x

أسرة «القزم» محمد إسماعيل.. الحياة على طريقة «الإيد قصيرة زى الطول»

الجمعة 24-09-2010 19:15 | كتب: محمود متولي |

داخل شقة متواضعة بالإيجار فى منطقة التجمع الخامس تعيش أسرة «القزم» محمد إسماعيل.. ظروفاً معيشية سيئة فى ظل ضيق ذات اليد..

محمد يبلغ طوله « 110» سنتيمترات، يعيش مع زوجته وهى سيدة طولها طبيعى أنجبا خمسة أبناء: ثلاثة أولاد طوال القامة مثل الأم وبنتين قصيرتى القامة مثل الأب، وجميعهم فى مراحل التعليم المختلفة ومصدر دخلهم الوحيد بعد أن أقعده المرض داخل المنزل، هو معاش «التضامن» الذى يتقاضاه وقدره 160جنيها..

يقول محمد إسماعيل: عمرى «50 عاماً» وكنت أعمل بورشة أحذية فى باب الشعرية فى العتبة لأكثر من عشرين عاماً وتركتها بعد أن أجريت 5 عمليات جراحية منها إزالة حصوة وفتق وبواسير وبعدها لم أعد قادرا على الحركة خصوصاً أننى أعانى من السكر والضغط مما أثر بشكل كبير على حركتى وأصبحت قعيداً فى المنزل غير قادر على العمل أو الحركة..

لى ستة أشقاء منهم ولد و5 بنات، وأنا القزم الوحيد بين إخوتى وبين كل أفراد العائلة.. عرضت نفسى على الأطباء لمعرفة هذا السر، لكنهم لم يجدوا تفسيرا لحالتى وقالوا إن ربنا له حكمة فى ذلك..

رزقنى الله بخمسة أبناء منهم بنتان «أقزام» مثلى و3 أولاد طوال مثل والدتهم وهى من الحالات النادرة كما أخبرنى الأطباء لأنه من المفروض أن يكون الأولاد الذكور أقزاماً مثلى والبنات مثل أمهم وليس العكس.

لا أجيد الكتابة أو القراءة لأن أمى رفضت إدخالى المدرسة خوفا على من مضايقات الناس لى.

أتقاضى معاشا شهريا من وزارة التضامن الاجتماعى قدره 160 جنيها وهى لا تكفينا «عيش حاف» فى الوقت الذى أدفع فيه 400 جنيه إيجار الشقة التى أقيم فيها حالياً «إيجار جديد» وأولادى فى المدارس ويحتاجون مصاريف كبيرة ولذلك نحن لا نأكل اللحم أو الفراخ أو الأسماك إلا نادراً ونتناول الفول والطعمية فى الإفطار والغداء والعشاء..

الحكومة تتجاهل عن عمد حقوق الأقزام وعدم اعترافها بهم كمعاقين وأحقيتهم فى نسبة الـ5 فى المائة للتعيين فى وظائف وفرص عمل فى القطاع العام، والأقزام عموماً فى مصر يعانون مشاكل عدة منها ارتفاع سلالم المترو والميكروباصات والتاكسيات ما يعرضهم لمتاعب كثيرة وإحراج أمام الآخرين. لابد للمجتمع أن يغيير وجهة نظره تجاه الأقزام ويعتبرهم بشرا عاديين مثل أصحاب الاحتياجات الخاصة وتوفير فرص عمل لهم فى المصانع والشركات والمصالح الحكومية أسوة بالمعاقين وتوفير مساكن خاصة بهم لا تزيد على الطابق الأرضى وتخصيص محال للملابس والأحذية لهم لعدم عثورهم على ما يلائمهم منها فى الأسواق.

أما ابنته أمانى فقالت: عمرى 17 سنة وطولى 95 سنتيمترا وأدرس فى الثانوية العامة وفى صغرى كنت أشعر بنقص وضيق بسبب قصر قامتى لكن هذا الشعور زال فيما بعد لأننى أيقنت أن الإنسان لا يجب أن يعترض على إرادة الله، كما أن من يجلس معى لا يلمس فى شخصيتى أى شىء غريب ومختلف عن الآخرين بل يحبنى وأذكر أن الإعلامى مفيد فوزى قال لى ذات مرة عقب تسجيل فقرة معى إن مستوى تفكيرى يفوق سنى بكثير بسبب لباقتى وأسلوبى..

أساعد والدى فى أعمال المنزل ولا أجد مشكلة فى إعداد الطعام وأتغلب على مشكلة قصر قامتى بالصعود على كرسى أو ترابيزة كما أن والدى خصص لى «مكتب وكرسى» للمذاكرة يتناسبان مع طولى.

وتروى أمانى جانباً من المضايقات التى تعرضت لها قائلة: أثناء دراستى فى سنة رابعة ابتدائى حضر إلينا مدرس جديد وعندما رآنى للمرة الأولى نادانى «تعالى يابت يا قصيرة هنا» فشعرت بالضيق والحزن وأخبرت والدى بما حدث فأسرع إلى المدرسة واشتكى المدرس وقال له إنه يجب أن يكون قدوة للآخرين..

كما أتعرض أثناء وقوفى أمام فرن العيش لشراء الخبز أو قضاء مصلحة من الشباك لمضايقات كثيرة خصوصا مع شدة الزحام.

وعن أمنياتها قالت: أتمنى أن أدخل كلية الصيدلة لأصبح صيدلانية وأن أقدم شيئاً لأطفال فلسطين.

وانتقدت أمانى وسائل الإعلام المختلفة التى تقدم الأقزام بصورة مشوهة بهدف إضحاك الناس.

وتحدثت الزوجة «أم أمانى» التى روت فى البداية قصة ارتباطها بزوجها قائلة: كانت أسرتى تسكن فى منطقة عين شمس وكانت شقيقة «محمد» جارتنا فى السكن وحضرت إلى بيتنا وقابلت والدتى وطلبت منها زواجى بشقيقها وبعدها أخبرتنى والدتى بهذا العرض فوافقت بلا تردد لأن «محمد» شخص طيب ومهذب ومكافح وهى صفات كنت أتمناها فى زوجى ولم أهتم بمسألة قصر قامته إطلاقاً وتم الزواج وأنجبت منه 5 أولاد أصغرهم عمره 6 أشهر وأكبرهم أمانى «17 سنة»..

لو بحثت فى الدنيا كلها لن أجد شخصاً مثل زوجى الذى يحبنى ولم يغضبنى فى يوم من الأيام ورغم صعوبة الحياة إلا إننى لا أقصر تجاه زوجى وأولادى وأفعل كل ما فى وسعى لإسعادهم وأتمنى أن يكبر أولادى ويصبحوا ذات يوم أفراداً ناجحين فى حياتهم ليعوضونى عن التعب الذى بذلته فى تربيتهم وتعليمهم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية