x

محمد سلماوى أمين عام اتحاد الكتاب العرب: مازلنا نعيش عصر الحروب الصليبية لأن الغرب يرفض كل ما هو عربى ومسلم

الأحد 01-11-2009 00:00 |
تصوير : other

فور فوزه بأمانة الاتحاد العام للأدباء العرب بفترة رئاسة جديدة، علق الكاتب الصحفى محمد سلماوى بقوله: «كل الذين يشككون فى المشاعر العربية تجاه مصر مغرضون، وكل الذين يتحدثون عن غياب الدور المصرى مغرضون، وكل من يقول إن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا مغرضون»،

وأبدى خلال حواره مع «المصرى اليوم» تخوفه وقلقه على الهوية العربية من العولمة، التى تهدف إلى محو الشخصية العربية، وقال مازلنا نعيش عصر الحروب الصليبية، لأن الغرب يرفض كل ما هو عربى ومسلم، مدللاً على ذلك بما حدث فى انتخابات اليونسكو فى مواجهة فاروق حسنى، وأعلن عن إطلاق مشروع لترجمة أهم 100 رواية عربية إلى اللغات الأجنبية، كما أعلن عن دعوته لعقد قمة للثقافة العربية لمواجهة المخاطر التى تهدد هوية الأمة العربية.

وانتقد اهتمام الحكومات العربية بالسياسة والاقتصاد فى الوقت الذى تهدر فيه الثقافة، كما انتقد خلو برنامج الحزب الوطنى من أى إشارة للسياسة الثقافية، مبدياً مخاوفه من إلغاء الوزارة بزعم أنها تستهلك ميزانية الدولة.

■ ما أهم مقررات المؤتمر العام للأدباء والكتاب العرب من وجهة نظرك؟

- أصدرنا لائحة جديدة للاتحاد، وهى المرة الأولى التى يتم فيها تعديل اللائحة، منذ إنشاء الاتحاد قبل أكثر من نصف قرن، ولإصدار هذه اللائحة عقدنا مؤتمراً استثنائياً فى مايو الماضى فى عَمّان بالأردن، وبحث كل التعديلات المطلوبة، التى استوجبتها المتغيرات، سواء الدولية أو الإقليمية أو الخاصة بالاتحاد، والأدباء والكتاب فى الوطن العربى، فأصدرنا لائحة جديدة ونظاماً أساسياً للاتحاد، وهذه خطوة مهمة جدا فى تحديث الاتحاد.

كما شكلنا مكتباً جديداً خاصاً بالملكية الفكرية، لأن قضية الملكية الفكرية اكتسبت أهمية كبيرة خلال الفترة الماضية، وهى من الأشياء التى تهم الكتاب بشكل خاص.

■ وما دور هذا المكتب؟

- يحث الدول العربية على إصدار مثل هذا القانون، وأن ينظر فى إمكانية التوفيق بين القوانين المختلفة فى الدول العربية، ويحمى الملكية الفكرية ويسن اللوائح، ويتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية الملكية الفكرية لأعضائه من الأدباء والكتاب.

■ ماذا عن تقرير الحريات الصادر عن الاتحاد ؟

- منذ تولت مصر الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والأدباء العرب، 2006، استحدثنا تقرير «الحريات»، ويصدر المكتب الدائم تقريراً عن وضع الحريات فى العالم العربى، كل 6 أشهر، وهو تقرير معنى بكل ما يتعلق بحرية التعبير، وحرية العقيدة، وحرية إصدار الكتب وتداولها، وجميع الحريات المتصلة بالحركة الإبداعية.

■ ماذا عن إمكانيات التواصل مع الغرب والعالم بصفة عامة بعد إقصاء المرشح المصرى من اليونسكو؟

- لدينا مشروع مهم جداً لترجمة أهم 100 رواية عربية صدرت فى القرن العشرين، وهى محاولة لأن تكون صورتنا فى العالم سليمة عن طريق الأدب، لأن الأدب خير من يمثل أى شعب وثقافته. ومن قبل التقيت أكثر من سفير كانوا يطلبون منى مقابلة الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ، وأكدوا أنهم لم يفهموا طبيعة الشعب المصرى إلا من خلال أعمال نجيب محفوظ، أكثر مما فهموها من كتب التاريخ والكتب السياسية.

والمشروع بدأ منذ أكثر من عام، ولكن ما تم فى المؤتمر الأخير أنه اعتمد عقد النشر الذى أجريته مع اتحاد الناشرين الإيطاليين وفوضنى بتوقيعه، واعتمد عقداً مماثلاً فى روسيا، وسيتم توقيع كلا العقدين قبل نهاية العام الجارى، وسيبدأ التنفيذ فوراً.

وهو مشروع كبير وله ميزانية ضخمة، واتفقنا مع دور النشر التى ستتولى الترجمة والطباعة والنشر والتوزيع والدعاية وحقوق المؤلفين.

■ هل الثقافة العربية تواجه أزمة فى الوقت الحالى؟

- عقدنا ندوة على هامش المؤتمر الأخير بعنوان «المثقف والهوية فى عصر العولمة»، لأن العولمة تهدد الثقافة والهوية واللغة العربية، إضافة إلى الأخطار التى تهدد الثقافة العربية، ومن خلال إحساسنا بالخطر الذى يهدد الثقافة العربية أطلقنا مبادرة جديدة، تهدف لعقد قمة ثقافية عربية، أسوة بالقمة الاقتصادية، فالثقافة ليست أقل أهمية من الاقتصاد، وكان منطقنا أن هناك أراضى عربية محتلة، وشعوباً عربية شُردت، وأوطاناً صُودرت، وأن كل هذا يمكن استعادته بالإرادة القوية والعمل السياسى الجيد.

■ كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟

- الأرض التى تُحتل تستطيع تحريرها إذا توافرت لك الوسائل والنية والإرادة، واليوم نحن نطالب بضرورة إقامة دولة فلسطينية، فإذا سلبت الثقافة لا تستطيع أن تستعيدها، فيجب أن تُحافظ عليها لأنها «مش قطعة أرض هياخدوها ونقدر ناخدها منهم تانى بالحرب أو المفاوضات»، إذا أخذوا منك لغتك وأصبحت تتحدث لغة ممسوخة، لا شخصية لها، فلن تستطيع استعادة هذه اللغة، وحدث فى التاريخ وفى العالم أشياء من هذا القبيل، وذات مرة كنت فى سنغافورة، وصارحنى وزير الثقافة بأنهم خلقوا عملاقاً بلا روح، لأن اللغة اندثرت، فهم من أصل صينى «التاميل»، وأصبحوا يدرسون لأبنائهم اللغة الإنجليزية لأنها لغة «البيزنس الدولى»، فاندثرت لغتهم، وبالتالى لم يعد هناك أدب أو ثقافة، فبدأوا فى الاهتمام بالتراث القديم، وأنشأوا لأول مرة فى تاريخ سنغافورة وزارة للثقافة، مهمتها إحياء التراث الثقافى ومحاولة بث الحياة فى ثقافتهم، وبدأوا فى تدريس اللغة الصينية فى المدارس جنباً إلى جنب مع الإنجليزية.

■ وهل لاقت دعوتكم استجابة من الحكام العرب؟

- أطلقنا الدعوة، وشرُفنا باستقبال العقيد معمر القذافى لى ولرؤساء الوفود المشاركة فى المؤتمر، وطرحت عليه فى كلمتى هذا الاقتراح، وقلت له إن هذه دعوة نطلقها نحن أدباء الأمة العربية، والحقيقة أن الرجل كان متفهماً جداً، وقال من الكلام ما يشعرك أنه أحد الكتاب والأدباء المشاركين فى المؤتمر، وقال وصفاً بلاغياً جميلاً جداً: «إن الثقافة هى الجمرة الوحيدة التى مازالت مشتعلة بعد أن خبا نور كل ما حولها من جمرات»، ورداً على دعوتى قال: «واجبنا أن نظل ننفخ فى هذه الجمرة عسى أن تتقد بقية الجمرات»، ووصلنى فى اليوم التالى أنه قبل دعوتنا رسمياً، بأن ترعى ليبيا هذه القمة الثقافية المقترحة، وأهمية ليبيا فى هذا الأمر أنها رئيسة القمة العربية المقبلة، وبالتالى ربما تُعقد القمة الثقافية على هامش القمة السياسية، وفى كل الأحوال سنرسل هذا النداء إلى أمين عام جامعة الدول العربية، لتعميمه على القادة العرب، وسيحث كل اتحاد كتاب حكومة دولته على ضرورة تبنى هذا الموضوع، ونشر حيثيات هذا المطلب وأهميته وحيويته بالنسبة لمستقبل الأمة العربية.

■ ما مصير ثقافتنا العربية فى ظل العولمة؟

- الناس فى الغرب تتطلع إلى التعرف على الثقافة العربية، وإذا انتظروا 10 أو 20 سنة ربما لن يجدوا هذه الثقافة، لأنها تتعرض الآن لتهديد قوى جداً، ساحق ماحق، العولمة ساحقة ماحقة، تسحق أمامها كل شخصية مختلفة، وكل ثقافة مغايرة، ويدلل على ذلك ما حدث فى اليونسكو فالثقافة والحضارة الغربية رفضت بشكل قاطع قبول الثقافة والحضارة العربية فى هذا المحفل الدولى الكبير، فمازلنا نعيش عصر الحروب الصليبية لأن الغرب يرفض كل ما هو عربى وكل ما هو مسلم، رغم أن أوروبا صاحبة شعار التعددية الثقافية، وفى المقابل هناك دولتان رفضتا التوقيع على اتفاقية التعددية الثقافية، أمريكا وإسرائيل، وأمريكا هى التى تقود العولمة بهذا الشكل.

■ وماذا يجب علينا بعد إقصاء فاروق حسنى من اليونسكو؟

- ما حدث فى اليونسكو أثبت أنه يجب علينا بذل مزيد من الجهد، وعلينا أن نوضح للجانب الآخر قوة الجانب العربى، لأنه عندما يحصل مرشح مصرى عربى مسلم أفريقى على هذا القدر من الأصوات، رغم الحملة الشرسة التى كانت تدور على أعلى مستوى فهذا يثبت للجانب الآخر قوة الثقافة العربية، وهذه حقيقة يجب أن نبنى عليها، وأن نعتبرها مكسباً كبيراً يمثل قاعدة انطلاق جديدة لآفاق أكثر رحابة فى المستقبل، ومن هنا تأتى أهمية مشروع ترجمة أهم 100 رواية عربية، فى محاولة لطرح أدبنا وثقافتنا والتعريف بهذه الثقافة، التى حاول البعض استبعادها من المنظمة الدولية المعنية بالثقافة، وذلك فى محاولة منا للوصول إلى الآخر بشروطنا نحن، نقدم صورتنا كما هى فى الواقع، والتى تُتهم بأنها ثقافة عنف وتحض على الدماء.

■ هل يمكن أن يخرج من بيننا نجيب محفوظ جديد؟

- هذه المسألة فى أيدينا إذا اهتممنا بالثقافة والأدب وأدركنا قيمتهما الكبرى بالنسبة لنا كأمة عربية، واتخذنا الإجراءات الكفيلة بإبراز وتنمية المواهب، سيخرج عشرات مثل نجيب محفوظ، أما إذا تصورنا أن مستقبلنا الوحيد هو أن نحصل على شهادة من البنك الدولى، وأننا حققنا تنمية كذا فى المائة، فهذا الإنجاز لا قيمة له دون أرضية ثقافية، وممكن أن يتراجع ويزول بين ليلة وضحاها، ما لم تكن هناك ثقافة تهتم بهذا الإنجاز.

انظر إلى النظام التعليمى لدينا وفى أى مكان آخر، وكيف يستكشفون المواهب ويشجعونها، ويدخلونها فصولاً خاصة، وانظر إلى نظامنا وشاهد كيف نقتل كل يوم عشرات المواهب، وإن لم نقتلها فى المدرسة بعدم الالتفات إليها، نقتلها فى المنزل حين يعود الطفل ويرسم فينهره والداه ويقولان له اترك هذا العبث واستذكر دروسك، وقد يكون أمامهما مشروع بيكاسو القرن الواحد والعشرين.

أى أمة لها هذا التراث والثراء الثقافى، لابد أن تكون فيها مواهب كثيرة، إذا لم تظهر هذه المواهب فلابد أن نبحث عن موطن الخطأ.

■ بم تشعر عندما يُمنع تداول كتاب أو يتم تكفير كاتب؟

- من خلال تقارير الحريات التى أصدرناها فى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حول الحريات فى الوطن العربى، اكتشفنا أن الرقابة المفروضة على الكتاب والأديب ليست فقط الرقابة الرسمية التى مازالت موجودة فى بعض الدول العربية، وهى نوعان: رقابة «قبلية» ورقابة «بعدية»، و«القبلية» تحول دون النشر أصلاً، و«البعدية» «يسيبك تنشر وبعدين يقطع رقبتك»، ونحن ضد النوعين، ولكننا وجدنا نوعاً آخر من الرقابة أكثر خطورة، وهى الرقابة التى تمارسها بعض الجهات الظلامية المتخلفة، التى ترفض كل ما هو مستنير ومتقدم وعقلانى، لا أقول إنها سلفية لأن فى تاريخنا الإسلامى والعربى مراحل عظيمة وبراقة، إذا كنا سلفيين فلننظر إلى هذه المراحل، فلننظر إلى مرحلة الرسول نفسه، أول موجة هجرة للمسلمين كانت إلى الحبشة، وكانت الحبشة مسيحية، الدين المسيحى احتضن هؤلاء المسلمين وحماهم، وبعضهم تنصر هناك، اليوم عندما نسمع أن أحداً تنصر أو ترك دينه ترى ما يحدث فى البلد، إذا كنا سلفيين فلنرجع إلى هذا العصر وهذه الممارسات العظيمة للرسول نفسه، هى ليست سلفية وإنما تستخدم السلف الصالح لتبرير مواقفها المتخلفة، التى لا تنتمى إلى الإسلام، لأن الإسلام هو التنوير والثقافة والتسامح والعقلانية، كل هذا يشكل العقيدة الإسلامية الحقيقية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية