طالب الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بشراكة حقيقية وجادة وغير شكلية بين مؤسسات عديدة، الدينية منها في الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، والثقافية والتعليمية والاجتماعية والتربوية والأمنية والصحية، ومراكز مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان، لنواجه معا كل الظواهر السلبية ومنها الإدمان والمخدرات حتى نقتلعها من جذورها، مؤكدًا أن مواجهتها تعد مطلبًا شرعيًا ووطنيًا ومجتمعيًا إذ ينبغي أن تقوم كل مؤسسة بدورها وبالقدر الذي تحتاجه مواجهة المشكلة، وألا يكون الأمر شكليا أو إعلاميا فحسب.
وشدد «جمعة» في بيان له، الأحد، على أن مواجهة الإدمان لا تقل أهمية عن مواجهة الإرهاب، فكلاهما صناعة للموت، سواء أكان موتا سريعًا مباغتًا ناتجًا عن العمليات الإرهابية والإجرامية والانتحارية، أم كان موتًا بطيئًا ناتجًا عن تدمير الخلايا العقلية، أم موتًا قائمًا على تأثير المخدر وناتجا عنه، حيث تتعدد الأسباب والموت واحد.
وقال «جمعة» إنه «إذا كانت مواجهة الإرهاب تتطلب تضافر جهود جهات ومؤسسات عديدة، فإن مواجهة الإدمان تحتاج هي الأخرى إلى التنسيق والتعاون بين الجميع، فالأمر خطير جدا، والإحصائيات صادمة، إذ تذكر الإحصائيات المتعلقة بالتدخين والإدمان أن عدد المدخنين في مصر يصل إلى نحو 13 مليون مدخن، ينفقون نحو 8 مليارات جنيه سنويًا، أما نسبة المتعاطين للمخدرات فتصل إلى نحو 10% من السكان أي نحو 9 ملايين متعاط ربعهم تقريبا من المدمنين بما يعادل نحو 2.4% من إجمالي عدد السكان».
وأشار «جمعة» إلى أن الأمر يحتاج إلى جراحة سريعة وعاجلة وناجزة، وصحوة أكبر من الوالدين وإحساس بالمسؤولية تجاه أبنائهم، والتأكيد على أن هذه المسؤولية لا يمكن أن تنحصر في توفير المتطلبات المادية للأبناء، إنما تعني أول ما تعني حسن التربية ومراقبة السلوك، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (متفق عليه)، خاصة مع تدني سن بداية التعاطي لمرحلة الطفولة والمراهقة، وتراجع دور الأسرة في المواجهة، حيث إن نحو 58% من المدمنين يعيشون مع الوالدين.
وأوضح أن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة تعد مطلبا شرعيا ووطنيا ومجتمعي، حيث أكد القرآن الكريم على أن الخمر رجس من عمل الشيطان يجب الانتهاء عنه، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ»، ويقول (عليه الصلاة والسلام): «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ»، وعَنْ دَيْلَمٍ الْحِمْيَرِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) مَعَ أَصْحَابِي مِنَ الْيَمَنِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لَنَا شَرَابًا نَتَّخِذُهُ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلادِنَا، وَنَحْنُ نُعَالِجُ أَعْمالا شَدِيدَةً فَنُقَوَّى بِهِ وَيَتَقَوَّوْنَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): «هَلْ يُسْكِرُ ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَنِبُوهُ».