x

أنور الهواري الأمل لا تصنعه المقالات أنور الهواري الخميس 07-05-2015 21:46


الأمل يصنعه العمل. المقالات وظيفتها تتلخص فى خدمة الوعى العام فقط.

بعض السادة المسؤولين يُعطى ما نكتبه أكبر بكثير من قيمته وتأثيره، يعتقدُ- عن خطأ- أن المقالات يمكنها أن تصنع الأمل وتسوقه أو تروجه بين الناس، وهذا غير صحيح بالمرة.

ومنهم من يعتقد العكس: أن الصحافة تنشر الإحباط والتشاؤم وروح اليأس إلى آخره.

لو كان الأمل أو الإحباط من شأن المقالات لأمكن الحصول على كل منهما بأقل مجهود وبأرخص التكاليف وبأعلى جودة.

الرئيس عبدالناصر كان يملك الإعلامين المصرى والعربى، وكان هذا الإعلام متميزاً فى فنون صناعة الأمل، وتوصيله للمواطن المصرى والعربى حتى باب البيت، فهل أغناه هذا الإعلام من الهزائم المتكررة: من هزيمة الوحدة مع سوريا إلى الهزيمة فى اليمن إلى الهزيمة أمام إسرائيل؟!.

الرئيس السادات ومن بعده مبارك، كلاهُما ورث شبكة ضخمة من الإعلام القومى الفاعل والمسيطر إلى حدود الاحتكار، إعلامٌ مُحنَّكٌ فى الحديث عن الأمل تحت مسميات وألوان وأشكال لا حصر لها، لكن هل هذا الإعلام: حمى السادات من الاغتيال؟! وهل حصَّن مبارك من العزل؟!

مُشكلةُ الإعلام ليست فى أنه يصنع الإحباط، فهذا الإعلام نفسه كان إلى وقت قريب منهمكاً فى التطبيل والتزمير، لكن مشكلته تتمثل فى:

رقم واحد: التمويل، فالإعلام القومى الذى يتمول من المال العام يعيشُ حالةً من البؤس المُرعب، فجوة ضخمة بين الواردات وهى محدودة، والمصروفات وهى هائلة. فى مقابله إعلام خاص، عشوائى، غير مؤسسى، لا نعلم مصادر تمويله، ولا نعلم القوى التى تقف خلفه، ولا نعرف بوصلته، ورغم ذلك فهو ينفق بسخاء يثير الكثير من علامات الاستفهام.

رقم اثنين: المهنية، سألتُ مسؤولاً كبيراً فى قناة فضائية: لماذا نشرة الأخبار عندك أكثرُ أخبارها من جهة ما! أجابنى فى خُبث صريح: هكذا جاءت. قلتُ: لكن أنت من حقك أن تنشرها أو لا تنشرها، ومن حقك أن تختار بعضها وتترك بعضها الآخر، فهذا النشر الزائد يضرهم ولا ينفعهم. قال: خليهم يشربوا. ومن عدة أيام سمعتُ نشرتى السابعة والتاسعة صباحاً فى التليفزيون المصرى، الأخبار كلها من الرئاسة، ثم من رئاسة الوزراء، ثم من وزارة الخارجية. سألتُهم، أجابوا: هكذا تأتينا النشرة. قُلتُ لهم: أخبار الرئاسة فيها خبر واحد مهم، وباقى الأخبار من الممكن تأخيرها فى خاتمة النشرة أو الاستغناء عنها، أنتم تليفزيون مصر، والتنوع مطلوب فى التغطية الإخبارية، وإلا فإن المشاهد لن يواظب على نشرة هو يعلم- مسبقاً- أنها مجموعة من المقابلات الرسمية فى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو وزارة الخارجية.

رقم ثلاثة: الولاء، بعض الإعلام عنده ولاء لدول عربية شقيقة، وبعضه عنده ولاء لدول أجنبية صديقة، وكلاهما يؤدى الغرض مع شىء من التقرب للنظام الحاكم من باب اتقاء الشر ليس أكثر. أما النظام الحاكم- وهو حديث خبرة بسيرك الإعلام- فهو بدأ مُنبهراً بهذين النمطين من الإعلام، ومنصرفاً عن الإعلام القومى، وقبل أن يكتمل العام الأول من عمر النظام يقف تائهاً بين إعلام خاص ليس له ولاء، وإعلام قومى ليست عنده همة ولا عزيمة.

آخرُ الكلام: من يقرأون المقالات فى مصر لا يزيدون على مليون من المصريين، يعنى نسبة 1% من المواطنين، وسوف أجادل أن هذا المليون نحن نتولى إحباطه بما نكتب، يبقى السؤال: من الذى أحبط ويُحبط باقى التسعين مليون مصرى؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية