نبذة من تاريخ الوفد الحديث
مع وفاة فؤاد باشا سراج الدين ومعظم نجوم الجيل الثالث للوفد إبرهيم باشا فرج. عبد الفتاح باشا حسن. د. وحيد رأفت. أحمد بك أباظة. د. حامد سلطان. د. محمد عصفور، تولى د. نعمان جمعة رئاسة الوفد. وكان د. نعمان شريفاً نقياً وودوداً. لكن بالتأكيد لم يكن من السهل ملء الفراغ الذى تركه فؤاد باشا. وقع د. نعمان صريعاً بعد انتخابات 2005 التى خاضها منافساً للرئيس مبارك. تفوق عليه أيمن نور الذى لا يملك حزباً ولا تاريخاً. كانت فضيحة للوفد كله. بعدها تعرض الوفد ود. نعمان لظروف عصيبة أسفرت عن تولى محمود أباظة رئاسة الحزب بدلاً منه. الذى بدوره تعرض فيما بعد لتغيرات حادة داخل الحزب أسفرت عن تولى د. سيد البدوى - بما يحمل من نوايا طيبة - الرئاسة. مع ذلك استمر الوفد فراغاً متصاعداً بعد فراغ. ترك فؤاد سراج الدين للوفد ثروة تقارب 100 مليون جنيه ومقراً رئيسياً وجريدةً تملأ السمع والبصر. والآن تبددت الثروة إلا قليلا- انهار توزيع الجريدة. وتعثرت اقتصاديتها. البعض يفكرون فى بيع المقر للخروج من محنة الوفد المالية.
■ ■ ■
فرصة جديدة للوفد
الهدف من هذا السرد ليس إقامة مندبة على الماضى. ولكن للتطلع إلى المستقبل. ليس مستقبل حزب الوفد فقط. ولكن مستقبل أمة بأسرها. باتجاهاتها المتباينة يميناً ووسطاً ويساراً. بأغنيائها وفقرائها. بأقلياتها وأغلبياتها.
من هنا كانت مسؤولية د. سيد البدوى. هو صيدلى ورجل صناعة وأعمال كبير. أعطى من عمره أكثر من ثلاثين عاما متطوعا للعمل العام. من خلال حزب الوفد الذى يترأسه الآن. هى رئاسة شرعية عن حزب انتهى عملياً. حزب مات إكلينيكياً. ومع ذلك هناك فرصة تلوح فى الأفق إذا غلب الإيثار على الأثرة. إذا تخلى مختاراً عن رئاسة الحزب. لا ليسلمه لفلان. المطلوب ليس استبدال شخص بآخر أبداً. هذا سيكون مدخلاً لانهيار الحزب. فليست فى قدرة شخص آخر إنقاذ مصر بالوفد. فى هذه الحالة لكان فعلها سيد البدوى نفسه. الاقتراح هو أن يسلم مفاتيح الحزب إلى لجنة من الشخصيات العامة - العازفة عن أى منصب سياسى أو حزبى. شرط ألا يكونوا طرفاً فى نزاع داخل الحزب أو حتى داخل المجتمع. لجنة تمثل المجتمع المصرى بكامل ألوانه وأطيافه. كان هذا دائما دور الوفد. نحن مقدمون على انتخابات. الوفد بمبادئه التاريخية المعلنة هو الوعاء الوحيد الذى يمكن أن يحتوى مختلف الفرقاء. هو سفينة نوح التى تستطيع أن تكون قوة تدعم الحكم ورئيسه. بدلاً من تركه نهباً لفرقاء قد يعطلون مسيرته. على حساب نهضة مصر. البديل أنهم سيتبارون فى نفاقه مما قد يعرضه للفساد. بهذا سيهدمون لنا أملا طالما تمنيناه. إذاً البديل هو تكتل مدنى يدعم السيسى ويدفع به للأمام. يحاسبه لو تجاوز. البديل هو الفراغ الذى نعانيه.
■ ■ ■
مغامرة الفراغ المدنى
هذا الفراغ كان مشغولاً على مدى 60 عاماً بحزب مدنى. نعم حكومى ولكنه ملأ فراغاً. الخطورة هو أننا قمنا بتسريح الحزب الحكومى بالضبط كما تم تسريح الجيش فى العراق. النتيجة أن العراق تمزق بدون جيش. ومصر فى هذه المحنة لن يملأ فراغها إلا الإخوان.
وأمام أعيننا التجربة التركية. حزب دينى بقيادة أربكان الذى أزاحه الجيش التركى وألغاه بالقانون. بعدها عاشت تركيا فى شبه فراغ سياسى مدنى. نزل شباب حزب أربكان ليعمل فى صمت وتحت الأرض. تدارك أخطاءه السابقة. طور وضعه القانونى. غير اسمه. وظهر فى صورة حزب جديد «العدالة والتنمية». غير الدستور ليحجم نفوذ الجيش. بل حاكم جنرالاته السابقين. اللاحقين. لتصبح السلطات كلها بين يدى ورثة أربكان باسم «التنمية والعدالة».
مصر تعانى من غياب اللُّحمة المدنية أكثر مما كانت تعانيه تركيا..
■ ■ ■
إخواننا وإخوانهم
الفارق هو أن إخوان مصر يختلفون عن إخوان تركيا. تركيا هى تقريباً جزء من أوروبا. تطالب بالانضمام للسوق الأوروبية. عاشت ما يقرب من ثمانين عاما فى علمانية حقيقية أرساها «أتاتورك». ألغى الخلافة. بينما إخوان مصر يريدون عودة الخلافة. لديهم ثأر مع الجيش والشعب. يريدون الثأر لحسن البنا- سيد قطب- مرشدهم السجين. هنا مكمن الخطر.
لهذا أعيد وأكرر. النصيحة ليست من أجل الوفد. بل من خلال الوفد. ومن أجل مستقبل مصر.