x

سيلڤيا النقادى وجه... وأكثر من عملة!! سيلڤيا النقادى الجمعة 15-05-2015 21:12


الاتفاق على هدنة.. فاصل ونعود.. هكذا أعلن وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير بأن بلاده سوف توقف القصف والقتال لمدة خمسة أيام على اليمن من أجل السماح بالإسعافات والمساعدات الإنسانية كى تجد طريقها للمحاصرين من المدنيين الذين لم يحالفهم الحظ بالخروج من وطنهم من أجل إنقاذ حياتهم جراء الحرب المندلعة هناك!! وبالفعل بدأت الهدنة منذ يوم الثلاثاء الماضى وسوف تنتهى اليوم، ليستأنف القتال مرة أخرى ولتذهب الإنسانية في إجازة قصيرة أم طويلة... الله أعلم!

ولكن دعنا نتأمل هذا المعنى الذي لا يصح له أن يحمل هذه الازدواجية التي عرفها التاريخ وجربتها الحروب أبد الدهر.. فكيف أعورك وأضع ميركيوروكروم على جرحك ثم أعود وأضربك مرة ثانية تحت مسمى الإنسانية؟!!

وحتى لا يختلط الأمر أو يلتبس معناه، أنا لست ناقدة لسياسة بعينها بل لى تقديرى لمبرراتها.. أنا فقط كنت أتأمل استخدام الكلمة ومعناها.. بل في الحقيقة بعد تأملى لها تمنيت لو أتيحت لنا جميعاً فرص الوقفة الإنسانية لكثير من الأشياء التي أصبحت تغلف حياتنا، ذلك إذا وضعنا في الاعتبار أن جوهر الحياة اليومية أصبح غير «محتمل» بل في الحقيقة لا يحمل في جنباته أيا من المعالم الإنسانية التي كانت من المفترض أن تزيّن مسيرتنا للأفضل، حتى لا يصبح مفهومنا وحكمنا على الأشياء منبعه دوافع شخصية أحياناً أو غير موضوعية في أحيان أخرى أو كثيراً مندفعة وغير إنسانية.. انظر لقضية سيدة المطار والتى لا يُرضِى بالتأكيد أحدا سلوكها، ولكن هل كانت تحتاج إلى كل هذا الصخب الإعلامى ومعاملتها كأنها قضية دولة أو قضية جاسوسية قبل أن نتعرف أكثر على ملابساتها، أم كان ذلك نتيجة لحالة من الهوس الإعلامى الذي «ما صدق» أن يجد مادة تغذى وتملأ فراغ ساعاته، لأنه في الحقيقة يفتقر للاجتهاد والبحث عن المواد الغنية للقضايا الأهم، بعيداً عن هذه القضية غير المقبول والمرفوض أداؤها.. وانظر إلى قضية وزير العدل التي نالت هي الأخرى صخباً وأعادتنا إلى نقطة الصفر، بمعنى أن كل واحد «هايفتح بقه» فيما لا يعجب أو يرضى سياسة الآخر أو رأيه سينال خناجر وسكاكين لا أول ولا آخر لها.. ولست هنا مرة أخرى في دفاع عن سياسة التمييز ولكنى في دفاع عن سياسة حرية الرأى والتعبير التي ننادى بها ومناقشتها بعيداً عن أبعادها الاجتماعية، بل إدراك منطقها الموضوعى وليس الشخصى! من خلال هذا المفهوم تنشأ الحوارات الموضوعية العقلانية التي تساعد على تثقيف الشعب بالمعانى الحضارية وليس بالمعانى التي تغرس الحقد في النفوس وتساعد على الفرقة بين الطبقات! وتعيدنا إلى مفاهيم قد تكون ملتبسة للبعض أولها رواسبها الاجتماعية والسياسية التي قد نختلف أو نتفق معها!

خطأ الوزير أو إقالته ليس مهماً بقدر وعينا لكيفية تناول القضية والرسالة والهدف الذي كان ينبغى على الإعلام توصيلها وهى بالتأكيد ستكون أسمى وأعمق من هذه الثرثرة الطبقية التي تضر أكثر مما تنفع!

فهل استفاد الشعب من هذا الهجوم الذي أشفى غليل الكثير؟ قد يكون الوزير خانه التعبير.. ربما كان عليه اختيار المكان المناسب أمام الجمهور المناسب للإدلاء بهذا التصريح.. أو ربما كان مخطئاً!. ما الذي عاد علينا بفائدة أو تثقيف- وهكذا أصبح الحال مع معظم القضايا التي يتناولها الإعلام- متى سنفتح الباب، بحق، للحوارات الجادة؟! إننا نكاد نتحرك من أماكننا! نفتح قنوات ومحطات جديدة ونصدر صحفا ومجلات حديثة، نغير من ورقها ونعتبر أننا أحدثنا التطوير.. «نلبس» المذيعات والمذيعين ملابس فاخرة «ونعوج لهم» لسانهم ونعتقد أننا أصبحنا على درب العالمية!.. نصرخ.. نبهدل.. نرعب ونبتز الضيوف والمصادر الذين جاءوا لمساعدتنا والذين لا نستطيع بدونهم أن تقوم لنا قامة- ولكننا لا نعرف ونجهل كيف نخرج من أفواههم أفضل ما عندهم لأننا أصبحنا القاضى وهم المتهم.. أصبحنا الحاكم.. وأصبحوا هم الجناة.

ما هذا الهراء وما هذه المهزلة التي لا يستطيع أحد أن يوقفها!.. لمصلحة من؟.. وما كل هذه الكراهية التي تختزن في القلوب وتتوارى خلف مسميات أخلاقية تتخفى وراءها مصالح ودوافع وأغراض وربما أعراض نفسية لا نعلم أبعادها.

هذه الازدواجية التي أصبحنا نضع لها مسميات لا تحمل معانيها الأصلية، أصبحت مزعجة.. أصبحت حاكمة لحياتنا.. يحركها في أحيان كثيرة أصحاب القلم.. ووجوه الشاشة!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية