اللى نبات فيه نصبح فيه.. وطول عمرك يا خالة على دى الحالة، لكن المؤلم أنه حين لا يتغير الواقع، وتتكرر المشاكل والأخطاء، ويزداد فى المجتمع عدد الأغبياء، يشعر الصحفيون قبل غيرهم بالإحباط واليأس، وبعضهم تأخذه الجلالة الفلسفية ويبدأ فى الأسئلة الوجودية من عينة لماذا نكتب؟ وما جدوى الكتابة؟ والحقيقة أن أغلبنا يكتب ليس بالضرورة كى يغير العالم، ولكن لأن الكتابة مهنته وأكل عيشه الوحيد.
السؤال الوجودى الذى يؤرقنى أنا الآن: لماذا نكتب وما جدوى الكتابة، إذا كنا نكتب مجانا معظم الوقت؟
الموضة الجديدة فى الإعلام هذه الأيام (مفيش فلوس)!
طبعا هتقولى العمل واجب، العمل عبادة.. الصحافة رسالة والكلمة أمانة و(زغرتى ياللى مانتيش غرمانة).
لكنك لو أعطيتنى انتباهك، وطولت بالك، لعرفت مكمن الخطورة ولكنت، ولامؤاخذة، بقيت معانا فى الصورة..
حين تسمع فى المؤسسات القومية أن (بابا ما بعتش فلوس) فاعلم أن الدولة شالت ايدها واشترت دماغها ونفضت لك يا معلم (عيش مع نفسك ما حدش فاضيلك)، وعلى حظنا المقندل، اليسار الماركسى فى العالم كله يؤمن بالعدالة فى توزيع الثروة، بينما اليسار المصرى فى المجلس الأعلى للصحافة يؤمن بالعدالة فى توزيع الفقر!
والحكومة الرشيدة بدال ما تقوله عيب يا شعب اختشى وراعى الحقبة التاريخية الدقيقة واشتغل فى اليوم ولو 60 دقيقة، وصلى ع النبى واستهدى بالله، داحنا بقينا سالفين من طوب الأرض وماشيين نقول يا محسنين لله- طلعت الحكومة هى كمان فى جنونة جديدة، اسمها (الحوار المجتمعى)، كل ما تعجز عن اتخاذ قرار أو حل مشكلة، تقولك إحنا نطرح الموضوع ده للحوار المجتمعى، ونسمع آراء الناس، وتشيل عن قلبها وتكسب وقت، ويبقى يحلها ستين حلال، يعنى هى الحكومة هتعمل كل حاجة لوحدها؟ ولا هتضرب الأرض تطلع أبو جلمبو؟ ثم إن الأمر شورى والدنيا وجهات نظر والسفر تساهيل وسبحان من رزق التافه والأهطل والنايم على صرصور ودنه، والحولة والعوجة وأم نص لسان.. مش كلهم مواطنين؟ يبقى لازم نسمعهم ونتنور بآرائهم، ولا انتم عايزينها استبداد ونعتمد على أهل العلم والذكر، ونقصى الآخرين؟ ده حتى يبقى اضطهاد وتمييز واحنا والشهادة لله فى بلد (ماعندهاش أى تمييز). خد عندك مثلا مبنى الحزب الوطنى المحترق على كورنيش النيل، اللى قعد سنين وهو صامد (انتظار الفرج عبادة) يقدر وزير ييجى جنبه؟ هل كان يستجرى عالم أو خبير ياخد قرار فى أمره؟ طبعا ليس قبل (الحوار المجتمعى)..
ناس تقولك نهده، وناس تقول نرممه، واللى يقول نعمله فندق واللى يقول نعمله متحف وجنينة، واللى يقول على جثتى، واللى يرفع قضية واللى يقول ده كان وقف ملكية جدو ونينة..
واستكمالا للحوار المجتمعى، نزلت فى إحدى الحارات كاميرات التليفزيون وأمسكت المذيعة الميكروفون وقالت: معنا الآن الست شفيقة أمين بائعة خضار نسألها رأيك إيه فى تحويل المبنى لمتحف؟
- متاحف إيه وسخام ايه، هى البلد فيها سياحة من أصله؟ ده مبنى قديم وعمره الانفرادى انتهى من زمان.
- قصدك عمره الافتراضى.
- أنا نفسى المحافظ يعمله مزرعة فراخ، خللى الغلابا تاكل وتدعيله.. ربنا ينصر مصر.
- رأى يحترم يا ست شفيقة..
- أنا بالى طويل واتكلم مع اللى بيفاصل واللى بيغالط واللى بيحلف كدب، وفى الآخر برضه هابيع بالسعر اللى فى دماغى.
- إنتى ست عظيمة.. لهم حق يقولوا عليكى أم الحوار المجتمعى فى المنطقة.
[email protected]