x

طه حسين والصهيونية

الخميس 23-09-2010 08:00 | كتب: محمد الكفراوي |
تصوير : اخبار

واجه جيل الكتاب والمثقفين والمفكرين الذين ظهروا فى عقدى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين هجوما شرسا من بعض الكتاب المنتمين لأجيال تالية، بسبب موقفهم من القضية الفلسطينية، وصل فى بعض الأحيان لدرجة اتهام بعض أبناء جيل الثلاثينيات بتعمد تجاهل الحديث أو الكتابة عن القضية الفلسطينية والحركة الصهيونية، بحجة الانحياز لها أو عدم إلمام أبناء هذا الجيل بأبعاد تلك القضية.

فى كتابه الجديد «طه حسين والصهيونية» الصادر مؤخرا عن سلسلة كتاب الهلال، يواصل الكاتب حلمى النمنم مشروعه البحثى المتمثل فى رصد وتحليل موقف جيل الثلاثينيات والأربعينيات من الحركة الصهيونية والقضية الفلسطينية، يتتبع «النمنم» كتابات عميد الأدب العربى طه حسين المتعلقة بالحركة الصهيونية ورؤيته للقضية الفلسطينية وموقفه من هذه القضية،

فى مواجهة العديد من الاتهامات ساقها كتاب مجايلون أو لاحقون لطه حسين، مفادها أن عميد الأدب العربى، كان يمثل التيار الليبرالى الذى يهتم بالقضايا المصرية الصميمية ولا يهتم بقضايا العروبة، وجزم البعض بأن طه حسين لم يكتب حرفا واحدا عن القضية الفلسطينية، من منطلق تحيزه للغرب والثقافة الأجنبية التى تربى فى كنفها.

يرجع الكاتب الهجوم الذى تعرض له طه حسين، رغم قامته العالية فى الثقافة والأدب على مستوى العالم العربى، إلى حادثتين وقعتا فى حياته العلمية اتخذ خصومه منها مادة للهجوم عليه، أولاها إشرافه على رسالة دكتوراه تقدم بها إلى جامعة القاهرة «إسرائيل ولفنسون» عن اليهود فى جزيرة العرب خلال الجاهلية وصدر الإسلام، ونوقشت تلك الرسالة عام 1927،

والواقعة الثانية تتمثل فى محاضرة ألقاها طه حسين فى مدرسة الطائفة الإسرائيلية «اليهودية» بشارع النبى دانيال فى الإسكندرية، عن اليهود والأدب العربى عام 1943، ونشرت جريدة «الوفد المصرى» نص المحاضرة فى عددها الصادر 26 ديسمبر عام 1943، إلا أن أحدا ممن هاجموا طه حسين لم يراجعوا نص المحاضرة.

يوضح الكاتب أن الهجوم الذى تعرض له طه حسين، انطلاقا من هاتين الواقعتين، يرجع إلى خلط الكثيرين بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة سياسية، وفى تقدير هؤلاء، فإن كل يهودى هو صهيونى بالضرورة، يؤيد ما تقوم به إسرائيل فى فلسطين، وهو ما يتنافى مع وجهة النظر، التى تبناها كبار المفكرين ومنهم طه حسين وشكيب أرسلان وجورجى زيدان ورشيد رضا، فجميعهم كان يفرق تماما بين اليهودى واليهودية كديانة من جهة، وبين الصهيونى والصهيونية كحركة سياسية وفكرية من جهة أخرى،

وهو ما اتضح جليا فى محاضرة الدكتور طه حسين حول اليهود والأدب العربى، التى رصد فيها لحظات الالتقاء والتعايش بين اليهود والمسلمين والعرب فى جميع عصور الحضارة العربية، إلا أن طه حسين فى الوقت ذاته، انطلق من القضية الفلسطينية، مؤكدا حق الفلسطينيين فى أرضهم واغتصاب الصهاينة لهذه الأرض،

فى هجومه الحاد على الساسة الأوروبيين، والحضارة الأوروبية بصفة عامة، لكونها تريد ترسيخ الديمقراطية فى بلادها، وترفض ذلك وتتجه إلى العنف والسلاح فى التعامل مع الدول الأخرى غير الأوروبية ويشير إلى ضلوع الاحتلال الإنجليزى فى تحقيق حلم الحركة الصهيونية بتمكين الصهاينة من أرض فلسطين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية