x

الحد الأدنى والأقصى للأجور.. صراع «العدالة الاجتماعية» منذ الخمسينيات

الخميس 30-04-2015 12:57 | كتب: محمد أبو العينين |
جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات تصوير : اخبار

رغم تعدد القرارات القضائية والحكومية القاضية بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، إلا أن كليهما لايزال حلمًا مؤجلاً لعمال مصر. فرغم قرار المحكمة الإدارية العليا بتفعيل تطبيق الحد الأدنى الذى حددته بمبلغ 1200 جنيه شهريًا، إلا أن قطاعات حكومية عدة لم تطبق الحكم، رغم قرار الحكومة نفسها ببدء تطبيق الحد الأدنى مطلع العام الحالى.

مع تطور النقاش حول الحد الأدنى للأجور بداية من عهد الرئيس جمال عبدالناصر إلى الآن، تطورت معه المطالبات بوضع وتطبيق حد أقصى للأجور وهو ما أقر فعلا بنص القانون رقم 63 لعام 2014، القاضى بتحديد الحد الأقصى بما لا يزيد عن 35 ضعفا الحد الأدنى.

وفق دراسة نشرها عام 2010 الدكتور أحمد سيد النجار، المدير الأسبق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورئيس مجلس إدارة الأهرام الحالى، فإن أول حد أدنى للأجور «فى زمن عبدالناصر» وصل إلى 18 قرشا فى اليوم بما يعادل 5 جنيهات شهرياً، كانت تكفى لشراء 34 كيلو من اللحم، أى أن هذا المبلغ يعادل حاليًا 2000 جنيه.

وفى عهد السادات الذى انتهج سياسة الانفتاح، تغير التوجه المالى للدولة من الاشتراكية إلى الرأسمالية والاقتصاد الحر، وزادت الإضرابات والمطالبات بزيادة الأجور، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع الاقتصاد فى الأعوام التى تلت الهزيمة العسكرية عام 1967 (النكسة)، وبلغ الحد الأدنى للأجر الأساسى للعامل 16 جنيهًا بموجب القانونين 47، 48 لسنة 1978 المنظمين لشؤون العاملين بالدولة وموظفى القطاع العام. ويعادل هذا المبلغ ثمن 320 كيلو جراماً من الأرز بسعر 5 قروش للكيلو، وقتها، وهى نفس الكمية التى تعادل 1300 جنيه فى الوقت الحالى. ووصل الراتب الكلى لخريج الجامعة فى بداية اشتغاله بالجهاز الحكومى إلى 28 جنيهًا أواخر عصر السادات.

ووفقًا للدراسة فإنه مع تولى مبارك السلطة، زادت الأسعار بشكل أكبر، ولم يتم تحديد حد أدنى للأجور. وكان متوسط الدخل الأدنى حوالى 200 جنيه فى الشهر عام 2007، وهو ما كان يعادل 4 كيلو من اللحم أو 65 كيلو من الأرز.

وفى العام ذاته ظهرت مطالبات لإقرار الحد الأدنى، كان منها مشروع المجلس القومى للأجور الذى طالب بـمبلغ 400 جنيه شهريًا كحد أدنى، ومقترح اتحاد العمال الذى طالب بـ 600 جنيه. وفى العام المالى 2009 قدرت حسابات القومى للأجور الحد الأدنى الكافى لضرورات الحياة بمبلغ 530 جنيها، فى حين طالب اتحاد العمال بـ800 جنيه.

احتدمت المطالب المنادية بالحد الأدنى للأجور قبل ثورة يناير خاصة فى 30 مارس 2010، حين ألزمت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة الحكومة المصرية بتحديد الحد الأدنى للأجور بمبلغ 1200 جنيه. ومع تجاهل الحكومة تنفيذ الحكم، استشكل أصحاب الدعوى أمام المحكمة وطالبوا بإلزام الحكومة بالتنفيذ وصدر الحكم فى 26 أكتوبر 2010.

فى اليوم التالى للحكم حسم المجلس القومى للأجور قراره بزيادة الحد الأدنى للأجور من 112 جنيها وفق القانون الصادر عام 1984 شاملة التأمينات والعلاوات إلى 400 جنيه لجميع العاملين فى مصر، وهو القرار الذى وافقت عليه الحكومة وممثلو منظمات أصحاب الأعمال، ورفضه ممثلو العمال فى المجلس.

فى أول حكومة بعد ثورة يناير أعلن الدكتور سمير رضوان، وزير المالية فى حكومة الدكتور عصام شرف، أن الحد الأدنى للأجور 700 جنيه، بزيادة 250 جنيهاً عن الحد الأدنى وقتها، على أن يصل خلال 5 سنوات من تطبيقه إلى 1200 جنيه، لكن الاتحادات العمالية رفضت، واعتبرت أن المبلغ «غير كاف» مقارنة بما وصفوه بالارتفاع الكبير فى الأسعار بعد الثورة.

حكومة المهندس إبراهيم محلب، قررت تطبيق الحد الأدنى للأجور بمبلغ 1200 جنيه اعتبارًا من يناير 2015، لكن أصواتا عمالية قالت إن «المبلغ أصبح أقل من أسعار السوق»، وطالبوا برفع المبلغ إلى 1500 جنيه. وفى الوقت نفسه لم تلتزم بعض المؤسسات الحكومية بقرار محلب ولم تقم بتطبيق الحد الأدنى البالغ 1200 جنيه حتى اللحظة.

لم يحظ الحد الأقصى للأجور بنفس زخم مناقشات الحد الأدنى، وبدأ الحديث المكثف حوله بعد ثورة يناير، حيث طالب حقوقيون وسياسيون بتطبيق حد أعلى للأجور، لتوفير موارد الدولة وتوسيع قاعدة هيكلة الأجور لتصبح أكثر عدالة. واستجابت الحكومة بالقانون رقم 63 لعام 2014 الذى حدد الحد الأقصى بـ 35 ضعف الحد الأدنى، وهو ما يعادل 42 ألف جنيه، وقابلته بعض الجهات بالرفض فى قطاعات البترول والبنوك والاتصالات وبعض الجهات السيادية، وجهات قضائية.

المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات شكا من بعض الجهات التى لم تطبق الحد الأقصى للأجور، وخص بالذكر المحكمة الدستورية العليا، التى رأت أن قانون الحد الأقصى لا ينطبق عليها.

قانون الحد الأقصى الذى أصدره رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، استثنى العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسى، والقنصلى، والتجارى، ومن يمثلون مصر أثناء مدة عملهم فى الخارج فقط. ورغم القرار الجمهورى، تتسع قاعدة الاستثناءات يومًا بعد الآخر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية