بسقوط مدينة تدمر وسط سوريا في يد «داعش» وإقرار النظام السوري بذلك، سقط بيد التنظيم كنز تاريخي وأثري يلخص تاريخ حضارة تعود إلى أكثر من 30 قرناً من الزمن في المنطقة، وإرث مملكة سادت ونافست روما في سلطانها، بل طمحت ملكة تدمر العربية «زنوبيا» في أوج قوتها إلى أن تعتلي عرش روما.
وتثير سيطرة «داعش» على المدينة الأثرية في تدمر، المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو»، مخاوف من نهب أو تدمير الآثار الموجودة فيها وفي متحفها، خاصة بعد أن قام التنظيم خلال الأشهر الماضية بتدمير عدد من المواقع والمدن الأثرية في المناطق التي يسيطر عليها مثل متحف الموصل بمدينة الموصل شمالي العراق، وآثار مدينتي النمرود والحضر التاريخيتين شمالي العراق، ما أثار موجة من الإدانة من قبل المنظمات الأممية المهتمة بالآثار، بحسب رصد مراسل «الأناضول».
واسم تدمر (بالميرا باللاتينية) يعني «الجميلة» أو «الأعجوبة» بحسب الأبجدية القديمة الخاصة بها، وتلقب حديثاً بـ«عروس البادية» كونها تتوسط البادية السورية وسط البلاد، واقترن اسمها بملكتها العربية «زنوبيا» التي كان طموحها أن تصبح إمبراطورة على روما.
وموقعها استراتيجي منذ القدم حيث تعد محطة هامة على «طريق الحرير» أي طريق القوافل التجارية القديم الواصل بين الصين وروما، وحديثاً هي تصل العاصمة السورية دمشق التي تبعد عنها حوالي 215 كلم فقط، بشرق البلاد ويمر فيها الطريق الرئيسي من العاصمة إلى محافظتي الحسكة ودير الزور.
آثارها القائمة من أكثر المواقع الأثرية شهرة في العالم، وورد اسم تدمر في رقم طينية (لوحات) يعود إلى القرن 18 قبل الميلاد وتذكر وثائق تاريخية أن الكنعانيين والعموريين والآراميين سكنوها منذ 30 قرناً قبل الميلاد، وهم الذين أعطوها اسمها «تدمر».
وصلت إلى أوج ازدهارها منذ القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، وأصبحت إمارة عربية في القرن الثاني للميلاد وكانت عاصمة التجارة الدولية بين الشرق والغرب، حكمتها أسرة عربية من أشهر ملوكها أذينة الأول وحيران وأذينة الثاني زوج زنوبيا ملكة تدمر الشهيرة، ووالد وهب اللات.
وتتميز بأن معالم الحاضرة القديمة شبه متكاملة، وتتوزع الأطلال فيها على مساحة تتجاوز 10كم2 ويحيط بها سور دفاعي من الحجر المنحوت، وآخر للجمارك من الحجر واللبن، وتتوزع بيوتها حسب المخطط الشطرنجي.
وأهم معالمها القلعة الأثرية الشهيرة والمعابد، منها «الإله بل» و«بعلشمين» و«نبو» و«اللات» و«ارصو»، إلى جانب الشارع الطويل وقوس النصر والحمامات ومجلس الشيوخ، والسوق العامة، ووادي القبور، والمدافن البرجية، كما يوجد في مدينة تدمر متحف كبير يضم آثاراً تعود لأكثر من 30 قرناً من الزمن.
والملكة زنوبيا هي أشهر من حكم تدمر واسمها ميسون بنت عمرو ابن السميدع، تنحدر من عشائر الفرات الأوسط العربية ولقبت بـ«زنوبيا» و«بت زباي»، واشتهرت أيضاً بلقب «الزباء» لغزارة شعرها وطوله، وكانت أمها ترجع بنسب إلى الملكة كليوباترا في مصر، بحسب مراجع تاريخية.