x

«التوك توك».. «سرقة» و«تحرش» و«سرعة جنونية».. والأهالى يطالبون بـ«إعدامه»

الأحد 26-09-2010 08:00 | كتب: نسمة علي |
تصوير : محمد السعيد

ثلاث عجلات ومحرك كهربائى داخل صندوق من «القماش المقوى»، يسير فى طرقات وشوارع المدينة الواسعة، يقوده «فى الغالب» أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و18 سنة، ومنهم هاربون من المراحل التعليمية المختلفة، أو من يعول أسرته ويحاول الحصول على مصاريف وتكاليف الحياة، دون الحصول على رخصة خاصة بقيادته.

«المسافة» التى يسيرها تحدد قيمة الأجرة، تزداد مع بداية العام الدراسى، التى تحوله إلى مركبة فيها ما يقرب من 5 إلى 7 تلاميذ، ليتحول بعدها «التوك توك» إلى ظاهرة تثير قلق المواطنين ومسؤولى المرور، بحسب الأهالى، بسبب زيادة نسبة الحوداث المتكررة من بعض السائقين، ومنها «السرقة» و«التحرش» بالفتيات، خاصة طالبات المدارس، أو تصادم ووفاة المواطنين تحت عجلاته.

«إسكندرية اليوم» رصدت على مستوى أحياء المحافظة المختلفة تعدد الحوادث التى يسببها «التوك توك» بالإضافة إلى لجوء عدد كبير من الشباب لشرائه تغلباً على البطالة..

 

رجب محمد «23 عاماً»، عامل بأحد محال شارع المسرح، بمنطقة سيدى بشر التابعة لحى المنتزه، يروى أهم المشكلات التى تواجه أهالى المنطقة، بسبب ظاهرة «التوك توك»، وتزايد الحوداث والمشاجرات بين السائقين والمواطنين قائلاً: «أعمل بمحل أحذية على ناصية شارع المسرح العمومى، يمر أمامى عدد من وسائل المواصلات، إلى أن وصل (التوك توك) إلى المنطقة منذ عدة سنوات، وظهرت مشاكل السرعة الجنوبية بسبب سائقى تلك المركبات التى لا تتجاوز أعمارهم (16 عاماً) فى أغلب الأحيان، والتى أدت إلى إصابة العشرات من المواطنين، وتعرضهم إلى عاهات مستديمة، وتركيب شرائح ومسامير بالعظام، ووفاة البعض الآخر، وآخرهم وفاة (عم جمال)، جارى، فى شهر رمضان الماضى، بسبب اصطدام توك توك به، أدى إلى وفاته فى الحال لتقدمه فى السن».

وأضاف «رجب» أن ظاهرة «التوك توك» تزداد مع بداية العام الدراسى، خاصة أن المنطقة تضم نحو 5 مدارس، بمراحل تعليمية مختلفة، وباتت تهدد حياة آلاف الطلاب، مشيراً إلى أن بداية عمل «التوك توك» من الساعة السادسة صباحاً حتى منتصف اليوم، لانتظار طلاب المدارس، لتوصيلهم قبل وبعد انتهاء اليوم الدراسى، وقيمة الأجرة من ربع إلى نصف جنيه.

وأكد أن غالبية السائقين يسيرون بسرعة جنونية، حفاظاً على دورهم فى طابور الانتظار وعمل أكبر عدد ممكن من «الوصلات» فى اليوم الواحد، ما أدى إلى تكرار حوادث عديدة على الطريق، بسبب السرعة الجنونية، مشيراً إلى أن أصحاب المحال حاولوا مرات عديدة تنبيه السائقين لخطورة السرعة الشديدة، إلا أنهم واجهوا النصائح بـ«شتائم» و«سب»، وفق قوله.

وأشار إلى أن عددا من السائقين، يضع تحت مقاعد «التوك توك» أسلحة بيضاء و«شوم»، ويستخدمونها ضد من يحاول منعهم من المرور فى الشارع.

وانتقدت صفاء على محمد، ربة منزل، انتشار مركبات «التوك توك» فى الشوارع، قائلة: «تعد من الظواهر السيئة التى انتشرت فى الفترة الأخيرة، وأدت إلى تزايد الحوادث وتكرارها، لأن من يقودون (التوك توك) لا يحصلون على رخصة قيادة، بالإضافة إلى عدم وجود لوحات معدنية تحمل أرقام المركبة فى أحيان كثيرة رغم مخالفة ذلك لقانون المرور»، معتبرة ذلك يصعّب من عملية العثور على مرتكبى الحوادث.

وأشارت إلى أن الظاهرة اختفت فى أواخر شهر رمضان الماضى، خاصة بعد وفاة جارنا «عم جمال»، الذى تسببت وفاته فى احتجاجات الأهالى ومطالبتهم بمنع سيره فى الشوارع لكثرة الحوادث وتأثرهم بوفاته، وبالفعل تمت الاستجابة من المسؤولين فى الحال، واتفق الأهالى وقتها على إبلاغ الشرطة فى حالة ظهور المركبات مجدداً، لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإيجاد الحلول الفورية الممكنة للقضاء على تلك الظاهرة، إلا أنها ظهرت مع بداية عيد الفطر، تحديداً من ثانى أيام العيد وبدأ «التوك توك» مواصلة عمله، من بداية اليوم حتى منتصف اليوم، رغم وجود البديل فى المنطقة وهو ميكروباصات صغيرة الحجم.

وأشار محمد عبدالتواب، أحد أهالى منطقة «المندرة قبلى»، إلى تكرار المشاجرات اليومية، بسبب حمولة «التوك توك» الزائدة التى تضم عدداً كبيراً من الطلاب، ما يعرضهم للإصابات والوقوع منه، خاصة عدم وجود الأبواب به، ووجود مجمع مدارس فى محيط هذه المنطقة.

وفى منطقة العامرية تزايدت الشكاوى بسبب مرور «التوك توك» على الطريق الصحراوى، وسرعته الجنونية بين الميكروباصات والمقطورات وجميع وسائل المواصلات المختلفة، ما أدى إلى تكرار الحوادث بصفة شبه مستمرة، وإصابة العديدة من المواطنين، خاصة السيدات والأطفال.

وقالت راوية محمد، ربة منزل، من سكان ضواحى العامرية: «المسافة من منازلنا إلى سوق الخضروات، ومدارس أطفالنا بعيدة جداً، وتتطلب عودة تلك المركبات، لكنها تعرضنا لمخاطر، خاصة بسبب مرور (التوك توك) على الطريق الصحراوى، وأحيانا يتفاخر سائقوه بعمل حركات غريبة للصراع مع سائقى المقطورات»، معتبرة أن حجم ووزن المركبة لا يمكنانها من المرور على الطريق الصحراوى.

وأكدت أن نشاط «التوك توك»، يتزايد مع بداية العام الدراسى، خاصة أن المنطقة تحتوى على مجمع مدارس به 8 مدارس مختلفة، وطالبت بإعدام هذه المركبات حرصاً على حياة المواطنين.

وفى حى العجمى، دشن أهالى شارع رضوان، حملة بعنوان «شاركونا فى مواجهة العشوائيات»، وقاموا بتعليق اللافتات والملصقات فى شوارع الهانوفيل، وأنحاء منطقة البيطاش ومنطقة «شهر العسل»، لمواجهة ظاهرة انتشار «التوك توك»، ومنع انتشارها داخل الحى، وكتبوا على اللافتات عبارات تطالب بالحد من هذه الظاهرة، بالإضافة إلى عبارات مثل «كن إيجابيا.. الشارع حقنا لأجل أسرتك ومستقبلها» و«لا تركب التوك توك» و«ساهم معنا للحصول على مجتمع راق دون عشوائيات».

وقال عدد من الأهالى إن منطقة العجمى من المناطق السياحية، التى يأتى إليها آلاف المصطافين من أنحاء الجمهورية سنوياً، لكن فى السنوات الأخيرة انتشرت هذه الظاهرة فى الحى، وأدت إلى انتشار الذعر بين المواطنين، لأن معظم سائقى تلك المركبات من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً، أو الخارجين على القانون والبلطجية، الذين جعلوا منها وسيلة لترويج المواد المخدرة، وفق قول الأهالى.

وأشار الأهالى إلى أن سائقى «التوك توك» يقومون بوضع «الشوم» والأسلحة البيضاء، تحت كراسى المركبة، حيث يقومون بالتعدى على أصحاب الميكروباصات، والمارة من المواطنين، عند حدوث مشاجرة بينهم، ما يؤدى إلى حدوث تكدس مرورى بسبب هذه المركبات، خاصة فى الشوارع العمومية مثل «الهانوفيل» و«البيطاش» وبعض الشوارع التى تشهد تواجد جميع وسائل المواصلات من ميكروباصات وأتوبيسات النقل الجماعى، وغيرها.

وقال محمد عبدالرزاق: «وجود (التوك توك) أدى إلى تزايد المشاجرات والمشكلات بين المارة من المواطنين وسائقيه، بسبب قيامهم بمضايقات الفتيات والتحرش بهن أثناء سيرهم فى الطريق، وتعرضهن لسرقة حقائبهن، إلى جانب استخدام بعض الكلمات والعبارات الخارجة والخادشة أثناء سيرهن أو ركوبهن (التوك توك)، فضلاً عن قيام بعض السائقين بتعليم صغار السن منهم، طرق تعاطى المواد المخدرة داخله فى منتصف الليل، أو الصباح الباكر أثناء نزول الطلاب إلى المدراس»، وفق قوله.

وأكد عدد من السماسرة فى منطقة العجمى أن المنطقة شهدت إقبالاً كبيراً من المواطنين لشراء المحال وإيجار الشقق، خاصة فى فصل الصيف، بعد إنشاء شبكة الصرف الصحى، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشقق، إلا أن ظهور «التوك توك»، حولها إلى منطقة عشوائية، تكثر فيها المشاجرات والمشكلات اليومية.

من جانبه، قال سعد عبدالمولى، رئيس المجلس المحلى لحى العجمى، إن ظاهرة «التوك توك» تعد من الظواهر السيئة التى انتشرت فى الآونة الأخيرة، إلا أن المحافظ اللواء عادل لبيب، وفق قوله، أرسل إلى المجلس خطابات بشأن دراسة الموضوع، وكيفية القضاء على هذه الظاهرة، ومنع إعطاء التراخيص المطلوبة لأصحابها لمزاولة مهام عملهم، مؤكداً رفض الحى وجود «التوك توك» فى نطاقه، خاصة أن العجمى تعد من المناطق السياحية داخل المحافظة، على حد قوله.

وطالب «عبدالمولى» الأجهزة التنفيذية وشرطة المرور باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، للقضاء على هذه الظاهرة، ومصادرة «التوك توك» لما تسببه هذه المركبات من مشكلات.

وفى الوقت نفسه قالت فوزية شحاتة، رئيس لجنة الأمن بالمجلس الشعبى المحلى، إن «التوك توك» من الظواهر المرفوضة داخل المحافظة، خصوصاً داخل منطقتى العامرية وأبيس، حيث تطلان على الطريقين الصحراوى والزراعى، ما يجعل «آلتوك توك» يسير وسط المقطورات ووسائل المواصلات الأخرى، ما يعرض الركاب بداخله إلى المخاطر والحوادث، فضلاً عن أن سائقى «التوك توك» لا تزيد أعمارهم على 14 عاماً.

وأشارت «فوزية» إلى أن المحافظ اللواء عادل لبيب، قرر فى آخر جلسات المجلس المحلى، اتخاذ جميع الإجراءات للقضاء على «التوك توك» فى أقرب وقت ممكن، ومنع تراخيض تلك المركبات، وفق قولها.

وطالبت بإيجاد حلول فورية وممكنة لأصحاب هذه المركبات، قائلة: «إذا كانت هناك أماكن تسمح بسير (التوك توك) فيها خارج المحافظة، مثل القرى الريفية، فلا توجد مشكلة بسيرها للحد من المخاطر والكوارث الناتجة عنها».

فى السياق ذاته، انتقد النائب مصطفى محمد مصطفى، عضو مجلس الشعب، ما سماه «سوء التخطيط الحكومى»، الذى قال إنه أدى إلى انتشار الظواهر السيئة، ومنها «الموتوسيكلات» و«التوك توك»، مشيراً إلى أن المحافظة وإدارة المرور منعتا منح سائقى الميكروباصات الرخص المطلوبة أو تجديد الرخص المنتهية، وفى المقابل سمحت لظاهرة «التوك توك» بالانتشار فى المحافظة، دون حصول سائقيها على رخصة قيادة، وخط سير محدد، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات أمنية، مشيراً إلى أن «الموتوسيكلات» تسير بدون لوحة أرقام، ما يؤدى إلى صعوبة الوصول إلى مرتكبى جرائم السرقة وحوادث الطريق الناتجة عنها، خاصة أن معظم السائقين من «الأحداث» وصغار السن، وفق قوله.

ووصف «مصطفى» ظاهرة «التوك توك» بمرض السرطان، الذى ينتشر ويصعب السيطرة عليه، بسبب ما يسببه من إعاقة للمرور، فضلاً عن انتشار البلطجية والخارجين على القانون.

وطالب المحافظة وإدارة المرور باتخاذ جميع الإجراءات الصارمة للتصدى لهذه الظاهرة ومواجهتها، وإيجاد البديل لها، للتغلب على التكدس المرورى والحوادث.

 

«جمال» فقد حياته تحت عجلات

«توك توك» طائش

 

عم جمال رجل تجاوز الستين من عمره، يصفه أهالى منطقة «مسجد التائبين» بـ«الرجل التقى»، ويقولون عنه إنه يتمتع بصفات وأخلاق حميدة ويقضى معظم أوقاته فى الصلاة، خاصة بعد تفرغه من عمله بالهيئة العامة لنقل الركاب، وإحالته إلى المعاش، حيث بلغ سن التقاعد، وبات مقرباً للعديد من أهالى المنطقة وأصحاب المحال، حيث كان يقضى أوقاته معهم داخل محل أحدهم فى «شارع المسرح»، حتى لقى حتفه وتوفى تحت عجلات «التوك التوك»، وهى الحادثة التى فجرت غضب الأهالى وأصحاب المحال، الذين نظموا وقفات احتجاجية ضد السماح بسير «التوك توك».

بدأ ابنه محمد يروى قصة والده قائلاً: والدى بعد إحالته إلى المعاش، أصبح يقضى وقته بين البيت والجلوس مع أصدقائه من أهالى المنطقة، وفى 13 أغسطس الماضى، فى منتصف شهر رمضان، قبل موعد الإفطار، كان ينوى الإفطار فى هذا اليوم فى الشارع مع أصدقائه، وبعد أدائه صلاة العصر وقراءة جزء من القرآن نزل قبل أذان المغرب، بدقائق قليلة ليقوم بتوزيع حبات التمر على المارة من المواطنين.

سكت «محمد» لحظات، يجفف فيها دموعه، حزناً على والده وعاد يستكمل حديثه قائلاً: فوجئت بالجيران فى الشارع، يخبروننى بأنه أثناء قيام والدى بتوزيع البلح، صدمه «توك توك» ووقع على الأرض، حتى جاء «توك توك» آخر بسرعة جنونية من ناحية الشمال، وضربه وسحله على الأرض مسافة عدة أمتار، مما أدى لحدوث كسور بالجمجمة ونزيف داخلى وكسر فى الذراع اليمنى ونتج عن ذلك دخوله غيبوبة فى الحال، ووفاته بعد ساعتين، داخل مستشفى جمال عبدالناصر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية