يحب بيب جوارديولا الشطرنج كثيرًاً، دائمًاً ما يشبهه بكرة القدم، ويعتبر أن الخطط وتغيير أماكن القطع المتراصة بذكاء ومرونة هو ما يكفل لك الفوز في الحالتين.
إذا كان الأمر صحيحًاً، فلماذا يسقط جوارديولا بنفس الطريقة مرتين؟ لماذا يضع قطعه على الطاولة بنفس الشكل ويخسر بخطة نابليون البدائية في 29دقيقة فقط كانت كافية ليموت مَلكه؟
الشوط الأول:
- بدأ «جوارديولا» المباراة بنفس اللاعبين في مباراة الذهاب،مشكلة هذا الاختيار -عوضًاً عن الطريقة- هو أنه الوحيد الذي لم ينتبه لفشل بايرن ميونخ في المباراة الأولى على الوصول لمرمى برشلونة وصناعة اللعب بشكل جماعي، وأنه في غياب روبن وريبري وألابا.. لا بديل مطلقًاً عن اللعب بماريو جوتزه حتى لو لم يكن بكامل مستواه، ولكنه الوحيد القادر -في ظل اختفاء ألكانترا- على صناعة اللعب في الفريق.
لماذا أيضاً لم يبدأ بفيليب لام على الناحية اليمنى بدلاً من رافينا؟ واستغلال كونه «أذكى لاعب تعامل معه»في إيقاف جناح قاتل كنيمار، الذي كان الـ«كش ملك» في اللقاء؟
- المشكلة الأكبر من الأسماء هي انتحار جوارديولا من جديد واللعب بدفاع متقدم أمام أسرع خط هجوم في العالم!
من المنطقي أن بايرن ميونخ يريد التعويض وتسجيل 3أهداف، ولكن الأكثر منطقية هو عدم دخول أهداف في مرماه حتى لا يكون مضطراً لتسجيل 5!! تحديدًاً في الشوط الأول.
ولكن ما حدث أن بيب جعل مأساة دفاع فريقه هزلية لشدة تكرارها، والكرة الطولية التي يحولها لاعب وسط لمهاجم يذهب انفراد بـ«نوير» تكررت كثيرًا هذا الموسم، وحدثت بصورة كربونية في مباراة الذهاب والعودة.. من رأس ليونيل ميسي إلى انفراد لويس سواريز، أضاع الأولى في الكامب نو.. ولكنه صنع هدفًاً من الثانية في أليانز أرينا.
في المؤتمر الصحفي لمباراة العودة قال لويس إنريكي أن بايرن ميونخ بالتأكيد سيندفع في محاولة لتسجيل 3أهداف، بينما سنحاول نحن استغلال المساحات في دفاعاته.
تلك هي خطة برشلونة في اللقاء، محاولة الدفاع جيدًا واستخدام القدرات الخارقة لثلاثي الهجوم من أجل استغلال المساحات المتوقعة.
والخطط كلها كانت واضحة منذ البداية، ومع ذلك لم يحاول جوارديولا غلق تلك الفجوات، ولم يتعلم فعلاً من مباراة العودة ضد ريـال مدريد في العام الماضي. هدف أول لبرشلونة من هرجلة وسوء تعامل مع حركة سواريز، وهدف ثاني من جملة أسهل من خطة نابليون تكررت ضد بايرن هذا الموسم 6مرات على الأقل.
والنتيجة أن المباراة انتهت في شوطها الأول، وحتى هدف بن عطية المبكر الذي منح الفرصة في الحلم بعودة تاريخية.. لم يكن له قيمة في ظل التأخر 1-2والحاجة لـ5أهداف كاملة ضد برشلونة في شوطٍ واحد.
الشوط الثاني:
- أهم ما حدث في هذا الشوط كان خروج لويس سواريز للإصابة، مما قضى تقريبًاً على خطورة برشلونة الهجومية في ظل الإرهاق الذي ظهر عليه ليونيل ميسي في الـ45دقيقة الأخيرة من نصف النهائي، وعدم قدرة نيمار على تحريك الفريق بمفرده.
فالشيء الخارق بشأن سواريز، عوضًاً عن قدراته الهجومية المذهلة، هو مجهوده البدني وقدرته على مساندة الفريق دفاعيًا والتحول السريع من الدفاع للهجوم، هذا شيء خسره برشلونة تمامًا في الشوط الثاني.
على الناحية الأخرى فإن الطاقة والمجهود المذهل الذي ظهر عليه روبرت ليفاندوفسكي -في أفضل مبارياته منذ انضمامه لبايرن ميونخ- وتوماس مولر صنعا الفارق الذي أخرج فريقهم فائزًاً، في المباراة، في النهاية.
ليفاندوفسكي ومولر حاولا وحدهما 10مرات على مرمى برشلونة، وفي الوقت الذي لم يتم فيه التصويب بين خشبات «تير شتيجن» الثلاث في مباراة كامب نو، فإن الأخير كان مضطرًا في هذا اللقاء لمواجهة 6فرص خطيرة لليفا ومولر وحدهما في مرماه.
«جرينتا» مولر وعودة نسخة ليفا كواحد من أفضل مهاجمي العالم صنعا شكل بايرن الحقيقي في هذا اللقاء، على الرغم من فشل لاعبي الوسط وراءهم في صنع اللعب للمباراة الثانية على التوالي.
انتظر جوارديولا حتى الدقيقة 87من أجل نزول ماريو جوتزه، وحين حدث ذلك حدث على حساب توماس مولر للمباراة الثانية على التوالي!
على الرغم من مستويات ضعيفة في المبارتين لفيليب لام وشفانشتايجر وألكانترا، إلا أن جوارديولا لم يرَ «جوتزه»، صاحب هدف نهائي كأس العالم،يستحق فرصة صناعة اللعب للفريق.
صحيح أن المهمة كانت شبة مستحيلة، وتسجيل 3أهداف أخرى في برشلونة بعد هدف مولر في الدقيقة 74أمر خارق للعادة، ولكن التعامل مع المعطيات المنطقية التي تشير إلى أن «جوتزه» هو صانع الألعاب الوحيد في فريقك الذي يبحث عن أهداف كان يحتم نزوله، لو لم يكن منذ بداية المباراة فعلى الأقل ليس قبل 3دقائق من نهايتها!
برشلونة هو أفضل فرق أوروبا في تلك اللحظة، وهو أمر يستحق لويس إنريكي عليه التحية، قدرته على تطوير منظومة فريقه الدفاعية رغم أنهم نفس الأفراد تقريباً الذين خسروا من البايرن 7-0قبل عامين، وقدرته على خلق جماعية من الثلاثي الخارق الذي يملكه في المقدمة، هي أمور تشير لمدرب كبير فعلاً.
حصول برشلونة على الثلاثية، وهو أكثر الأمور منطقية في تلك اللحظة، سيكون معجزة حقيقية، وبالنظر إلى ارتفاع نسق الفريق معه ببطء وثبات على مدار الموسم.. فإن «إنريكي» -قبل أي شخص آخر في برشلونة- يستحق تلك المعجزة.