x

جمال الجمل 8 حكايات على مسؤولية الرئيس جمال الجمل الجمعة 08-05-2015 06:12


أحدث تسريب للرئيس الأمريكي ابراهام لينكون- فوتوشوب تخيلي

(1)

نحن على حافة العالم الآن، ومصير كرامة الإنسان بين أيدينا، الدماء سفكت من أجل هذه اللحظة، وأنتم تصرخون وتتلاسنون وتتشاجرون حول أمور تافهة مثل الباعة الجائلين في سوق شعبي، أدركوا ما هو أمامكم، أدركوا هذا الآن، وفورا، وإلا فإنكم تهددون مستقبل هذه الأمة.

(هذه صرخة الرئيس الأمريكي إبراهام لينكون في أعضاء مجلس النواب أثناء جلسة التصويت على طلبه بتعديل الدستور من أجل المساواة وإنهاء الرق)

(2)

لاتوجد مناسبة تقليدية للكتابة عن لينكون، لكنه أكثر شخصية تعجبني من بين رؤساء أمريكا، ليس فقط بسبب شجاعته في مواجهة الحرب الأهلية، ونضاله من أجل وحدة أمريكا وعدم تقسيمها بين شمال وجنوب، ولا بسبب جرأته في إعلان تحرير العبيد، ولكن بسبب شغفه بالحكايات «اللي من غير مناسبة»، فرئيس المشاكل والأزمات لديه قدرة عجيبة على الخروج من الموضوعات الخطيرة التي يطرحها عليه كبار المسؤولين في إدارته، أو من جانب المعارضة، حيث يقطع الحوار ليحكي قصة طريفة تبدو لأول وهلة أنها بعيدة تماما عن الموضوع الساخن المطروح للنقاش، لكن يتضح مدى تأثيرها وارتباطها بالقضية!

(3)

قصة الحمار، من أشهر الحكايات التي قامت (ولا زالت تقوم) عليها السياسة الأمريكية حتى الآن، فأثناء انهماك النواب في النقاش الساخن عن الحرب، وموقف الزنوج المجندين، أسرفت الكتلة المعارضة في التخوف من مخاطر المساواة، وقدمت افتراضات كثرة لإثبات جدية تخوفها، وفجأة وجه لينكون سؤالا للجميع: لو افترضنا أن ذيل الحمار رِجل، فماهي عدد أرجل الحمار؟

أجاب النواب بحسبة سريعة وواثقة: 5 أرجل.

قال لينكون بهدوئه المعتاد: هذا أكبر خطأ، لأن افتراضاتنا لا تغير من الأمر الواقع شيئا.

بهذه البرجماتية العاقلة نجح لينكون في تمرير تعديل المادة 13 التي أرست مبدأ المواطنة والمساواة في المجتمع الذي وصفه الأمريكان أنفسهم، بأنه «أمة من المهاجرين»، و«أمة من الغنم»، و«مستودع الجنسيات المتنافرة»

(4)

في نفس الجلسة كان أحد الديموقراطيين المعترضين يصرخ محرضا المجلس على رفض مشروع لينكون، لأنه سيقلب الأوضاع وينتقص من حقوق السادة البيض لصالح العبيد، ووجه سؤالا محرجا للرئيس: هل تطالب بالمساواة بيننا وبين هذا الحارس الزنجي كريه الرائحة؟

كان السؤال أشبه بفخ، يثير الغضب في مجلس من البيض المؤيدين لا ستمرار التفرقة مع السود حفاظا على امتيازاتهم، لكن لينكون أجاب بهدوء حاسم: لا أؤمن بالمساواة في كل الأشياء، فهناك فروق بين الطويل والقصير، والنحيف والبدين، لكنني أطالبكم فقط بالموافقة على المساواة أمام القانون.

(5)

حاول كثيرون إثناء لينكون عن تعديل الدستور، لإقرار مبدأ المساواة في المواطنة، بتكرار الحديث عن عدم امتلاكه لنسبة الثلثين في الكونجرس، وأمام هذه اللغة اليائسة المتكررة، حكي لينكون هذه الحكاية: كنت أعرف صديقا لديه ببغاء، يُوقظه كل صباح على جملة كئيبة يكررها دوما: اليوم هو نهاية العالم، كما تنبأ الكتاب المقدس.

وكان صديقي يصبر على ببغاءه الكئيب اليائس حتى يفهم أن العالم يم ينته، وأن نبوءاته ليست إلا وهم يسكن عقله هو، لكن الببغاء استمر دون فهم لما يقول، وذات يومِ استقيظ صديقي متفائلا، وفوجئ بالببغاء يكرر نفس الجملة: اليوم هو نهاية العالم، فسحب مسدسه، وأطلق عليه النار، وعندما سألته لماذا فعلت هذا؟

قال: لسببين، أولهما من أجل السلام والهدوءِ، والثاني أنني أردت أن أحقق نبوءة الكتاب المقدس، فجعلت اليوم هو نهاية العالم بالنسبة للببغاء على الأقل.

(6)

يقال أن لينكون كانت لديه عادة يومية وهي شراء جهاز تليفزيون، ثم يدعو الصحفيين ويتجه بهم نحو حمام البيت الأبيض، حيث يلقي التليفزيون في التواليت ويشد السيفون، وعندما يسألونه: لماذا تفعل ذلك يا أبراهام؟

يقول بجدية شديدة: هذا أبسط احتجاج على ظهور إعلاميين مثل «أهميت موسا» و«ركام سائيد» و«دكتور أوكاشا» على شاشة هذا الصندوق العجيب.

(7)

توقف دندر أمام الحكاية السابقة معترضا، وهو يقسم بشرف سيادة اللواء أن هذا التسريب ملفق!

سأله دودو: تقصد عشان التليفزيون لم يكن قد ظهر أيام لينكون؟.

يرد دندر بكل ثقة: كل ده فوتوشوب وتسريبات فبركها الإخوان.. إزاي التليفزيون هيمشي مع السيفون؟!

(8)

يقال إن لينكون أقدم بعد ذلك على الانتحار بطريقة بشعة، فقد أمسك الريموت ودخل إلى قاعة مظلمة ملحقة بمكتبه، حيث شاهد بإحساس ماسوشي حلقة كاملة من «صبايا الخير».

جمال الجمل

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية