العدالة الاجتماعية.. «بين النوايا والسياسات»

«هناك فجوة كبيرة بين النوايا والسياسات».. بتلك الكلمات يصف «السناوى» موقف السيسى فى عامه الأول من ملف العدالة الاجتماعية، فهو لا يشك فى مشاعر الرئيس الإنسانية، وانحيازه للبسطاء، لكنه يرى أن السياسات التى يجرى تطبيقها على الأرض تُعادى الفقراء، ولا تختلف عن سياسات حكومات الرئيس الأسبق حسنى مبارك. ويُضيف: «هناك حالة عداء ضد الفقراء، وعلى سبيل المثال، هناك زيادة فى الأسعار، فى الوقت الذى يجرى فيه تدليل رجال الأعمال، حيث جرى تمرير قانون الاستثمار بما يخدم مصالحهم، وإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، وكأن جمال مبارك هو من يُدير البلاد، ما نتج عن ذلك غياب فكرة العدالة، أدى إلى تراجع شعبية السيسى، خاصة فى أوساط المثقفين، والطبقة الوسطى».

ويُرجع «السناوى» السبب فى وجود فجوة بين «النوايا والسياسات» إلى أن «السيسى يحكم برجال غيره، وأفكار مبارك، وعدم وجود رؤية وخطة وضعها بنفسه»، متابعًا: «يجب أن يؤسس السيسى لنظامه، أن يختار رجاله الذين يُنفذون سياساته، وأن يُظهر (العين الحمراء) للفاسدين ورجال الدولة القديمة، فإن لم ينقض عليهم، سينقضون هم عليه، 30 يونيو يجرى اختطافها من قبل الدولة القديمة، مثلما خطفت جماعة الإخوان ثورة يناير، ويجب أن يكون هناك قرار سياسى يسمح للهيئات الرقابية بتقديم ملفات الفاسدين إلى جهات التحقيق، الاقتصاد الذى يتم تأسيسه على فساد يصبح فاسدًا.. حان وقت اتخاذ القرارات الكبرى». ولم ينس «السناوى» ذو التوجهات الناصرية أن يلفت انتباه السيسى إلى أن جزءا كبيرا من الشعب انتخبه، لأنه اعتبره «ناصر الجديد»، ولهذا يجب عليه أن يُلبى طموحات وآمال من انتخبوه، وأن يفى بالتعهدات التى قطعها على نفسه قبل صعوده إلى الحكم، لأن «جزءا من قوة الرئيس الالتزام بتعهداته».

الداخلية.. «تضحيات هائلة وانتهاكات فاضحة»

يعتبر «السناوى» أن «وزارة الداخلية فى مأزق كبير»، فهى تقدم تضحيات هائلة فى مواجهة الجماعات الإرهابية، فى الوقت نفسه هناك انتهاكات فاضحة، إذ يجرى انتهاك أبسط حقوق الإنسان، الشرطة تُريد الانتقام من ثورة 25 يناير، تتعامل بقسوة مع الشباب، والنتيجة لن تكون فى صالحها إن استمرت على ذلك الوضع، كما أن الضابط الذى يرتكب جريمة ينزع صفة القداسة عن زملائه من الشهداء الذين راحوا ضحية الإرهاب.

سألت «السناوى»: «ما الذى تجاهله السيسى فى عامه الأول مع الشرطة؟»، أجاب: «كان يجب عليه إصلاح الجهاز الأمنى، نحن لا نريد أن يقف الرئيس ويقول إن الضابط سيُحاسب إن قتل مثلما حدث فى قضية شيماء الصباغ، لا بد من خطة واضحة لإصلاح الداخلية، الشعب يريد عودة الأمن، وليس جبروت الأمن، وثقافته تغيرت كثيرًا فى السنوات الأربع الماضية، هو لن يسمح بقمعه مرة أخرى، والدليل ما حدث لأحد الضباط فى منشأة ناصر».

السيسي والأحزاب.. تجاهل لعدم الخبرة

خلال عام كامل، لم يلتقى السيسي الأحزاب سوى مرتين فقط، وهو ما يعتبره «السناوي» تجاهلًا غير مبرر، ويضيف: «أعلم أن السيسي لا يحب الأحزاب، ويراها ضعيفة، لكن هذا ليس مبررًا لتجاهلها، فتنحية الأحزاب تقضي على فكرة الديمقراطية، الرجل بحكم تكوينه العسكري ليست لديه الخبرة السياسية الكافية التي تؤهله للتعامل مع الأحزاب، هو يكتسبها حاليًا من خلال موقعه كرئيس للجمهورية، يجب أن يجلس مع الأحزاب الرئيسية منفردًا، ولا يجلس مع الأحزاب المؤثرة وغير المؤثرة معًا، ذلك أشبه بالأسواق الريفية، الأحزاب شكلت ورقة ضغط كبيرة على الإخوان، ما يدل على دورها المؤثر في الشارع، لذلك يجب فتح نقاش معها، والاستماع لشكواها، ومقترحاتها».

السياسة الخارجية.. الحوار مع إيران ضرورة

سألت «السناوي»: هل إيران عدو؟، أجاب: «إيران ليست عدوًا، ويجب فتح حوار دبلوماسي علني معها، وأكاد أجزم أن الحوار معها ضرورة، السعودية فتحت حوارًا مع تركيا، والعلاقات مع طهران لن تضر الخليج»، فقلت: وماذا عن قطر وتركيا وأمريكا؟، قال: «يجب خفض مستوى التوتبر معهما، قطر دولة عربية، وتركيا دولة كبيرة، ويجب أن نفرق بين النظام والشعب، أما أمريكا فالسيسي منذ 3 يوليو بعث لها برسائل تفيد أنه مُختلف عن مبارك».

قلت للسناوي: هل نجحت مصر في التعامل مع الأزمات في ليبيا واليمن؟، قال: «إلى حد كبير، نجحنا في تأمين الحدود ومنع تدفق الأسلحة من ليبيا، وفي اليمن نجحنا في تجاوز التدخل البري».

محاربة الفساد والتصالح مع الشباب

سألت «السناوي»: ما المطلوب من السيسي في العام الثاني؟، أجاب سريعًا: «الحسم في مواجهة الفساد، لأن عدم الحسم وراء تراجع شعبيته، والتصالح مع الشباب، حتى لا يخسر معركة المستقبل».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية