ظل هانى قدرى دميان، وزير المالية، صامتا طوال الفترة الماضية، أمام انتقادات وهجوم رافضى ضريبة البورصة، لعله يفلت من هذه الأزمة بأقل الخسائر، وسط ممارسة أصحاب المصالح ضغوطا عليه خلال الأيام الماضية، وطلبوا إقالته، فى محاولة لإثنائه عن التطبيق.
لم يتخيل دميان أن تنجح ضغوط مستثمرى البورصة والسماسرة فى تأجيل تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، المعروفة إعلاميا بـ«ضريبة البورصة»، لمدة عامين، بقرار من مجلس الوزراء، أمس، خاصة أن الوزير، وفريقه كان يدعم بقوة التطبيق ورفض مقاومات البعض، حيث يعد مهندس التعديلات.
وكان الوزير يتبنى هذه الأفكار والسياسات منذ أن كان مساعدا للوزير قبل سنوات، وبعد تكليفه بالوزارة فى حكومة المهندس إبراهيم محلب أقنع الحكومة والقيادة السياسية بها.
والمتابع لهذه الضريبة يرى أنها لم تحظ بتوافق مجتمعى منذ طرحها قبل نحو عام، حيث تم إنجازها سريعا، ضمن تعديلات لقانون ضرائب الدخل، رغم إثارتها للجدل، منذ صدورها، ولم تنجح لائحتها التنفيذية فى التوضيح، بل جاءت أكثر تعقيدا من القانون، ولم توضحه بالقدر الكافى.
ولم تنجح تبريرات صانع القرار فى تطبيق الضريبة أسوة بدول أكثر تقدما لا تتشابه ظروفها مع الحالة المصرية خاصة بريطانيا وفرنسا، بينما هناك دولة قريبة ألغتها أو خفضتها، ما جعل الرافضين لها يتمسكون برفضهم ويواصلون حربهم، معللين ذلك بتسبب الضريبة فى هروب المستثمرين الأجانب من السوق، رغم أن هذه السوق تعانى منذ أحداث الأزمة المالية العالمية، ومن بعدها أحداث ثورة يناير 2011، والتى ساهمت فى تفاقم أوضاع البورصة.
هزيمة «لوبى» أصحاب المصالح الخاصة لوزير المالية فى معركة ضريبة البورصة وضعت الثقة فى الحكومة على المحك مجددا، وهنا نتحدث عن أى حكومة، أو كيفية صناعة وصياغة القرارات والسياسات، التى يعاد النظر فيها مجددا.
ضغوط المستثمرين ورجال الأعمال على الوزراء تتصاعد باستمرار حيث وصلت فى معركة ضريبة البورصة إلى رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، مدعومة هذه المرة برفض رئيس البورصة، الدكتور محمد عمران، الذى كان موافقا عليها خلال طرحها للحوار المجتمعى، وقبل ذلك لدى مناقشتها تنفيذيا فى البداية قبل إقرارها، إلا أنه هاجمها بشدة مؤخرا. الضريبة، التى تم تأجيل تطبيقها لمدة عامين، لاتزال غامضة رغم أنها لم تكمل عامها الأول فى التنفيذ، إلا أنها ووجهت بمقاومة عنيفة، وطرحت الأزمة تعدد التعديلات الضريبية على القوانين والتشريعات فى آجال زمنية قريبة، ما شوهها، وفرغها من مضمونها، ما يسىء إلى سمعة مصر دوليا من حيث عدم استقرار السياسات الضريبية، خاصة أن المستثمرين الأجانب ينظرون قبل ضخ استثماراتهم فى السوق المحلية إلى المعاملة الضريبية أولا وكذا سهولة دخول وخروج أموالهم.
من جانبه، أشاد محمد الأتربى، رئيس بنك مصر، بتأجيل تطبيق الضريبة، موضحا أن البورصة كانت فى حالة من الترقب والاضطراب خلال الفترة الماضية، وطالب بابتكار وسائل وتيسيرات للمحاسبة الضريبية سريعا على العمليات بيعا وشراء بشكل مباشر.
الأتربى شدد على أن ضريبة البورصة لم تكن الأزمة فى حد ذاتها، لكن فى غموض أسلوب المحاسبة، وعدم الشفافية فى تطبيق القانون، ما ألقى بظلاله على المستثمرين العرب والأجانب والمصريين.