تواجه جماعة الإخوان أزمة كبرى بعد إعلان فريق بقيادة محمد وهدان، عضو مكتب الإرشاد، عن إزاحة مكتب الإرشاد القديم، الذى يسعى أعضاؤه للتهدئة مع الدولة، وانتخاب مكتب جديد لإدارة الجماعة يتبنى رسميًا خيار العنف.
وانتهت اجتماعات سرية لقواعد الجماعة إلى إقالة جميع القيادات الإخوانية من فريق «الحرس القديم»، كما يقول مصدر وثيق الصلة بالجماعة، حيث أسفرت الانتخابات التى تمت فى سرية تامة عن إزاحة محمود عزت، نائب المرشد الأول، ومحمود حسين، الأمين العام، ومحمود غزلان، وعبدالرحمن البر، أعضاء مكتب الإرشاد، وحسين إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة، وتعيين مكتب إرشاد جديد سمى مكتب إدارة الأزمة، لم يعلن عنه باستثناء إعلان محمد منتصر، متحدثا رسميا، وبقيادة محمد وهدان، الذى تم إلقاء القبض عليه قبل أيام، وتعيين أحمد عبدالرحمن، القيادى الإخوانى الهارب، للتنسيق والإدارة خارج مصر، كما أعلن الفريق الجديد أن محمد بديع ما زال مرشدا عاما للجماعة.
وجاء ذلك بعد مقال كتبه محمود غزلان يزعم فيه «استمرار نهج الجماعة السلمى»، وهو ما اعتبرته الإدارة الجديدة ميوعة فى المواقف، مما دعاها إلى الإعلان عن إجراءاتها.
وأصدرت قيادات الإخوان الهاربة بيانا مضادا للبيان الأخير، يؤكد استمرار عمل «عزت» وفريقه فى مواقعهم، حيث أكد محمود حسين أنه لا يزال الأمين العام للجماعة، وأن شيئا لم يتغير، وأنه ورفاقه القدامى يديرون الإخوان ويمتلكون زمام الأمور.
فى المقابل، أكد محمد منتصر، المتحدث الرسمى الجديد للجماعة، أمس الأول، تمسكها بما سماه «النهج الثورى»، وتأييدها «بيان الكنانة» الذى دعا لاستخدام السلاح واستهداف المسؤولين والقضاة والإعلاميين.
وقالت مصادر لـ«المصرى اليوم» إن هناك 3 مسارات اختلفت قيادات الإخوان حولها مع مجموعات الشباب و«الحرس الجديد» قبل قرابة 8 أشهر، أدت فى النهاية إلى انقلاب شبابى على الحرس القديم، مشيرة إلى أن تيار المحافظين، بقيادة محمود حسين، تبنى المسار الأول وهو المصالحة مع الدولة، والتوقف عن التظاهر مقابل تقنين أوضاع الجماعة فى إطار الدستور والقانون وتوفير محاكمات عادلة للقيادات، وهو ما وصفته القواعد بأنه «ميوعة فى الموقف»، مدللة على ذلك بأن هذا الفريق ينادى بالسلمية ويطالبهم بالثأر، وتجلى ذلك فى مقال لمحمود غزلان، قبل أيام، يطالب قواعده بالسلمية، وكان بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، حيث كشف الفريق الجديد عن كثير من تحركاتهم، ورفضهم موقف القيادات الهاربة، وأعلنوا أنهم لم يعودوا فى مواقعهم.
وأضافت المصادر أن المسار الثانى الذى عرضه بعض من الشباب كان يتبنى رفع السلاح فى وجه الدولة وإسقاط مؤسساتها، وأن هذا التيار يعتقد أنه قادر على السيطرة على أقسام الشرطة وتعطيل كل المصالح الحكومية فى مصر بمجرد حمل التنظيم للسلاح، وأنه يراهن على انشقاقات فى الجيش، حسب زعمهم. وتابعت المصادر أن المسار الثالث الذى تبناه محمد وهدان، عضو مكتب الإرشاد، ومن خلفه الأغلبية الشبابية فى التنظيم، هو ما سماه «المقاومة الشعبية»، و«الدفاع عن النفس ضد انتهاكات حقوق الإنسان، والظلم الذى يتعرض له أعضاء الجماعة»، على أن يقتصر العنف على حالات الدفاع عن النفس واستهداف رجال الشرطة والقضاة الذين يتسببون فى تلك الانتهاكات.
وقال «ع. م» من شباب الإخوان لـ« المصرى اليوم»: «عندما أجرت الجماعة انتخابات مكتب إرشاد جديد، وجاءت بوجوه شابة، اعتبرها محمود حسين غير شرعية، وأنها لم تكتمل من الناحية القانونية وفقا للوائح الجماعة الداخلية، لكنه لم يفلح فى وقف مهام المكتب الجديد الذى ترأسه الدكتور محمد وهدان، دون أن ينصب مرشداً بشكل رسمى، لأن التوافق كان على بقاء بديع حفاظاً على معنوياته من ناحية وأدبيات الجماعة من ناحية أخرى، وهنا انتهى دور محمود حسين فى القرارات التى تصنع داخل مصر، وظل مؤثراً بشكل نسبى فى الخارج». وأضاف: «بدأ وهدان الذى كان مسؤولا للتربية، بحكم علاقته بالشباب وقربه منهم، فى عملية تغيير واسعة، وشكل مكتبا لإدارة المصريين فى الخارج برئاسة أحمد فهمى، أمين حزب الحرية والعدالة بالفيوم، استجابة للشباب، مما أنهى دور محمود حسين، الذى لم يعد له أى وجود تنظيمى بعد ذلك».
وتابع: «بعدما تحدث محمود غزلان، عبر موقع نافذة مصر، بدأت اتصالات بين وهدان وحسين، بشكل مكثف أسفرت عن القبض عليه، لكن هناك شكوكا كبيرة فى الأوساط الشبابية حول عمالة حسين للنظام الحالى، وأنه وراء تسليم وهدان، للأمن، لأنه سبق أن طلب الدخول فى عملية مصالحة، والتسامح فيما مضى اتساقا مع ما تعتقده أدبيات الجماعة الإصلاحية وليست الثورية».
وشدد «ع. م» على أن الانتخابات تمت بموافقة جميع أعضاء مكتب الإرشاد، وشارك فيها أعضاء المكاتب الإدارية، وأسفرت عن تولى جيل جديد يرى فى مسار المقاومة الشعبية والدفاع عن النفس سلاحاً ثورياً لمواجهة الطغيان، وأن الحرس القديم انتهى دوره، لكن ستظل آراء محمود عزت وبعض القيادات استشارية.
واختتم: «الإخوان تعمل فى إطار مؤسسى، ولن يجد محمود حسين من يطيعه ويكون عوناً له وللحرس القديم فى مواجهة مكتب الإرشاد الجديد، لأنه جاء بانتخابات شاركت فيها جميع المكاتب الإدارية، ومجلس الشورى، لذلك فإن دور محمود حسين والتيار القديم ذهب بلا رجعة، وهنا خطة ظهور للتيار الجديد من خلال المتحدث الجديد محمد منتصر، لبدء مخاطبة الإعلام بثوب الجماعة الجديد».
من جانبه، قال أحمد بان، المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية، إن هذه الأحداث التى تتم داخل جماعة الإخوان هى الأعنف فى تاريخ الجماعة، نظرا للانقسام بين إدارتين شمل القيادات والقواعد. وتابع: الأمر وإن بدا فى شكله أن هناك اختلافات حدثت مؤخرا لكنه فى الحقيقة أمر قديم بين أعضاء الإخوان، نظرا للصراعات الداخلية التى تضرب الجماعة ولم تظهر بشكل قوى من قبل، معتبرا أن الجماعة تسير إلى الهاوية، خاصة فى ظل ظرف سياسى ليس فى صالحها مطلقا.
وأضاف «بان» أن معظم قواعد الجماعة رفضت مواقف القيادات بعد عزل مرسى، ولم تكن راضية عن تصرفات الإدارة نظرا لفشلها فى جميع المواقف، إضافة إلى الشحن المعنوى السرى لهم الذى يخالف إعلانهم السلمية وعدم العنف، وهو ما يخالف نواياهم الحقيقية.
وقال بان: أعتقد أن الانقسامات ضربت الجميع، حيث إن هناك اختلافات بين إخوان السجون والقواعد والهاربين، وهو مؤشر بانهيار الإخوان بعد سلسلة من السياسات الفاشلة.