x

جمال أبو الحسن سِت حقائق بسيطة عن الشرق الأوسط جمال أبو الحسن الأحد 10-05-2015 21:39


(1)

الحقيقة الأولى: خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، خدم ما يقرب من 2 مليون جندى أمريكى فى العراق وأفغانستان.

النتيجة: لم تُحقق هذه الحروب أيا من أهدافها، بل رُبما يُجادل البعض بأنها زادت الأمور سوءاً. أُنظر إلى حال هذين البلدين الآن.

الدرس: إعادة بناء وهندسة الدول، خاصة تلك ذات الثقافات السياسية المُغايرة، تُعد مُهمة مستحيلة.

الخلاصة المستقبلية: الولايات المتحدة لن تتدخل بقوات كبيرة على الأرض فى المستقبل المنظور. بتعبير وزير الدفاع الأمريكى الأسبق روبرت جيتس: «إن أى وزير دفاع ينصح الرئيس الأمريكى بالتدخل عسكرياً بقوات كبيرة فى آسيا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، لابد أن يخضع للكشف على قواه العقلية».

(2)

الحقيقة الثانية: الولايات المتحدة قادت حملة عسكرية- من الخلف كما قيل وقتها- للتخلص من نظام القذافى فى ليبيا. بدون هذه الحملة لم يكن نظام القذافى ليسقط، وأغلب الظن أنه كان سيصبح فى وضع أفضل كثيراً من وضع النظام الأسدى فى دمشق اليوم.

النتيجة: أُسقط نظام القذافى، وترك الغرب ليبيا لتُصبح فى وضع أسوأ كثيراً مما كانت عليه تحت حُكم هذا الطاغية المجنون.

الدرس: أسوأ ما يُمكن أن تفعله فى الشرق الأوسط هو أن تقطع نصف طريق، أو تنجز نصف مهمة. إن لم تكن عازماً على السير فى الطريق إلى آخره، فمن الأفضل ألا تسلكه من الأصل.

الخلاصة المستقبلية: ستتردد الولايات المتحدة كثيراً فى التعامل مع أية أزمة فى الشرق الأوسط بصورة تجعلها مسؤولة عنها.

(3)

الحقيقة الثالثة: الإدارة الأمريكية طبقت الدرس السابق على الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 2011. أمريكا تُريد أن تنأى بنفسها عن هذا النزاع. حتى عندما وضعت خطاً أحمر بعدم استخدام أسلحة الدمار الشامل، وخرقه النظام الأسدى، لم تنفذ الولايات المتحدة تهديداتها.

النتيجة: الحرب الأهلية السورية مُستمرة وتزداد ضراوة ووحشية.

الدرس: لا يُمكن الاعتماد على الولايات المتحدة فى إنهاء الحرب الأهلية السورية، أو فى حسم أى نزاع آخر فى المنطقة.

الخلاصة المستقبلية: الخطوط الحمراء فى الشرق الأوسط لم يعد لها معنى كبير، حتى لو كانت القوة العُظمى هى من تضعها.

(4)

الحقيقة الرابعة: الهدف الأهم للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط اليوم هو التوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووى.

النتيجة: إيران أدركت هذا فصارت- تلقائياً- فى موقف تفاوضى أفضل، خاصة بعد أن سحبت الولايات المتحدة- فعلياً- الخيار العسكرى.

الدرس: إذا كُنتَ دولة نووية (مثل كوريا الشمالية)، أو دولة على وشك أن تصبح قوة نووية (مثل إيران)، فإن لديك فُرصة كبيرة فى مناورة القوة العُظمى وابتزازها. أما لو تخليت عن هذا الخيار فإن وضعك يُصبح مُهدداً (أنظر ما حدث للقذافى، وقبله صدام حسين).

الخلاصة المستقبلية: ستفكر أكثر من دولة فى الشرق الأوسط فى الخيار النووى كاستثمار لا غنى عنه لتأمين بقاء أنظمتها وسلامة دولها.

(5)

الحقيقة الخامسة: الدول العربية غير قادرة على هزيمة الميليشيات المُسلحة بمفردها، سواء فى العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن.

النتيجة: الميليشيات صارت فى وضع أفضل من الدول. أمامها فراغ واسع تتمدد فيه، وليس لديها الكثير لتخسره، وبإمكانها اليوم إقامة كيانات سياسية تقترب من الدول فى سُلطاتها ونفوذها (استلهاماً لتجربة حزب الله فى لبنان).

الدرس: السياسة لا تقبل الفراغ. كُل فراغ تخلفه الدول، ستملؤه الميليشيات أو الطوائف أو العشائر أو الجماعات المسلحة. الميليشيات، السُنية والشيعية على حد سواء، أدركت أن هذه هى لحظتها، وهى تُراهن على وهن عزيمة خصومها، وقصر نفسهم.

الخلاصة المُستقبلية: نظام الدولة فى الشرق الأوسط سوف يتعرض لتآكل تدريجى، وقد يصل عند نقطة معينة إلى حالة من التحلل الكامل فنجد الدول تعيش جنباً إلى جنب مع الميليشيات والجماعات المسلحة (هذا هو الوضع القائم بالفعل فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، وقبلهم لبنان).

(6)

الحقيقة السادسة: النظام الذى عرفته منطقة الشرق الأوسط خلال نصف القرن المنصرم لم يعد موجوداً. يتعين أن يُفكر القادة وصانعو السياسة على هذا الأساس.

الخُلاصة المستقبلية: كتب نجيب محفوظ يوماً: «سألتُ الشيخ عبد ربه: كيف تنتهى المحنة التى نعانيها؟ فأجاب: إذا خرجنا سالمين فهى الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية