في جريدة «الجريدة» والتي كان يرأس تحريرها أحمد لطفي السيد وفي ١٩٠٧كتب طلعت حرب مقالًا على صفحات «الجريدة» قال فيه: «نطلب الاستقلال العام ونطلب أن تكون مصر للمصريين، وهذه أمنية كل مصرى لكن ما لنا لا نعمل للوصول إليها؟ وهل يمكنناأن نصل إلى ذلك إلا إذا زاحم طبيبنا الطبيب الأوروبي، ومهندسنا المهندس الأوروبي، والتاجر منا التاجر الأجنبي، والصانع منا الصانع الأوروبي، وماذا يكون حالنا ولا(كبريتة) يمكننا صنعها نوقد بها نارنا ولا إبرة لنخيط بها ملبسنا ولا فابريقة ننسج بها غزلنا ولا مركب أو سفينة نستحضر عليها ما يلزمنا من البلاد الأجنبية فما بالنا لا نفكر فيما يجب علينا عمله، تمهيدًا لاستقلالنا».
ولعل هذه الكلمات كانت تجسيدا لقناعات طلعت حرب التي جهد في تحقيقها إلى أن نجح في تأسيس بنك مصرى، وهو بنك مصر الذي كان عماد الاقتصاد المصرى، والذى انبثقت منه العديد من الشركات والصناعات في كثير من المجالات، ومنها الطباعة وصناعة الورق وحلج القطن والنسيج وصناعة السينما والخدمات العقارية والتأمين ومصايد الأسماك والحرير والكتان والنقل والشحن، والطيران، والسياحة، والجلود والدباغة وتكرير البترول، والصباغة والمستحضرات الطبية والملاحة والأسمنت، والمناجم والمحاجر، وتجارة وتصنيع الزيوت، والألبان والتغذية، والكيماويات، والفنادق، فضلًا عن شركة بيع المصنوعات المصرية وبنزايون وصيدناوى.
وقد جاءت البداية حينما استطاع طلعت حرب أن يقنع مائة وستة وعشرين رجلا من المصريين الوطنيين بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبلغ ما اكتتبوا به ثمانين ألف جنيه، تمثل عشرين ألفًا لهم وكان أكبر مساهم هو عبدالعظيم المصرى بك من أعيان مغاغة، الذي اشترى ألف سهم، وكان قد تم توقيع عقد تأسيس الشركة بين ثمانية من المائة والستة والعشرين مساهمًا وحرر بصفة عرفية في ٨ مارس سنة ١٩٢٠ثم سجل في ٣ أبريل، وكان الثمانية هم: أحمد مدحت يكن، يوسف أصلان قطاوى، محمد طلعت، عبدالعظيم المصري، الدكتور فؤاد سلطان، عبدالحميد السيوفي، إسكندر مسيحة، عباس بسيونى الخطيب، وهم يمثلون الأديان الثلاثة، على أن يقوم بإدارة الشركة أو البنك مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء على الأقل ومن خمسة عشرعضوًاعلى الأكثرتنتخبهم الجمعية العمومية، وقد انتخب المجلس أحمد مدحت يكن باشا رئيسًا ،وطلعت حرب نائبًا للرئيس،و«زي النهارده» في٧ مايو ١٩٢٠تم الاحتفال بافتتاح البنك
ويقول الخبير في الشؤون الاقتصاديةعبدالخالق فاروق أن طلعت حرب كان يمتلك رؤية استراتيجية متكاملة تجاه إعادة بناء الاقتصاد المصري على أسس وطنية مرتبطة بمفهوم وطني للسياسة يسعي لتحرير مصر من الاستعمار البريطاني في أكثر أشكاله قسوة ووحشية وهو الاحتلال الاقتصادي وإضعاف همة الأمة ولذلك لم يكن غريبا أن يلتف المصريون حول دعوة طلعت حرب ومساندته ليس باعتباره مجرد رأسمالي وطني وإنما كأحد أهم قادة مصر من قبضة الاحتلال.