x

رولا خرسا أولادنا رولا خرسا الجمعة 29-05-2015 20:50


أعتقد أن أصعب اختبارات الله لنا تكون في أولادنا.. لله حكمة في أنه جعل الجنين يخرج من رحم الأم فتعيش بقية حياتها وهى تشعر بأن جزءا منها يسير على قدمين متنقلا في أنحاء مختلفة. يولد أبناؤنا ومعهم أحلامنا بأن يصبحوا «أحسن حد في الدنيا»، ونتخيل أن أولادنا هم الأذكى والأشطر والأقدر وأننا أنجبنا آينشتاينات صغيرة.. ولا ندرك أو نتناسى أنهم يحملون جيناتنا وجينات أجدادنا أيضاً. ومع الوقت يختبرنا الله بهم بسبب تعلقنا الشديد بهم، فقد يرزق أحدنا بطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة ويقضى عمره متحسرا عليه خائفا إن أصابه مكروه أن يتركه وحده للزمن، والزمن قاسٍ هو والناس. وقد يرزق بطفل جاحد، مهما أعطيته ينكر أو لا يكون لك شكورا.

أو بطفل أنانى يفكر في مصلحته فحسب ويفكر كيف يستفيد أكثر. المشكلة أننا نتحدث عن أولادنا دوما بطريقة من اثنتين، إما بفخر شديد أو بمرارة شديدة، ونقيس أحكامنا بمقاييس من حولنا، فنقول ابنى شاطر أو ابنى فاشل.. ونعتبر أن نجاحه بسببنا وفشله بسبب تقصير منا.. الحقيقة بعيدة تماماً عن هذا، بيل جيتس ومارك زوكمبرج كانا في سن المراهقة عندما أصبحا من أغنى شخصيات العالم. نحن ننسى أيضاً أن أولادنا يأتون إلى العالم دون اختيار منهم بل بقدرة الله تعالى، هو من يأتى بهم بمعجزة إلهية، ونحن من يختار أسماءهم وديانتهم وتعليمهم ونتحكم بهم كما لو كانوا بضاعة نمتلكها، نحاسب أولادنا على كل خطأ وكأنهم ولدوا ملائكة وننسى أن الإنسان خطاء، ولدنا لنخطئ ونتعلم وأننا أخطأنا قبلهم، نفرض على أولادنا عادات مجتمعنا التي لم يختاروها هم، فتجد أمهات يقررن تختين بناتهن لأن المجتمع يفرض هذا، وأحيانا يضعن غطاء رأس لطفلة لم تبلغ الحيض لأن المحيط يفرض هذا، نختار تعليمهم واللغة التي سيدرسونها والثقافة التي سيتعرضون لها لو كانت مدارس أجنبية.

أو نسافر ونحملهم معنا ونعرضهم لثقافة الخليج أو ثقافة أوروبا، حسب البلد الذي حملتنا ظروفنا إليه، ثم نحاسبهم لماذا تأثروا بهذه المجتمعات. أعرف أناسا يعيشون في أوروبا يرفضون تعامل أولادهم مع الإنجليز ويغلقونهم في مجتمع يضم جنسيتهم وتكون النتيجة شبابا موتورا لأنه رقص على السلم لا عاش غربياً ولا شرقيا، وإن تجاوز الأمر وأصر على الاندماج مع الثقافة الغربية يحاول أن ينسى جذوره العربية معتمداعلى ورقة الجنسية.. باختصار لا نحن ولا أولادنا ولا أهالينا كانت لنا اختيارات في الحياة في معظم الأمور، ولعل هذا قانون الكون كى لا تكون هناك فوضى أكثر من الفوضى المحيطة.. ولكن على الأقل بما أننا لم نختر ولم يختر أبناؤنا أمورا كثيرة حولنا فأضعف الإيمان احترام حريتهم في اختيار أمور كثيرة في الحياة.

لا قيمة تعلو على قيمة الحرية، ولا تتحججوا بالحب فعلى رأى الفنان محمد منير «ده حب إيه ده اللى من غير حرية».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية