x

شوارع «الثغر» تتحول إلى «بؤر» لنشر الأوبئة بعد انتشار «أكوام القمامة»

الخميس 23-09-2010 08:00 | كتب: أحمد علي, عمرو التلاوي, محمد عبد العال |
تصوير : اخبار

تحول الكثير من شوارع المحافظة إلى منتجع لنشر الأمراض والأوبئة بعد تراكم أكوام القمامة الذى ساهم فى تشويه الصورة الجمالية لمعالم المدينة»، بحسب قول بعض المواطنين، إثر تصاعد مشكلة القمامة فجأة بالتزامن مع حصول المدينة على لقب «عاصمة السياحة العربية 2010»، بعد تفجر الخلافات بين المحافظة والشركة الفرنسية المسؤولة عن عملية جمع القمامة، نتيجة «عدم التزام الأخيرة ببنود العقد المبرم بينهما، واستمرار تقصيرها فى تنفيذ مهامها المنوطة بتنفيذها»، فى الوقت الذى بدأت فيه المحافظة بدورها فى تحرير المخالفات، وتوقيع غرامات مالية ضخمة على الشركة، مما أدى إلى تردى مستوى النظافة فى جميع أحياء المدينة بمختلف شوارعها.

قال أحمد ناجى، أحد أهالى منطقة نادى الصيد فى محرم بك، إنهم أصبحوا لا يجدون صناديق القمامة فى الأماكن المخصصة لها، مما يدفعهم إلى إلقاء قمامتهم فى أى مكان بالشارع، التى تتسبب فى أحيان كثيرة فى انسداد بالوعات وخطوط شبكة الصرف الصحى، وبالتالى طفح مياه المجارى فى الشوارع والمنازل.

وأشارت سلوى أحمد، من منطقة الورديان، إلى أن الشوارع أصبحت تمتلأ بأكوام القمامة والقاذورات خاصة الجانبية منها، ما أدى إلى انتشار الباعوض والحشرات فى المنطقة، بالإضافة إلى إصابة العديد من الأهالى خاصة الأطفال منهم بالأمراض الصدرية والجلدية الخطيرة، نظرا لتزايد أعداد الفئران فى المخلفات المنتشرة فى كثير من الشوارع.

وتابعت: «إحنا بنعانى كلنا بسبب الروائح الكريهة والحشرات والثعابين الموجودة داخل أكوام القمامة فى الشوارع، خصوصا الناس اللى ساكنة فى الأدوار الأرضية وكمان بسبب الكلاب والقطط الضالة التى تمتلأ بها هذه الأكوام».

وأوضح علام عبدالرازق، «محاسب»، أن عدم التزام شركة النظافة بجمع القمامة من المنازل واكتفاءها بجمعها من الشوارع الرئيسية فقط دون النظر للأكوام الموجودة فى الشوارع الجانبية والحوارى، يعد سبباً رئيسياً فى انتشار الروائح الكريهة والحشرات والحيوانات القارضة والديدان، التى تتسرب من هذه الأكوام إلى المنازل والمحال التجارية– وفق قوله.

وقالت مديحة إبراهيم، «موظفة»، إحدى المقيمات بمنطقة البكاتوشى فى حى شرق: «عربية الشركة ما بتدخلش غير فى المناطق النظيفة بس، لكن إحنا مش بنشوفها خالص علشان كده بنضطر إلى جمع القمامة فى أكياس بلاستيك ورميها فى أكوام الزبالة القريبة من المنازل أو سور المدرسة اللى قُدامنا».

وأضافت «مديحة»: «مش عارفين على أى أساس بيتم فرض رسوم نظافة علينا، خصوصاً أننا مش بنشوف مقابل للرسوم دى، ولا بنشوف كمان عمال النظافة إلا لو كان فى زيارة رسمية لحد من المسؤولين طبعاً».

وانتقد جلال العربى، صاحب مطبعة فى منطقة المنشية، استمرار تحصيل رسوم النظافة، التى وصفها بأنها لا تفرق بين أصحاب المهن المختلفة «على الرغم من أن المطبعة تتخلص من الأوراق عن طريق بيعها، إلا أننى مُجبر على دفع هذه الرسوم شهرياً، دون أن أحصل على خدمة مناسبة».

وأرجع حسين محمود، أحد سكان منطقة الحرمين فى المنتزه، استمرار معاناة الأهالى من مشكلة القمامة إلى قلة عدد الصناديق المخصصة لجمعها فى الشوارع الرئيسية والفرعية، فضلا عن نقص عدد العمالة التى تتولى عمليات الجمع، وإزالة هذه المخلفات من الشوارع.

ولفت محمد السيد، من منطقة المساكن الصينية بالعجمى، إلى أن شبكة الصرف الخاصة بالمنطقة أصبحت تعانى من كثرة الأعطال وعمليات الطفح المتكررة بشكل يومى، وذلك نتيجة لما وصفه بـانتشار المخلفات وبقايا القمامة داخلها، بالإضافة إلى استمرار تجاهل مسؤولى الحى والشركة الشكاوى التى يتقدمون بها بشأن اختفاء صناديق القمامة، وعدم وجود عمالة خاصة برفع هذه المخلفات من الشوارع بصفة يومية، خاصة أن المنطقة تشهد تزايداً كبيراً فى نسبة الكثافة السكانية.

ووصف «السيد» الأوضاع التى يعيش فيها الآلاف من سكان المنطقة منذ فترة طويلة- بحسب قوله- بـ«غير الآدمية» مؤكداً «إحنا بقينا عايشين فى بؤرة تلوث محدش يقدر يستحملها، وكله بسبب أكوام القمامة والحشرات والفئران اللى موجودة فيها».

وقال أحمد عبدالله عمر، عضو المجلس المحلى لحى غرب، إن هذه الظاهرة أصبحت موجودة فى عدد كبير من الشوارع الواقعة ضمن نطاق حى غرب، فى ظل اختفاء صناديق القمامة منها، واستمرار ما وصفه بـ«تقصير» مسؤولى شركة النظافة.

وأضاف «عمر»: «هذه القمامة لا تؤثر فقط على المظهر العام لشوارع المحافظة، ولكنها تؤثر أيضا على الصحة العامة للمواطنين، نتيجة انتشار الحشرات والفئران والروائح الكريهة التى تصدر عنها، والتى كثيرا ما تتسبب فى إصابة بعض المواطنين بالأمراض الخطيرة».

وطالب بضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات والإجراءات اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة فى أسرع وقت ممكن، وذلك من خلال وضع ملصقات فى الشوارع بها أرقام خطوط ساخنة تابعة لكل حى، بحيث تتولى هذه الخطوط مسؤولية تلقى بلاغات المواطنين المتعلقة برفع القمامة.

وشدد «عمر» على ضرورة قيام مسؤولى الجهات المختصة بإعادة النظر فى الرسوم التى يتم تحصيلها من المواطنين نظير تقديم الخدمة لهم، وذلك تخفيفاً عن كاهل المواطنين من محدودى الدخل، خاصة فى المناطق الشعبية فى ظل الأوضاع والظروف التى يعيشون فيها وعدم التزام الشركة بتقديم خدماتها لهم– حسب تعبيره.

وانتقد خالد فتح الله العوامى، عضو المجلس المحلى لحى العجمى، استمرار شكاوى المواطنين فى كثير من الأحياء خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من تقصير الشركة المسؤولة عن رفع القمامة من شوارعها، بالإضافة إلى ما وصفه بـ«رداءة» الخدمات المقدمة من جانبها لهؤلاء المواطنين، التى أدت إلى تشويه المظهر الجمالى والحضارى فى العديد من الأماكن والمعالم الموجودة فى المحافظة.

وأوضح «العوامى» أن الشركة تتجاهل تقديم الخدمة لكثير من سكان المناطق خاصة العشوائية منها، بالإضافة إلى أن اعتمادها على تعيين عمالة جديدة أصبح بسيطاً جداً، فضلاً عن عدم انتظام سيارات جمع القمامة التابعة لها بنقل الصناديق فى مواعيد منتظمة.

واتهم أحمد البنهاوى، عضو المجلس المحلى لحى شرق، شركة النظافة بالتسبب فى المشكلة، التى تعانى منها العديد من الشوارع «لأنها نسيت أو تجاهلت بمعنى أدق الأماكن اللى داخل المدينة واهتمت بالأماكن الأخرى القريبة من الكورنيش».

وحذر «البنهاوى» من خطورة انتشار وتراكم القمامة والنفايات فى شوارع كثيرة بالمحافظة، نتيجة تقلص خدمات شركة النظافة فى تنظيف الشوارع الرئيسية والجانبية، بالإضافة إلى اختفاء معظم صناديق القمامة منها، فضلاً عن عدم انتظام مواعيد السيارات المخصصة لجمعها من هذه الصناديق، «لدرجة أن القمامة أصبحت أكواماً وتلالاً تؤذى العيون، وتعرض صحة المواطنين لمخاطر الإصابة بالأمراض والأوبئة».

وأشار إلى أن المحافظة تقوم بتحصيل رسوم النظافة المقررة على المواطنين «إجبارياً» من خلال فواتير الكهرباء ما يعد مبرراً رئيسياً يؤكد ضرورة التزام الشركة بتقديم الخدمة المناسبة تجاه المواطنين.

وأكدت نادية قويدر، رئيس لجنة البيئة فى المجلس المحلى للمحافظة، تصاعد مشكلة القمامة خلال الأيام القليلة الماضية على الرغم من الجهود المبذولة من قبل اللواء المحافظ عادل لبيب والأجهزة التنفيذية المعاونة له فى مختلف الأحياء، للقضاء على هذه المشكلة.

وقالت «قويدر»: «تراخى مسؤولى الشركة الفرنسية المكلفة بنظافة المحافظة بموجب العقد المبرم بينها وبين المحافظة هو السبب وراء تردى أوضاع أحوال شوارع المدينة، حيث لم تقم الشركة بتوفير صناديق القمامة فى الشوارع واختفى عمال القمامة منها وبالتالى لجأ المواطنون إلى التخلص من قمامتهم بإلقائها فى أى مكان». وأضافت: «مشكلة القمامة التى تعانى منها بعض المناطق فى المدينة أصبحت مشكلة عامة يتحمل مسؤوليتها كل من السكان بسبب سلوكياتهم الخاطئة والشركة، بسبب تقصيرها فى رفع القمامة بانتظام».

وتابعت: «المحافظة مظلومة فى هذا الموضوع، لأنها ملتزمة بعقد مع الشركة لا يمكن أن تخل ببنوده، لكن هناك معلومات مؤكدة بشأن قيام المحافظ بإلزام الشركة برفع القمامة من المنازل، وليس من الصناديق الموجودة فى الشوارع عند تجديد العقد الحالى لحل هذه المشكلة».

وطالبت رئيس لجنة البيئة فى محلى المحافظة بضرورة تشديد الرقابة على الشركة الفرنسية، بالإضافة إلى فرض عقوبات مُغلظة على المخالفات التى يثبت تسببها فيها، فضلاً عن التصدى لهذه القمامة المنتشرة فى عدد من الشوارع، التى تهدد وتشوه- بحسب تأكيدها- الإنجازات وعمليات التطوير التى تم تنفيذها أو تلك التى يجرى الانتهاء منها داخل المدينة.

وأكد المهندس محمود حامد، مدير إدارة الرصد البيئى فى المحافظة، استمرار الإدارة بمختلف فروعها الموجودة فى الأحياء فى عمليات المتابعة الدورية طوال اليوم خاصة للشكاوى التى يتم تقديمها من المواطنين بشأن مشكلة القمامة فى أى منطقة داخل المدينة.

وقال «حامد»: «دور الإدارة يقتصر على عملية المتابعة الميدانية فقط، وليس تنفيذ عمليات رفع القمامة وإزالتها كما يعتقد البعض، لأننا وبكل بساطة لا نملك المعدات أو الأجهزة مثل تلك التى تمتلكها شركة النظافة المسؤولة عن رفع المخلفات من جميع المناطق والأحياء».

وأوضح مدير إدارة الرصد البيئى أن استمرار السلوكيات الخاطئة من قبل بعض المواطنين فى العديد من المناطق، خاصة المتعلقة منها بإلقائهم القمامة والمخلفات فى غير أماكن تجميعها، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة «الفريزة» فى مناطق كثيرة بالأحياء- يأتيان فى مقدمة المخالفات التى يتم رصدها من قبل مسؤولى الإدارة- بحسب تأكيده.

فى المقابل قال حسن أباظة، مدير فرع شركة النظافة بالمحافظة، إن «الشركة» أبرمت التعاقد مع المحافظة عام 2000، وبموجبه التزمت بجمع نحو 3000 طن يوميا من القمامة والمخلفات بواقع مليون طن سنوياً، خاصة أن هذا التعاقد نص على قيامها بجمع القمامة من نقاط الجمع المتمثلة فى الصناديق التى تتواجد فى الشوارع الرئيسية فقط دون الفرعية منها «لأن الصناديق الموجودة فى الشوارع الجانبية وضعها الأهالى وليس الشركة».

واعتبر «أباظة» استمرار مشكلات الصرف الصحى وأعمال الصيانة الدورية لهذه الشبكات أبرز الأسباب التى تعوق سير العمل من جانب عمال وسيارات الشركة فى بعض المناطق، خاصة أن التعاقد لا يلزم الشركة بجمع القمامة فى ظل وجود مياه الصرف أو أعمال تكسير فى الشوارع، وذلك فى إطار حرصها على العاملين فيها، بالإضافة إلى رغبتها فى حماية سيارات الشركة خشية تعرضها للأعطال.

وأوضح «أباظة» أن مشكلة عدم توافر الصناديق الصغيرة فى الأماكن العامة ناتجة عن عدم تعاون المحافظة فيما يتعلق بتحديد الأماكن أو مراعاة تصميم أعمدة الإنارة وغيرها، خاصة أنه فى حالة وضع صناديق من قبل الشركة تتم إزالتها بمعرفة المحافظة بحجة تسببها فى الإضرار بالذوق العام والمظهر الجمالى أما وضع صناديق القمامة فى الأماكن المهجورة والأراضى الفضاء فهو ليست واقعة ضمن اختصاصات الشركة، نظراً لكونها من الأماكن التى تعتبر حرماً خاصاً.

وأشار مدير فرع شركة النظافة إلى أن بعض المخالفات التى يتم توقيعها على الشركة من قبل إدارة الرصد البيئى فى المحافظة- المنوط بها مراقبة أعمال الشركة- تحدث نتيجة قصور فى العنصر البشرى، خاصة أن الشركة ما زالت تعانى- بحسب قوله- من نقص واضح فى العمالة على الرغم من وجود 5000 عامل بها، وذلك نظراً لكون غالبيتها من العمالة غير المقيمة داخل المدينة لرفض أبناء «الثغر» العمل فى مجال النظافة.

وتابع أن الشركة ملتزمة بالتخلص من القمامة وفقاً للطرق الآمنة، حيث تقوم بتدوير بعض المخلفات لإنتاج السماد العضوى بمقدار بلغ نحو 200 ألف طن شهرياً، «إلا أن وجود الفريزة يؤثر بالسلب على إنتاج الشركة من بقية المخلفات».

وطالب «أباظة» بضرورة نشر الوعى لدى المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة والشوارع نظيفة، بالإضافة إلى تفعيل القوانين الموجودة التى تجرم السلوكيات الخاطئة التى يقومون بها مثل إلقاء القمامة فى الشوارع أو حرقها، خاصة أن هذه المهمة أصبحت مسؤولية الشركة والمحافظة والمواطنين، على حد سواء.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية