تقدمت ليلى عطية إسحاق، المحامية، بصفتها وكيلة عن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الثلاثاء، بطعن قضائي، أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة على حكم صادر من محكمة القضاء الإداري، يلزم الكنيسة بمنح تصريح بالزواج الثاني لمواطن مسيحي.
حمل الطعن رقم «28032»، لسنة 61 قضائية، طالبت خلاله بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري «أول درجة» الصادر لصالح هاني وصفي دميان بإلزام البابا بمنح المسيحيين الأرثوذوكس تصريح الزواج الثاني.
واستند البابا تواضروس في طعنه، على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون، وأوضح أن الكنيسة لم تمانع في منح المدعي تصريحًا بالزواج بل طلب المجلس الإكليريكي إحضار الخطيبة، وهو مجرد إجراء تمهيدي وليس قرارًا إداريًا يجوز الطعن عليه، كما أن المجلس سلطته دينية وﻻ يخضع في قرارته التي يصدرها سوى للرئاسة الدينية، فيبحث كل حالة تعرض عليه ويفوض الرأي النهائي للرئاسة الدينية، التي تبدي رأيها وفقا لنصوص كتاب الإنجيل المقدس، ما يكون معه مجلس الدولة غير مختص بنظر القضية.
كانت الدائرة الأولى بمحكمه القضاء الإداري، أصدرت حكمًا موضوعيًا لصالح هاني وصفي دميان، بالزام الكنيسه الارثوذكيه بمنحه تصريحا بالزواج للمره الثانية، وكان «دميان» أقام دعواه في 5 مايو 2008 ضد البابا شنوده الثالث، بصفته بابا وبطريرك الكرازه المرقسيه للاقباط الارثوذكس، والانبا بوﻻ بصفته رئيس المجلس الاكليريكي العام للاقباط الارثوذكس، موضحا أنه تزوج إﻻ أن زوجته كانت دائمة اﻹساءة إليه والتعدي عليه بالسب والقذف، ما دفعه لإقامة دعوي أمام المحكمة التي قضت بتطليقه من زوجته، ثم تقدم بطلب للمجلس الإكليريكي للحصول على تصريح بالزواج الثاني، إﻻ أن طلبه رُفِض.
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها السابق أن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط الأرثوذكس كافة، وهي في سبيل ذلك خولها القانوني بالسلطات اللازمة بموافقة الأقباط وتقديم الخدمات اللازمة لهم، وهذه المهمة من مهام الدولة ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة في هذا الخصوص إنما هو نشاط إداري دعت إليه اعتبارات الصالح العام، وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها، ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسيا حسبما ما ورد النص عليه في المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يعدو في حقيقته إلا أن يكون قرارا إداريا يخضع لرقابة القضاء الإدارى وبطلب إلغائه يدخل في الاختصاص المعقود لذلك القضاء بمقتضى المادة (10) من قانون مجلس الدولة إلا أن ذلك لا يمس المعتقد المسيحى ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما استكمل شرائط صحته وضوابط نفاذه للتيقن من أن الرئيس الدينى وهو يباشر اختصاصه في منح أو منع التصريح لم يتجاوز سلطاته المنوطة به وهو ما لا يعد تدخلا من القضاء في المعتقد الدينى وإنما هو إعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها، الأمر الذي يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري لانتفاء ولايته أو انتفاء القرار الإداري لا سند لهما من القانون.
وذكرت المحكمه في حيثيات حكمها، ان المجلس الاكليريكي لم يمتنع عن اصدار تصريح الزواج الثاني، لكنه اشترط لمنح التصريح ضروره احضار الخطيبه واعلامها بالظروف الصحيه للمدعي، دون أي سند قانوني، وهو ما يعد التفافا ومصادره لحقه القانوني والشرعي في الزواج بأخرى بعد تطليقه للأولى، خاصه انه قدم ما يفيد خلوه من الامراض التي قد تعوق الزواج، وأضافت أن اﻻمتناع عن منحه تصريح الزواج يحرمه من تكوين أسرة يأوى إليها وينعم بالطمأنينة واﻻستقرار في رحابها، مثل غيره من الراغبين في العفه بالزواج، بالمخالفه لأحكام الدستور والشرائع السماوية.