أطاح «ابن الزبال» بوزير العدل.. انتصر مؤقتاً فى معركة.. الأهم أن ينتصر فى معركة التعيين، فى النيابة، والشرطة، والكليات العسكرية.. العبرة ليست أن ننتصر له فى لحظة.. الفكرة كيف نطبق الدستور بلا عنصرية؟.. مكمن الخطر أن الوزير المتورط فى الأزمة «وزير العدل».. أى أنه المعنىُّ بتحقيق «العدل».. المفاجأة أن الاستقالة لم تُغيّر شيئاً بالمرة.. مازال الرجل يصرُّ على موقفه من تعيين ابن الزبّال!
هاجت الدنيا بسبب تصريح وزارى.. للأسف التصريح «كاشف» عن عقيدة وعن قناعات.. المجلس الأعلى للقضاء لا يختلف كثيراً عن وزير العدل.. استبعدوا مئات لنفس الأسباب.. استبعدوهم بحجة «غير لائق اجتماعياً».. وزارة الخارجية فعلت ذلك من قبل.. انتحر شاب مسكين تحت ضغط الاكتئاب.. مات عبدالحميد شتا غرقاً وقهراً فى النيل.. الآن ألف عبدالحميد يموت.. أبوه فلاح.. أمّه ليس لديها «مؤهلات»!
لا كان الزبالون يريدون إقالة الوزير محفوظ صابر، ولا استقالته.. نقيب الزبالين قال: نكتفى باعتذار.. الحكاية لا تمس الزبالين وحدهم.. تمس أبناء الفلاحين والعمال.. تمس كبرياء ثورة.. تمس السلم والأمن الاجتماعى.. لذلك تحركت الدولة فوراً.. استدركت الخطأ سريعاً.. لم يتقدم الوزير باستقالته من تلقاء نفسه.. الدولة استشعرت الخطر.. حاولت بجدية إطفاء النار.. نجحت فعلاً فى امتصاص «ثورة الناس»!
قبلها بيوم صدر حكم قضائى يرفض التمييز.. يؤكد أنه جريمة دستورية.. أفاض المستشار محمد خفاجى فى كتابة الحيثيات.. تحدث عن المساواة وتكافؤ الفرص.. تحدث عن معاناة الناس من الفساد والاستبداد، قبل الثورة.. كانت التربة مهيأة للغضب.. «طار» فيها وزير العدل.. فتشوا فى دفاتره القديمة.. ذهبوا إلى قريته ومسقط رأسه.. لم يكن «ابن الأكابر» غير «ابن مزارع» بسيط، مثل بسطاء الناس!
السؤال: من الذى أطاح بوزير العدل؟.. الإعلام التقليدى، أم الإعلام الجديد؟.. بمعنى: هل نجحت الفضائيات أو الصحف فى طرد وزير العدل من الحكومة؟.. أم أن «السوشيال ميديا» هى التى لاحقته حتى خرج من الوزارة؟.. فى الحقيقة الشعب الآن يتحصن بوسائل الإعلام الجديدة (تويتر أو فيسبوك).. الصحف قد تتغافل أو تتجاهل.. الفضائيات لها مصالح.. أما نشطاء تويتر فلا مصلحة لهم إلا الوطن فقط!
فى الأيام القادمة سنكون محل اختبار رهيب.. الإعلام التقليدى يكون أو لا يكون.. لا يعنى هذا أن تتحول الفضائيات إلى فضاء إلكترونى.. ولا يعنى هذا أن ينقل الصحفيون ما يجرى فى الفضاء إلى ساحات الصحف.. الحكاية تحتاج إلى ورش عمل ودراسات.. ثورة 25 يناير ذاتها بدأت من فيسبوك.. إقالة محافظ الإسماعيلية ووزير العدل بدأت من تويتر.. معناه أن اللعبة خرجت من يد الناشر التقليدى تماماً!
أخيراً، دعونا نبحث: لماذا غضب الناس إلى حد الثورة؟.. لماذا تحركت الدولة بهذه السرعة؟.. ماذا لو حدث تباطؤ؟.. ما هى إيجابيات الأزمة؟.. هل نكتفى بالإقالة، دون تغيير المواقف؟.. (بالأمس سلمت على «عم رجب» الزبّال.. قلت له: وحشتنى، مش عاوز حاجة والنبى، إزى عيالك!.. بص من فوق لتحت.. راح طبّ ساكت)!