تشارك مصر اليوم دول العالم الاحتفال بعيد العمال، وهو احتفال سنوي يقام في دول عديدة احتفاء بالعمال، بدأت فكرة الاحتفال به بأستراليا عام 1856 ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول العالم، ويعتبر هذا اليوم عطلة رسمية في كثير من دول العالم.
وكشف الأثري ولاء الدين بدوي رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بالمتحف القومى للحضارة في تصريح له بهذه المناسبة، أن الكثيرين كانوا يعتقدون خطأ أن عيد العمال فكرة شيوعية، أو أنها تظاهرة عالمية حديثة، وفي الحقيقة أن فكرة «يوم العمال» بدأت في أستراليا يوم 21 إبريل 1856، وانتقلت إلى الولايات المتحدة بعد سنوات، ليكون أول احتفال رسمي بعيد العمال في الولايات المتحدة في 5 سبتمبر 1882 في مدينة نيويورك، وانتشر الحدث بعد ذلك ليصبح احتفالا عالميًا لتكريم العمال، وتم تحديد الأول من مايو للاحتفال به كذكرى لإحياء النضال من أجل 8 ساعات عمل في اليوم.
وأوضح أن ولاية شيكاغو الأمريكية، كانت أصل تلك الاحتفالات حين تفجرت نزاعات بين العمال وأرباب العمل لتخفيض ساعات العمل اليومي إلى 8 ساعات، وانتقلت هذه التظاهرات لمدينة هاميلتون في ولاية كاليفورنيا، ثم في تورونتو الكندية عام 1886، وهو ما أدى إلى ظهور قانون الاتحاد التجاري، الذي أضفى الصفة القانونية، وقام بحماية نشاط الاتحاد في عام 1872 بكندا.
وفي مصر، قال ولاء الدين بدوي، إن وجود الحركة العمالية المصرية يرجع إلى عهود سحيقة في التاريخ منذ أن قامت حضارة وادي النيل على تقديس العمل وتكريم العمال، وما كان للمصريين القدماء أن يتوصلوا إلى الإنجازات التي حققوها في مجالات العمارة والهندسة والزراعة والصناعة والتعدين والرسم والنحت، ما لم تكن حركتهم الجماعية قائمة على تنظيم محكم ودقيق، ومبادئ عادلة تحكم العلاقات بين مختلف القوى الاجتماعية، وتتيح لها أن تعبر عن الطاقات الخلاقة الكامنة في إطار من الموضوعية والحرية.
وأضاف أن المجتمع المصري القديم استحدث نظام العطلة الأسبوعية، وقنن الحقوق العمالية على أساس التضامن الاجتماعي البعيد عن التناقض والصراع، وعرف نظام المدن والتجمعات العمالية، حيث تم اكتشاف 3 مدن عمالية تم بناؤها منذ حوالي 5 آلاف عام.
وتابع إنه مع تعاقب مراحل التاريخ، عرفت الحركة العمالية في مصر نظام «الطوائف»، الذي يرجع إلى العصور الوسطى ليضم فئات الصناع والحرفيين، موضحا أن «الطائفة» تطلق على مجموعة من الناس يعملون في حرفة واحدة، يرأسها شيخ يتولى شئونها، وكان لمشايخ الطوائف نواب ووكلاء، يعرفون باسم «النقباء»، يختارهم حكام المدن التي يقيمون بها.
وأوضح أن «الشيخ» كان يقوم بوظائف كبيرة الأهمية، فهو الذي يفصل في المنازعات التي تنشأ بين أفراد الطائفة، ويحدد أثمان المنتجات، ويرتب درجات الأجور، ويسمح بدخول أعضاء جدد، ويرشد إلى كيفية تنفيذ العقود، ويجمع الرسوم والضرائب المقررة على أفراد الطائفة، وقد ظل هذا النظام ساريا حتى صدر قانون «الباتينه» في يناير 1890، والذي أنهى التعامل بنظام الطوائف.
وأشار إلى أن صدور هذا القانون وإلغاء نظام الطوائف كان بداية ظهور التنظيمات النقابية للعمال، والتي تمخضت عن تشكيل نقابة عمال السجائر في مصر عام 1898 كأول نقابة مصرية ولدت في أعقاب إضراب ناجح حدث في نهاية ذلك العام وانتهى في فبراير 1900، ومن ثم بدأت الإنطلاقة لميلاد التنظيمات النقابية في مصر التي أخذت تمارس دورها، وتنظم الإضرابات، رغم عدم وجود قانون يحميها ويسبغ عليها الشرعية، لافتًا إلى أن أول قانون يعترف بالنقابات في مصر صدر في سبتمبر 1942 وهو القانون رقم 85 لسنة 1942.
وذكر أن النقابات في مصر كانت بذلك الوقت نقابات منشآت حيث حرم القانون التنظيم النقابى للعاملين بالحكومة وعمال الزراعة، وفي عام 1959 تم إلغاء نقابات المنشآت، والأخذ بنظام النقابة العامة على مستوى الصناعة، وهو النظام الحالي، الذي يقضي بتصنيف الصناعات والأنشطة الاقتصادية التي يمكن للعاملين بها تكوين «نقابة عامة» إلى 25 نقابة عامة على رأسها الاتحاد العام لنقابات عمال مصر وذلك بمقتضى القانون المنظم للنقابات العمالية في مصر، رقم 35 لسنة 1976، المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1981، وبالقانون رقم 12 لسنة 1995.