ذكرت إذاعة «بي بي سي عربي» أنه تعالت في الآونة الأخيرة الدعوات المطالبة بشروع جماعة الإخوان المسلمين في إجراء مراجعات وإصلاحات هيكلية وفكرية داخلية على نحو عاجل.
وأفاد تقرير لـ«بي بي سي» بأن جديد تلك الصيحات أنها لم تجئ من أنصار للجماعة أو حتى منتقدين لها أو منشقين عنها فحسب، لكنها جاءت كذلك من أسماء بارزة داخل الجماعة وبعض كبار مؤيديها، في وقت حاولت فيه الجماعة على مدى عقود أن تبقي أحاديث المراجعات أو الانتقادات داخل جدرانها فلم يخرج منه الكثير للعلن ومتى شاءت أن يخرج ذلك.
وأشار التقرير إلى أن «أحدث تلك الدعوات جاءت في مقالات كتبها عصام تليمة الباحث في جمعية قطر الخيرية عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والمقيم في تركيا والذي عمل مديرا لمكتب الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين وسكرتيرا خاصا له على مدى سنوات».
وحسب «بي بي سي» فإن «تليمة» يعرف عنه أنه من الوجوه التي ظهرت كثيرا على شاشة الجزيرة بقطر التي تركها إلى تركيا موجها انتقادات حادة للسلطات المصرية بعد عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي في يوليو عام 2013.
وطالب تليمة بعزل جميع قيادات الصف الأول الحالية في جماعة الإخوان المسلمين لصالح جيل جديد من الشباب، وبالفصل بين العمل الدعوي والعمل الحزبي داخل الجماعة، وكذلك بتجديد أدبيات الجماعة ذات الطابع الإصلاحي لتتناسب مع «مرحلة العمل الثوري» الحالية بحد وصفه.
كما ذهب «تليمة» إلى ضرورة قبول أعضاء الجماعة للنقد الموجه إليهم وللجماعة باعتبار ذلك وسيلة لإصلاحها، بل طالب بإعمال مبدأ محاسبة قيادات الجماعة في مجال النجاحات والإخفاقات على السواء.
وفي مقابلة «هاتفية» مع «بي بي سي» قال «تليمة» إن «الأداء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين خلال فترة وجودهم في السلطة لمدة عام لم يكن موفقا، لأنها تعاملت بنهج كان يتطلب أداء أفضل لاسيما في التعامل مع الدولة العميقة.»
وأضاف أنه بعد وصول الإخوان لسدة الحكم في مصر «انقلبت الجماعة بجميع أفرادها من العمل الدعوي إلى العمل السياسي وهذا لم يكن صوابا وكان يتعين ان تعمل الجماعة على خطين لا أن تدمج بينهما».
وأردف: «الجماعة تعاملت مع ملفات الدولة كما تتعامل مع ملفات الدعوة وشتان بين الأمرين، وتعاملت مع الأمور بمنطق إصلاحي جزئي ولم تتعامل معه بمنطق ثوري ولا توجد في أدبيات الإخوان ما يعرف أبناءها أدبيات الثورة وكيفية التعامل معها».
ومن مآخذه على الجماعة أنها «بعد ثورة يناير انسحبت من الميادين مع باقي الناس في حين كان يتعين ان تبقى هناك لان النظام لم يكن قد سقط كله بعد».
ونصح «تليمة» الجماعة «بالقيام بالمراجعة سواء بأشخاص من داخلها أو بالاستعانة بخبرات من خارجها لأنه أحيانا الإنسان لا يرى خطأه».
وفي مقابلة مع «بي بي سي»، قال جمال حشمت، رئيس ما يعرف باسم «البرلمان المصري في الخارج» ومقره تركيا، إن الجماعة قامت مؤخرًا بعدة إجراءات تجاوبًا مع المتغيرات.
وقال «حشمت»، المتهم في عدة قضايا ويحاكم غيابيًا، إنه «تم الزج بعدد كبير من الشباب في صفوف الجماعة، كذلك تم تعظيم مشاركة المرأة، إضافة إلى إسناد كثير من الأمور لمتخصصين وكانت في الماضي تسند إلى غير المختصين».
ودعا «حشمت» إلى مشاركات من القوى الأخرى خارج الإخوان في إدارة المشهد المصري قائلًا: «هناك الآن مشاركة من غير الإخوان في القضية المصرية لأن المشاركة من خارج الإخوان كانت غائبة في السابق. الجماعة لا تريد تصدر المشهد وتريد من أي قوة أو جماعة ثورية أخرى التقدم لصدارة المشهد كي تقدم لها دعمها لكن أحدًا لم يفعل».
وعلق حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة على حدث المراجعات بالجماعة قائلًا إنه يتعين الترحيب بأي من تلك الدعوات وتشجيعها. لكنه قال إن نجاح تلك الدعوات يتوقف على عدة عوامل.
وأشار إلى أن مستقبل المراجعات والجماعة يتوقف على «الفصل بين الدعوي والسياسي، لكن ذلك يعني حل الجماعة وتشكيل حزب سياسي يقوم على أساس شفافية التمويل والعضوية وهذا سيكون صعبًا للإخوان في الوقت الحالي».
ويعتقد نافعة أن الجماعة تمر بمخاض عسير وهي بداية تفاعلات بطيئة، لكنه يرى أن النظام المصري الحاكم حاليًا لا يساعد على الإسراع بهذا المخاض.
وقال «إن استراتيجية الاستئصال التي يمارسها النظام السياسي في مصر حاليًا، لن تساعد في عملية الاصلاح، ولكن ربما تؤدي إلى قتل تلك المبادرات والمراجعات في مهدها».