كل ما جرى فى مدينة زيورخ طيلة اليومين الماضيين لم يكن كافياً لإقناع جمال علام، رئيس اتحاد مصر لكرة القدم، بتغيير موقفه الغريب والمرفوض، ويعلن أخيرا تأييده للأمير على بن الحسين رئيسا للفيفا فى الانتخابات التى ستجرى صباح اليوم.. إذ لايزال علام يبذل غاية جهده واستطاعته ليجنب مصر كلها فضيحة أو مأساة تأييد أمير عربى يخوض بمنتهى النزاهة والشرف معركة إصلاح الفيفا وإنقاذه من فساد بلاتر.. فالرجل لايزال يرفض حتى هذه اللحظة إعلان لمن ستمنح مصر صوتها.. بلاتر أم الأمير على بن الحسين.. وقد يكون للرجل العذر ومعه الحق.. فمصر دولة كبرى وحساسة وجبارة وملهمة ورائدة وقائدة على الساحة الكروية العالمية.. وبالتالى فإن صوتها مؤثر للغاية ولا يمكن الإعلان عنه وإلا قامت الحرب العالمية الكروية الأولى.. أما الدول التى أعلنت تأييدها للأمير على بن الحسين أو حتى لبلاتر فهى دول صغرى وهامشية لا وزن لها أو قيمة، وبالتالى تملك حرية إعلان ما تشاء.. فقد أعلن ميشيل بلاتينى، رئيس الاتحاد الأوروبى، أنه سيقف مع الأمير العربى ضد بلاتر.. قال بلاتينى ذلك قبل انفجار وتوالى فضائح الفساد والقبض على مسؤولين كثيرين والتحقيق مع آخرين بتهمة الرشوة والفساد وسوء الإدارة.. ومثل بلاتينى كان رؤساء اتحادات الكرة فى إنجلترا وهولندا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وأستراليا وكثيرون غيرهم، وأيضا قبل فضيحة الفيفا.. وأمام هؤلاء بقى جمال علام رافضا بمنتهى الإصرار تأييد الأمير العربى.. بل إنه كان ولايزال يسارع بنفى أى حديث أو إشارة إلى تأييد مصر للأمير ويجرى صارخا مؤكدا أن ذلك غير صحيح.. حتى لو كان الذى يقول ذلك هو رئيس مصر أو رئيس حكومتها أو حتى الأمير على نفسه.. بينما لم نجد نفس تلك الهمة والجرأة حين يقول عيسى حياتو إن مصر ستمنح صوتها لبلاتر أو حين يؤكد الإعلام الأوروبى أن مصر من الدول الأفريقية التى ساقها حياتو إلى حظيرة بلاتر وستمنحه أصواتها خوفا أو طمعا.. والمثير فى الأمر أن جمال علام لم يعقد حتى اجتماعا رسميا لمجلس إدارة الاتحاد للتصويت على من ستمنحه مصر صوتها.. فالاختيار من وجهة نظره لا يستدعى مثل هذا الاجتماع بعد أن جاءت التعليمات والأوامر بالتصويت لبلاتر.. ولا أجد ما أقوله لجمال علام إلا أن تلك الانتخابات كانت فرصته ليكون رئيسا حقيقيا لاتحاد مصر ولو لمرة واحدة وأخيرة حيث لن يجلس على هذا المقعد مرة أخرى.. ولم يكن سيخسر شيئا لو قال لا بشجاعة وقوة واختار الموقف الطبيعى الذى يليق بمصر ومكانتها وقيمتها وأهلها وقيادتها ومنح صوته للمرشح العربى.. وكان وقتها سيغدو موقفا مشرفا لمصر واتحادها أيضا حتى لو لم يفز الأمير العربى.. فالاختيار هنا موقف وضمير والتزام وليس كومة مصالح ومطامع وحسابات خاصة.. وعلى أى حال أرجو أن يخدعنا جمال علام كلنا اليوم ويمنح صوته للأمير حتى دون إعلان ذلك طالما لايزال الرجل يخاف من شبح بلاتر وسطوة رجال بلاتر.