x

بالصور.. مواقع أثرية فلسطينية «في ذمة التاريخ»

الأحد 10-05-2015 12:59 | كتب: الأناضول |
من 1948 - 2012 .. فلسطين التاريخية تتحول إلى دولة كانتونات من 1948 - 2012 .. فلسطين التاريخية تتحول إلى دولة كانتونات تصوير : other

غالباً ما يقصد الصحفيون السياسيين أو الأدباء أو اللاجئين عند الحديث عن النكبة الفلسطينية، لكن القليل منهم من يقصد الجغرافيين، رغم أن النكبة أول ما عنت خسارة الجغرافيا وطرد سكانها.

في بيته المطل على سهل مرج بن عامر، شمال الضفة الغربية، ومن خلفه الجزء الشمالي من فلسطين المحتلة عام 1948، استقبلنا الباحث كمال عبدالفتاح، أستاذ الجغرافيا في جامعة بيرزيت، برام الله، والذي يلقب بـ«شيخ الجغرافيين الفلسطينيين».

شيخ الجغرافيين الفلسطينيين، بدا مهموماً وهو يتحدث عن توثيق علاقة الفلاح الفلسطيني بأرضه والذي قال إنه «تعرض لادعاءات كثيرة ظالمة اتهمته بالبيع أو الهرب أو الجهل وعدم الوعي، وهي ادعاءات يتسلح بها البعض لتبرير ما جرى قبل النكبة وبعدها».

غير أنه يؤكد وبحزم على أن ما جرى نقيض ذلك تماماً بقوله: «لم يخسر الفلسطيني أية بقعة جغرافية إلا بالقتال والدماء، والأرض عند الفلاحين مثل العرض تماماً، ولم يكن هناك أدنى احتمال في أن يترك الفلاحون أراضيهم أو يبيعونها حتى لأقرب المقربين إليهم».

ويضيف: «القضية كانت واضحة من الطرفين، والفلسطينييون وكذلك الحركة الصهيونية كانوا على وعي ومعرفة بما يريده كل طرف، وأمام ذلك الوعي قام الفلسطيني بواجبه ولم يسمح باحتلال أرض يمتلكها من دون قتال».

ويتابع: «غريزة الفلسطيني حكمت سلوكه في دفاعه عن أرضه، وحتى عام 1916 لم يتملك اليهود أكثر من 1% من مساحة فلسطين، جاء ذلك عن طريق بعض القنصليات الأجنبية من فرنسية وألمانية وبريطانية، حيث تركز وجود اليهود وأملاكهم في كل من القدس، وصفد (شمالي إسرائيل)، وطبريا (شمال)».

ويستطرد بحسرة: «الفلسطيني امتلك غريزة البقاء على أرضه فيما العدو جاء متمكناً من التقدم العلمي والمعرفة ومساعدة الدول الاستعمارية، وهو ما قاد إلى خسارتنا للجغرافيا في بداية الحرب عام 1948».

وتطرق الباحث عبدالفتاح للحديث عن تأسيس «اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية في فلسطين» عام 2010، وأنه تم ربطها برئاسة الوزراء الفلسطينية تعبيراً على أهميتها، ليوضح لنا أنها لجنة بالغة الأهمية بقوله: «هي حلم واجب التحقق وإن تأخر كثيراً».

ويضيف: «لكن المفارقة هي أن إسرائيل أسست ما يعرف بالوكالة اليهودية (الكرين كايمت) عام 1920 ما سمي وقتها بـلجنة الأسماء العبرية عام 1922 أي قبل أن تتأسس دولة الاحتلال الإسرائيلي بفترة طويلة جداً، والتي كان على عاتقها الاحتلال والسيطرة على الأسماء الفلسطينية».

ويتابع: «تأكيداً على أهميتها بالنسبة لهم فقد أُلحقت بمكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلية بعد الاحتلال مباشرة».

ومن مهام تلك اللجنة أن سارعت إلى تغيير أسماء المئات من المواقع الدينية والأثرية والشوارع والأحياء والبنايات التاريخية، إضافة إلى أسماء الأراضي والتلال والجبال لاسيما في مدينة القدس، وأعطتها أسماء عبرية وتوراتية، أو أسماء لزعماء إسرائيليين.

وفي هذا الصدد يقول شيخ الجغرافيين: «وثقنا تقريباً 30 ألف اسم لموقع أو بلدة أو خربة فلسطينية، في حين أن فلسطين فيها أكثر من 70 ألف موقع، وهذا يعني أن هناك أكثر من 40 ألف موقع جغرافي في ذمة التاريخ، وهو ما يجعل من جمعها وتوثيقها بالمهمة الرئيسية للجهود الجغرافية».

ويضيف الباحث، الذي يصفه الكثيرون بأنه من أفضل من عرف فلسطين،:«كل محاولات التوثيق في كتابة أسماء مدن وقرى وأراضي الفلسطينيين كانت بجهود شخصية ومحاولات بحثية فردية، وحتى لو قامت عليها مؤسسات فإنها لم تكتمل وتتحول لعمل جماعي مبدع.. لقد دققت ما يقارب من 22 ألف اسم لمواقع جغرافية، وهي مناطق أعرفها وتجولت فيها شخصياً».

وعن الرحلات الاستكشافية، التي نظمها في فترة الثمانينات، خلال عمله في جامعة بيرزيت وترأسه قسم الجغرافيا فيها، يقول: «من النهر (نهر الأردن) إلى البحر (الأبيض المتوسط) قمت بأكثر من 70 رحلة علمية في المناطق الفلسطينية جميعها، كنا ننطلق من بيرزيت وصولاً إلى الأغوار (شمالي الضفة الغربية) والحولة (شمالي إسرائيل) ثم نتجه شمالاً حتى صفد (شمال)، فعكا وحيفا (شمال)، وطولكرم (شمالي الضفة)، وغزة، والنقب (جنوبي إسرائيل)، والعقبة الأردنية، في ترجمة للمعرفة الشمولية وتدريس عملي لها، لكن بعد أن كبرت توقفت عن ذلك».

ويتابع: «اليهود ينظمون رحلات جغرافية لطلبة الصف الثاني الإبتدائي، والتاسع الإعدادي، وهو أمر إجباري للطلبة، كما أن لديهم نظام كامل للرحلات المدرسية الجغرافية، حيث يضعون في كل منطقة مركز ميداني (فوق كشفي/ نصف عسكري) يتجاوز عددها الـ 50 مركزاً تتوزع من منطقة المطلة (شمالي إسرائيل) إلى مدينة العقبة الأردنية، وتخصص لاستقبال طلبة المدارس لاكتشاف الجغرافيا الفلسطينية التي يبنسبونها لدوتهم».

وعن الصعوبات التي تواجه تثبيت الإرادة الشعبية وحفظ الحقوق المسلوبة منذ النكبة، يردها عبدالفتاح إلى غياب العمل الجماعي المنظم، ويقول: «لم تتوال مؤسسة مركزية واحدة ومستقلة وتمتلك الخبراء والكفاءات، وحتى اللحظة يمكن القول ان حجم ما أُنجز لا يزيد عن 30% مما يجب أن ننجزه لتوثيق الحقوق وحفظها».

وبحسب شيخ الجغرافيين، فإن أغلب ما أُنتج من كتب ومؤلفات كانت على عاتق الناس، انطلاقاً من رغبتهم في حفظ لذاكرة، وأن أعداد الكتب التي توثق النكبة بلغت ما بين 150- 180 كتاباً عن قرى فلسطينية هُجّر منها أهلها.

وفي ختام حديثه مع الأناضول، تذكر عبدالفتاح، جملة كتبها رفيقه المؤرخ صالح عبدالجواد يقول فيها: «وإن كنا لا نستطيع أن نسترجع فلسطين.. فلتبقى فلسطين حية في قلوبنا».

يذكر أن الباحث كمال عبدالفتاح شغل عدة مناصب في جامعة بيرزيت منها عميد كلية الآداب، ورئيس دائرة دراسات الشرق الأوسط، ورئيس دائرة الجغرافيا.

كما عمل أستاذًا زائرًا في جامعات هارفرد، وبرنستون، وفيلانوفا في الولايات المتحدة، وجامعات بايرويت، وتوبنجن، وإيرلانجن في ألمانيا، وهو عضو في جمعية الدراسات الفلسطينية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية