x

حلمي النمنم هل سقطت فلسطين من الذاكرة العربية؟ حلمي النمنم الثلاثاء 05-05-2015 21:58


«فلسطين هى قضية العرب المركزية».. جملة وعيناها منذ الطفولة وترددت دائماً على لسان الكثيرين من المحيط إلى الخليج، لكن تتكشف الأيام عن أنها ليست مركزية ولا حتى هامشية، بل قد لا تكون قضية بالمرة، لا بالنسبة لنا كعرب وربما حتى لدى بعض الفلسطينيين، سواء بالداخل أو بالخارج.

فى مصر نحن متفرقون تماماً فى مسألة الانتخابات البرلمانية وتقسيم الدوائر والقوائم الحزبية، ومنشغلون باقتراب مرور عام على حكم الرئيس السيسى وتقييم أداء الرئيس خلال هذا العام، وفى كل بلد عربى قضاياه الخاصة، وهناك المسألة اليمنية وما يجرى فيها من احتكاك غير مباشر بين إيران ودول الخليج، وفى سوريا تقلقنا الأوضاع البائسة، فسوريا الشقيقة تنحدر نحو التفكك والانفجار أو التشظى الداخلى، وفى العراق، الأمور ليست بخير، حيث تنظيم داعش والميليشيات الطائفية، وفى ليبيا الأمور لا تختلف كثيراً.

داخل فلسطين ذاتها، تحول الخلاف بين السلطة الوطنية وحماس إلى صراع، وهو يأخذ طابع صراع الوجود أحياناً وليس صراع الأدوار والوظائف، والنتيجة أن القضية الأولى لم تعد تحرير فلسطين، بل تحقيق المصالحة بين حكومة السلطة فى رام الله وحكومة حماس المقالة منذ سنوات.. وسط كل هذا الأنباء تترى أن غزة لم يتم تعمير بيت أو منشأة واحدة فيها منذ تدمير إسرائيل لها العام الماضى، صحيح أن هناك وعوداً بالإعمار من دول عربية وأوروبية، لكن الدول المانحة أحجمت عن وعودها، والحجة أنهم لا يعرفون لمن تقدم المعونات.. السلطة أم حماس، اللتين دب الخلاف بينهما مجدداً حول هذا الأمر، وتقول الإحصائيات إن نسبة البطالة فى ارتفاع حاد بقطاع غزة، لكن ماذا عن رام الله..؟ لا أتصور أن الوضع أفضل كثيراً.

والواقع أمامنا أن الرئيس عباس يعزف لحنه وحيداً، مطالباً بالدولة الفلسطينية، والدول العربية منشغلة تماماً، أما القوى العظمى فلديها ما يشغلها ولا تريد أن تعطى الشأن الفلسطينى شيئاً أكثر من التعاطف الإنسانى.. الرئيس أوباما وعد حين جاء إلى البيت الأبيض عام 2008 بإقامة الدولة الفلسطينية، وها هو يستعد ليلملم أوراقه ويغادر البيت الأبيض دون أن ينجز شيئاً فى هذا الملف، هو عموماً محاصر بأزمات ومشاكل داخلية، وأخرى على الصعيد العالمى، فى أوكرانيا وإيران والعراق وغيرها.

بعض المحللين الإسرائيليين يرصدون هذا وسعداء به، ونحن جميعاً سادرون فى همومنا الذاتية والمحلية، ولكن هذا لا يغير شيئاً من الحقيقة القائمة، وهى أن فلسطين بلد يقع تحت الاحتلال الإسرائيلى، وهذا الاحتلال لا يقوم بواجبه نحو الشعب المحتل، ذلك الواجب أو الالتزام الذى يفرضه القانون الدولى، وهناك أزمة إنسانية بحق فى فلسطين، لا أحد يريد أن يوليها ما تستحق من اهتمام.

ولا يمكن أن نغفل بعض النجاحات التى تتحقق، مثل قبول عضوية فلسطين فى المحكمة الجنائية الدولية، واعتراف عدة دول فى أوروبا وأمريكا اللاتينية بالدولة الفلسطينية، كل هذا جيد، لكنه بلا معنى ما لم يتم إعلان قيام دولة فلسطين على أرضها المحتلة.. دولة كاملة السيادة.

ولا يجب أن نشك فى حدوث ذلك ذات يوم، هذا العام يوافق الذكرى الستين لاندلاع الثورة الجزائرية، التى انتهت بإعلان استقلال الجزائر واعتراف العالم بها بعد 132 سنة من الاحتلال البغيض، ولابد فى هذه الذكرى أن نثق بأن فلسطين سوف تستقل يوماً ويعلن قيام دولتها.. وحتى يأتى هذا اليوم -عاجلاً- علينا أن نعيد فلسطين إلى دائرة الوعى العربى والاهتمام العربى والإنسانى كله. فى زحام الحوادث والكوارث ومع سخافات وبذاءات حركة حماس، خلط البعض بين فلسطين وحماس، وسقطت فلسطين من ذاكرة البعض، لكن الأوطان أبقى والجماعات الغبية إلى زوال.

لتستغرقنا قضايانا وهمومنا، ولننشغل بهموم وأزمات المنطقة، لكن لا يجب أن ننسى قضية بلد عربى تحت الاحتلال وشعب شقيق يعانى، وإذا كانت فلسطين تمثل للآخرين قضية إنسانية، فهى بالنسبة لنا فى مصر يجب أن تكون قضية أمن قومى - وهى كذلك - لسبب بسيط: أنها أول دولة على حدودنا، وما فيها ينعكس علينا ونتأثر به.. فلسطين لا يجوز أن تسقط من الذاكرة ولا من الاهتمام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية