صباح الاثنين الماضى، كتبت فى هذا المكان كلاماً، أظن أنه كان يدعو إلى التفاؤل، وإلا، فما معنى أن يكون هناك مشروع قائم، اسمه «التعليم أولاً» وعنوانه: عندما يصبح التعليم قضية وطن؟
المشروع كبير، وطموحه أكبر، وتقوم عليه ثلاث جهات: وزارة التعليم، مدارس الجيل الجديد الدولية، ثم رابطة المدارس الدولية فى مصر.
وهدفه النهائى، بعد ثلاث سنوات عمل، أن ينتهى من تدريب مديرى، ووكلاء، ومدرسى 700 مدرسة تجريبية ينتظم فيها نحو مليون طالب!
يومها تذكرون أنى تساءلت عمن سوف يهتم بملايين آخرين من طلابنا، فى 52 ألف مدرسة حكومية، بامتداد الجمهورية، إذا كانت المدارس التجريبية السبعمائة، قد أسعدها الحظ، وصادفت ثلاث جهات معاً تهتم بطلابها المليون.. مَنْ لـ52 ألف مدرسة حكومية؟!
فى اليوم نفسه، جاءتنى رسالة تشير إلى جهد كبير آخر، فى مجال التعليم، الذى هو القضية الأخطر دون منافس فى حياتنا، غير أن ما يؤسف له، أنك ترى فى كل يوم، أن هذه القضية، رغم أنها الأخطر، إلا أنها ليست على رأس قائمة أولويات الحكومة، ولا الدولة بشكل أعم.. ليست على رأس القائمة، ولا حتى ضمن القائمة كلها!
الرسالة تشير إلى جهد تنهض به مؤسسة «القلعة» للمنح الدراسية، التى تختار فى كل عام، ما بين 15 و20 طالباً متفوقاً، للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه من أرقى وأشهر جامعات العالم، وهى قد أرسلت 121 طالباً من 12 محافظة، حتى الآن، وليس لدى المؤسسة أى شرط على الطالب المختار، سوى أن يتعهد بأن يعود إلى بلده بعد إتمام دراسته، ليكون علمه فى خدمة البلد.. هذا هو شرطها الوحيد، على متفوقينا الذين يذهبون ضمن المنح المقدمة منها، سنوياً، وهو شرط فى محله تماماً، ويقوم على الموضوع كله، مجلس أمناء يضم أسماء كبيرة، ويرأسه الدكتور نبيل العربى.
الموضوع يستحق الإشارة، والإشادة، لأنى أعتقد أن أى جهد مبذول بجد، فى حقل التعليم، إنما هو طوبة مضافة فى جدار من جدران بلد جديد نريد أن نبنيه، وهو لن يرتفع، كبلد، بالأمانى الطيبة أبداً، ولكنه سوف يرتفع بالعمل، والعمل وحده، وبأن يكون هذا العمل فى ميدان التعليم، بوجه خاص، ثم التعليم، ثم التعليم!
غير أن ما يلفت انتباهك حقاً، أن كل ما يصل إليك، عن التعليم، ويكون داعياً إلى التفاؤل، ليس مصدره الدولة، كدولة، حتى وإن كانت وزارة التعليم، هى إحدى الجهات الثلاث المشرفة على مشروع «التعليم أولاً».
وعندما نكون أمام نغمة تخاطب المستقبل فى «التعليم أولاً» هنا، ثم أمام نغمة مماثلة فى مشروع منح دراسات «القلعة»، هناك، وأمام نغمة ثالثة، من النوع ذاته، فى مكان ثالث، فالأهم، أن يكون هناك جهد أشمل، يضم هذه النغمات كلها معاً، لتصنع مع بعضها البعض، فى النهاية، لحناً مكتملاً!
ولن تمثل هذه النغمات، اللحن المكتمل، الذى نحتاجه بشدة إلا إذا كان التعليم قضية دولة فعلاً، وهو الشىء غير الحاصل حتى هذه اللحظة، ولا تعرف كيف يغيب هذا عن أهل الشأن فى البلد؟!.. كيف يغيب عنهم، حتى الآن، أن أمن هذا الوطن، بمفهومه الأعم، يبدأ بالتعليم الجيد، ثم ينتهى به على وجه التحديد؟!.. كيف يغيب عنهم هذا، يارب، وقد رأوا بأعينهم، أن احتلال الإخوان للبلد كله، فيما بعد 25 يناير 2011، كان عنواناً لـ60 عاماً من التعليم الردىء!.. كيف يارب يغيب عنهم شىء يراه الأعمى، إن غاب عن المبصر؟!